- الكيان الصهيونى يستهدف الكوادر الطبية.. وضيق الخناق على حركة الأطباء..
- آلاف الأطباء من الداخل الفلسطيني ودول عربية شقيقة مستعدون للدخول لكن الاحتلال يرفض..
- آلاف الشاحنات من المساعدات متوقفة على المعابر منذ أشهر ولم نتمكن من إدخال شربة ماء..
- الوضع الصحى بغزة ينذ بكارثة مع وجود الجثث تحت الأنقاض وتكدس السكان في أماكن ضيقة مع انخفاض المناعة العامة..
- العدوان على غزة يمتد إلى الضفة الغربية وتلقينا باقتحام المستشفيات في جنين وطولكرم..
بين أنين الجرحى وصفارات الإسعاف، يقف الأطباء في غزة على خط النار، ليس كأطباء فحسب، بل كحماة للحياة في وجه آلة الموت، لا جدران تحميهم، ولا ضمانات توفر لهم الأمان، سوى قسمهم الذى أقسموه يوم اختاروا مهنة الطب.
في زمن يفترض أن تكون فيه الكوادر الصحية خطا أحمر لا يمس، تحولت المستشفيات في غزة إلى أهداف، والأطباء إلى شهداء، والمسعفون إلى أسرى، وبرغم ذلك، ما زالوا على العهد: ينقذون المصابين بما توفر من أدوات، يضمدون الجراح تحت القصف، ويقاومون بالفكرة والضمير.
في هذا الحوار، يفتح لنا الدكتور شوقي صبحة، نقيب الأطباء الفلسطينيين، نافذة على واقع مهني وإنساني شديد القسوة، يروي كيف تحوّل القطاع الصحي إلى خط مواجهة مفتوح، وكيف يواجه الأطباء في غزة موتًا مزدوجًا: موت المهنة، وموت الإنسان.
- كيف تصفون الوضع الصحي الحالي في قطاع غزة؟
الوضع كارثي يفوق الوصف، ما يُنقل في الإعلام لا يعكس سوى جزء من الواقع، بينما الحقيقة أكثر رعبا، الكوادر الطبية تُستهدف مباشرة؛ هناك من يُقتل أثناء أداء واجبه الإنساني، وهناك من يُعتقل ويُعذب، الاحتلال دمر المرافق الصحية بالكامل تقريبا، ومنع إدخال الأدوية والمستلزمات، وضيّق الخناق على حركة الأطباء، باختصار، المنظومة الصحية في غزة انهارت تمامًا، وما يجري هو "موت بطيء" للجرحى وسط عجز كامل عن إنقاذهم.
- هل لديكم إحصاءات عن حجم الخسائر في صفوف الطواقم الطبية؟
الأعداد تتغير كل ساعة، بسبب استمرار العدوان، لكن ما يمكن تأكيده أن هناك عشرات الشهداء من الأطباء والمسعفين، إلى جانب عدد كبير من الإصابات والاعتقالات، وبعض الكوادر تُصفي بدم بارد داخل المستشفيات، وهناك جرحى تُركوا ينزفون حتى الموت لعدم توفر الإمكانيات أو بسبب استهداف سيارات الإسعاف.
- هل هناك حالات موثقة لاستهداف الجرحى داخل المرافق الطبية؟
نعم، للأسف. لدينا حالات مؤكدة تم فيها تصفية الجرحى داخل أسِرّتهم، بعد اقتحام المستشفيات من قبل قوات الاحتلال. الاحتلال لا يكتفي بمنع العلاج، بل ينفذ عمليات إعدام ميدانية داخل مرافق صحية يُفترض أنها محمية بموجب القانون الدولي.
.jpeg)
نقيب أطباء فلسطين والزميلة آية دعبس
- هل تمكنتم من إدخال أي مساعدات أو كوادر طبية منذ بداية العدوان؟
حتى هذه اللحظة، لم ننجح في إدخال كادر طبي واحد إلى قطاع غزة، رغم الجهود المتواصلة. آلاف الأطباء من الداخل الفلسطيني ومن دول عربية شقيقة مستعدون للدخول فورًا، لكن الاحتلال يرفض تمامًا، ويمنع دخول الكوادر، والأدوية، والمعدات، وحتى المياه، لم نتمكن من إدخال شربة ماء، هناك آلاف الشاحنات متوقفة على المعابر منذ أشهر.
