كان "الأمل" آخر ما كتب البابا فرانسيس ونشرها قبل وفاته، حيث وصلت إلى أرفف مكتبات أكثر من 100 دولة حول العالم في يناير الماضى، وتعد هذه الذكرات التي تحمل اسم "الأمل" Hope ، أول سيرة ذاتية تنشر في التاريخ لبابا لا يزال في منصبه قبل وفاته.
واستغرق بابا الفاتيكان 6 سنوات لكتابتها ، قبل أن ينتهى منها في ديسمبر 2024 ، وكان من المفترض أن تُنشر هذه المذكرات بعد وفاة البابا فرنسيس، وفقًا لرغبته، قبل الاستقرار على نشرها خلال العام الجارى 2025، والذى يوافق ما يُعرف فى الكنيسة الكاثوليكية باسم "يوبيل الأمل"، ويروى من خلالها قصته بالكامل، فى حوالى 400 صفحة، بضمير المتكلم.
تبدأ مذكرات البابا فرنسيس من أوائل القرن العشرين، ويتحدث فيها عن جذوره الإيطالية، وهجرة أجداده إلى أمريكا اللاتينية، مرورًا بمرحلة الطفولة، وحماسة واضطرابات الشباب، وصولًا إلى الاختيار المهنى والنضج، حتى فترة المنصب الدينى بأكملها والوقت الحاضر.
وتحتوى المذكرات على العديد من القصص الخاصة والعائلية والإنسانية للغاية، لذلك الرجل الذى وُلد باسم "خورخى ماريو بيرجوليو"، وكثير منها يتعلق بالطفولة والشباب، منها أنه كان محبا لكرة القدم ، وحدثت لأسرته مأساة وهو في سن صغير ، حيث أصيب والده بنوبة قلبية خلال إحدى مباريات سان لورينزو بعد إجراز هدف ، ورغم حمله إلى المنزل ومنحه المساعدة الطبية، توفى بسبب سكتة قلبية فى غضون 20 يومًا، ومنذ هذا الوقت ويتولى فرانسيس مسئولية أسرته.
كما كشفت المذكرات عن حب البابا فرانسيس الطفولى، حيث قال في مذكراته " شعرت بالعشق اتجاه فتاتين واحدة فى فلوريس فى بوينس آيرس بالأرجنتين، والأخرى من حى باليرمو فى إيطاليا.
وأضاف: لقد التقيت بفتاة باليرمو لأن آباءنا كانوا أصدقاء، وكانت العائلتان قد بدأتا فى رؤية بعضهما البعض. لكنها لم تكن ارتباطات رسمية، لقد خرجنا معًا، وذهبنا لرقص التانجو، وكنت فى السابعة عشرة من عمرى، وكان بداخلى بالفعل قلق بشأن الدعوة والكهنوت.
وأقر البابا بأنه كان قلقًا من "دخول الكهنوت"، ومدة دخوله إلى هذه الحياة، لكنه فى النهاية فعل. يقول: "فى بداية حبريتى، كان لدى شعور بأنها ستكون قصيرة، اعتقدت أنها 3 أو 4 سنوات، ليس أكثر.
وأضاف: "لقد قلت ذلك فى محادثة مع صحفى تليفزيونى مكسيكى. لقد كان شعورًا غير واضح لكنه قوى إلى حد ما. لم أكن أتصور أننى سأكتب 4 رسائل بابوية، وكل تلك الرسائل والوثائق والإرشادات الرسولية، ولا أننى سأقوم بكل تلك الرحلات إلى أكثر من 60 بلدًا".
ويتناول كتاب الأمل مواضيع مثل الأسرة والهجرة وأزمة المناخ والتقنيات الجديدة والسلام، وأشار فيه لأول مرة إلى "الإبادة الجماعية" فى غزة.
وأشار بابا الفاتيكان، البابا فرانسيس، للمرة الأولى، إلى اتهامات بالإبادة الجماعية فى غزة فى إشارة إلى الهجمات الإسرائيلية فى القطاع، ويدعو إلى إجراء تحقيق، وقال البابا فرانسيس إن "ما يحدث في غزة، والذي يبدو، وفقا لبعض الخبراء، يحمل سمات الإبادة الجماعية، يجب التحقيق فيه بعناية لتحديد ما إذا كان يقع ضمن التعريف الفني الذي يتبناه القانونيون والمنظمات الدولية".
ووفقا لصحيفة لا ستامبا الإيطالية ، فقد أكد البابا فى كتابه أنه من الضروري للغاية معالجة الأسباب التي تسبب الهجرة في بلدان الأصل، وبهذا المعنى، يؤكد أنه لا يمكن لأي دولة أن تواجه هذا التحدي بمعزل عن غيرها، أو بسياسات مقيدة بدافع الخوف أو المصالح الانتخابية.
وفي إشارة إلى الحرب في أوكرانيا، أشاد باستقبال اللاجئين في أوروبا، كما يلقي نظره على أفريقيا، مستنكرا "الاستعمار الاقتصادى" ويدعو الحكام إلى "ممارسة سياسة جيدة" والتصرف "بطريقة شفافة وصادقة ومتطلعة إلى الأمام وفي خدمة الجميع"، وخاصة الأكثر ضعفا.
كما سلط البابا فرانسيس الضوء على أهمية تعزيز الهجرة "المدارة بشكل جيد"، والتي يمكن أن تساعد في حل "الأزمة الخطيرة الناجمة عن انخفاض معدلات المواليد"، وخاصة في أوروبا، طالما أن التنمية المتكاملة للمهاجرين مضمونة ولم يعد يتم أخذهم في الاعتبار. "مواطنون من الدرجة الثانية".
ويضع بابا الفاتيكان أمله في الحوار بين الأجيال لتعزيز رعاية "البيت المشترك"، مشيدًا في الوقت نفسه بالمبادرات التي يقوم بها الشباب لتحقيق "عالم أكثر عدلاً وصديقًا للبيئة"، كما حذر من أن "من لا يعرف تاريخه محكوم عليه بإعادته"، في إشارة إلى "الحرب العالمية الثالثة" التي مركزها أوروبا.