أدرج الجهاز القومى للتنسيق الحضارى برئاسة المهندس محمد أبو سعدة، اسم القانونى السياسى عبد الرزاق السنهورى، فى مشروع حكاية شارع، حيث تم وضع لافتة تحمل اسمه وكل المعلومات على أحد الشوارع بمنطقة مدينة نصر.
ولد عبد الرزاق السنهورى فى الإسكندرية فى 11 أغسطس 1895، لأسرة فقيرة، وعاش طفولته يتيمًا، حيث توفى والده الذى كان موظفًا بمجلس بلدية الإسكندرية، ولم يكن يبلغ من العمر أكثر من خمس سنوات.
بدأ تعليمه فى الكتاب، ثم انتقل بعد وفاة والده إلى "مدرسة راتب باشا الابتدائية" ثم التحق بـ"مدرسة رأس التين الثانوية" فـ"المدرسة العباسية الثانوية" بالإسكندرية، ومنها حصل على الشهادة الثانوية عام 1913، وكان ترتيبه الثاني على طلاب القطر المصري. ثم بمدرسة الحقوق الخديوية بالقاهرة عام 1913، وفى نفس الوقت كان يعمل موظفًا بالمالية حتى حصل على ليسانس الحقوق عام 1917، وجاء ترتيبه الأول على جميع الطلاب، رغم أنه كان يعمل إلى جانب دراسته.
أُرسل في بعثة إلى فرنسا، وكتب هناك رسالتين حصل بهما على الدكتوراة؛ فكانت الأولى في القانون المدني وفلسفته، وكانت مقارنة بين القانون المدني البريطاني، والشريعة الإسلامية. أما الرسالة الثانية فحصل بها على الدكتوراة عام 1926، وكان موضوعها حول مفهوم السلطة في الخلافة الإسلامية، كما حصل على الدبلوم العالي في معهد القانون التجاري بجامعة باريس عام 1926.
عين السنهوري عقب تخرجه من مدرسة الحقوق وكيلًا للنائب العام في المنصورة عام 1917، شارك أثناء عمله بالنيابة العامة في ثورة 1919، فعاقبته سلطات الاحتلال الإنجليزي بالنقل إلى مدينة أسيوط أقصى جنوب مصر، ثم لم يلبث أن رُقي سنة 1920 إلى منصب وكيل النائب العام، وفي نفس العام انتقل من العمل بالنيابة إلى تدريس القانون في مدرسة القضاء الشرعي، وهي واحدة من أهم مؤسسات التعليم العالي المصري التي أسهمت في تجديد الفكر الإسلامي منذ إنشائها عام 1907، وزامل فيها كوكبة من أعلام التجديد والاجتهاد، مثل الأساتذة أحمد إبراهيم وعبد الوهاب خلاف وعبد الوهاب عزام وأحمد أمين، وتتلمذ عليه عدد من أشهر علماء مصر، وعلى رأسهم الشيخ محمد أبو زهرة.
سافر السنهوري إلى فرنسا عام 1921 في بعثة علمية لدراسة القانون بجامعة "ليون"، وهناك تبلورت عنده الفكرة الإسلامية، وبدأ يتخذ الموقف النقدي من الحضارة الغربية، فانتقد الانبهار بالغرب، وهاجم تبني "منصور فهمي" لمقولات المستشرقين، وهاجم موقف "الشيخ علي عبد الرازق" من الخلافة الإسلامية.
وفي فرنسا وضع السنهوري رسالته الإصلاحية التي عرفت بـ (مواد البرنامج) الذي يتضمن رؤيته في الإصلاح، وأنجز خلال وجوده في فرنسا رسالته للدكتوراه (القيود التعاقدية على حرية العمل في القضاء الإنجليزي)، ونال عنها جائزة أحسن رسالة دكتوراة. – وأثناء وجوده هناك ألغيت الخلافة الإسلامية، فأنجز رسالة أخرى للدكتوراة عن (فقه الخلافة وتطورها لتصبح هيئة أمم شرقية) رغم عدم تكليفه بها وتحذير أساتذته من صعوبتها والمناخ الأوروبي السياسي والفكري المعادي لفكرتها.
عين السنهوري بعد عودته من فرنسا عام 1926 مدرسًا للقانون المدني بكلية الحقوق بالجامعة المصرية (القاهرة الآن)، وقد شارك السنهوري في المعارك السياسية والفكرية التي كانت تموج بها الحياة في مصر قبل ثورة يوليو 1952، وكان قريبًا من كل تيارات التغيير والإصلاح رغم عدم انضمامه لحزب أو تنظيم.