- كيف تتعامل المؤسسات الدولية مع ما يحدث؟ هل كان لها أي دور ملموس؟
للأسف، كل هذه المؤسسات فشلت فشلا ذريعا، الصليب الأحمر، ومنظمات حماية الطفل والمرأة، والمؤسسات الصحية التي أنفقت الملايين على المؤتمرات والدورات، صامتة، لم يصدر عنها موقف واضح أو تدخل جاد، لذلك نحن نقول بوضوح: لا نريد من هذه المؤسسات شيئًا بعد الآن، فقد خذلتنا.
- ما حجم الكارثة الصحية داخل القطاع حاليًا؟
القطاع الصحي لم يعد قادرًا على أداء وظيفته، معظم المستشفيات مدمرة، غرف العمليات والعناية المركزة شبه معدومة، الأدوية غير متوفرة، ولا توجد أجهزة أو تجهيزات، العمليات تُجرى أحيانا دون تخدير، وعمليات البتر تُنفذ في ظروف بدائية، ذلك بخلاف أن الكوادر الطبية منهكة تمامًا.
- هل هناك خطر من تفشي الأمراض والأوبئة؟
بلا شك، نحن أمام قنبلة صحية موقوتة، مع وجود الجثث تحت الأنقاض، وتكدس السكان في أماكن ضيقة، وانعدام النظافة والمياه، من المتوقع ظهور أمراض مثل السل، والأمراض الجلدية، وأوبئة أخرى، المناعة العامة منخفضة، والوضع ينذر بكارثة مستقبلية، خصوصًا مع غياب أي بنية للتعامل مع هذه الأوبئة.
- هل هناك تواصل بين النقابة والأطباء في غزة؟
التواصل صعب جدا، الإنترنت مقطوع، والاتصالات مراقبة أو متقطعة، وإن تمكنا من التواصل، فالواقع لا يسمح باتخاذ أي خطوات فعلية، لا يوجد شيء يمكننا تقديمه من الخارج بسبب الحصار التام، وحتى المساعدات التى تصل تبقى محاصرة على المعابر.
.jpeg)
نقيب أطباء فلسطين فى حوار لـ"اليوم السابع"
- هناك تهديدات إسرائيلية مؤخرا لمستشفيات الضفة أيضا، كيف تتعاملون مع هذا؟
الاحتلال يُهدد باقتحام المستشفيات في جنين وطولكرم، وقد سبق ونفذ عمليات تصفية لمرضى داخلها، ما يحدث في غزة يتمدد إلى الضفة الغربية، وكأن هناك مخططًا لتصفية كل أشكال الحياة الفلسطينية، وليس فقط البنية الصحية.
- كيف ترون الدور المصري في دعم القطاع الصحي الفلسطيني؟
مصر هي "أم العرب"، مصر دوما داعما أساسيا للقضية الفلسطينية، واستقبال الجرحى وفتح معبر رفح خطوات مهمة، ونثمّنها، لكننا نطمح إلى دور مصري أقوى في الضغط لوقف الحرب، والسماح بإدخال المساعدات، وفتح ممرات آمنة للكوادر الطبية والمستلزمات.
- رغم كل ما سبق، نرى مبادرات فردية مستمرة من الكوادر الطبية داخل غزة.. كيف تفسرون هذه الروح؟
هؤلاء الأطباء أبطال حقيقيون، رغم انعدام كل شيء، ما زالوا يعملون بروح الجندي في ساحة المعركة، بعضهم انتشل الجرحى من تحت الأنقاض بيديه، والبعض أجرى عمليات بمعدات يدوية، نحن نعمل في السلم والحرب، وهذا واجبنا، إنقاذ الأرواح هو رسالتنا، ولن نتوقف عنها.
- ما رسالتكم الأخيرة للعالم؟
رسالتي للعالم هي: أنقذوا ما تبقى من غزة، ما يحدث ليس حربا، بل إبادة جماعية موثقة، المطلوب فقط: وقف القتل، السماح بالعلاج، حماية المدنيين، وإنقاذ ما تبقى من حياة، وعلى العرب والمسلمين أن يتحركوا فورا قبل أن تمحى غزة من الوجود.