وبعد مضي مدة من قيامه بالتدريس في كلية الحقوق فصلته الحكومة سنة 1934 من الجامعة لأسباب سياسية، فقام بالسفر إلى العراق سنة 1935 بدعوة من حكومتها، فأنشأ هناك كلية للحقوق، وأصدر مجلة القضاء، ووضع مشروع القانون المدني للدولة، ووضع عددًا من المؤلفات القانونية لطلاب العراق، وفي عام 1937 عاد من العراق إلى مصر فعين عميدًا لكلية الحقوق، ثم لم يلبث نُقل من عمادة كلية الحقوق إلى وزارة الحقانية (العدل) مسئولاً عن تصفية المحاكم المختلطة عامي 1938 و1939 بناءً على معاهدة 1936.
وقد كلف السنهوري بعدها بتنفيذ مشروعه بوضع قانون مدني جديد شامل والذي يعد أبرز أعماله، وقد بدأ فيه بمفرده عام 1938، ووضع صياغة المحكمة التي شملت جميع قواعد تشريعات المعاملات في الفقه الإسلامي السني دون التقييد بمذهب واحد من مذاهب أهل السنة مُتبعًا في ذلك مدرسة أستاذه الشيخ محمد عبده، ومنطلقًا من خبرته الأولى عن التمسك بالقواعد والأصول واستنباط التعليقات المناسبة لكل طرف، وقد انتهى السنهوري من وضع القانون المدني في عام 1945 وطرحه للمناقشة في مجلس الدولة، وتم إقراره وصدوره عام 1948، وهذا القانون هو الذي أسس عليه السنهوري فيما بعد القوانين المدنية.
وقد عاد السنهوري للعراق سنة 1943 لاستكمال مشروع القانون المدني الجديد، ولكن بسبب ضغوط الحكومة المصرية "الوفدية" على الحكومة العراقية اضطر للسفر إلى دمشق، وبدأ وضع مشروع القانون المدنى لها، لكن أعيد مرة أخرى لمصر بسبب ضغوط حكومية، وضع أثناء وجوده في دمشق أول مخطط لإنشاء اتحاد عربي سنة 1944 قبل قيام الجامعة العربية.
تولى وزارة المعارف العمومية أربع مرات بين عامي (1945- 1949)، وفي أثنائها تم تأسيس جامعة فاروق الأول (الإسكندرية الآن).
أسند إلى السنهوري رئاسة مجلس الدولة في عام 1949، وظل بالمنصب حتى عام 1954، معتبرًا نفسه الأب الروحي لمجلس الدولة فاستكمل بناءه، وأحدث أكبر تطوير تنظيمي وإداري للمجلس في تاريخه، وأصدر أول مجلة له، وتحول المجلس في عهده للحريات واستمر فيه إلى ما بعد ثورة يوليو سنة 1952.
عند قيام ثورة 1952 أيدها وشارك في صياغة المبادئ الستة للثورة التي أعلنها مجلس قيادة الثورة، وأطلق عليها "عقد النور"، كما شارك في صياغة بيان تنازل الملك فاروق عن العرش، وفى صياغة قانون الإصلاح الزراعي.
وعندما وقعت أحداث أزمة مارس 1954 انضم السنهورى إلى المطالبين بالحكم الدستورى وحل مجلس قيادة الثورة واختيار رئيس منتخب؛ ولذلك عُزل من رئاسة مجلس الدولة، وحُرم من حقوقه السياسية وتفرغ للعمل العلمي، ولا يُذكر السنهوري إلا وتذكر معه واقعة الاعتداء على مجلس الدولة التي وقعت في 20 مارس 1954 باقتحام مجموعة من المتظاهرين لمبنى مجلس الدولة والاعتداء على السنهوري.
شارك في وضع الدستور المصري بعد إلغاء دستور 1923، سافر إلى ليبيا بعد استقلالها، حيث وضع لها قانونها المدني الذي صدر سنة 1953 دون مقابل، حدث صدام بينه وبين الرئيس جمال عبد الناصر سنة 1954م أقيل بسببه من مجلس الدولة، فاعتزل الحياة العامة حتى وفاته.
توفي الدكتور عبد الرازق السنهوري في 21 يوليو 1971 عن عمر ناهز 76 عاما، و كان ولا يزال على رأس الصفوة من عباقرة القانون القرن العشرين.

عبد الرزاق السنهورى فى مشروع حكاية شارع