أدى الهجوم التجارى الذى شنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، والذى بدأ بالفعل بفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على معظم شركاء الولايات المتحدة التجاريين إلى إحياء الجهود السياسية الرامية إلى تعزيز اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبى ودول ميركوسور، وذلك بعد 25 عاما من المفاوضات.
وبعد خمسة وعشرين عاما من المفاوضات والتوقيع الرسمي في ديسمبر 2024، لم يتم التصديق على المعاهدة بعد، ولكن الوضع الدولي قد يفتح نافذة حاسمة لتنفيذها، حيث أعربت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي، عن تقديم مقترح لاتفاقية التجارة الحرة مع ميركوسور إلى دول الكتلة قبل نهاية الصيف (يونيو إلى سبتمبر )، حسبما قال أولوف جيل، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية لشئون التجارة.
وأشار جيل إلى أن "المراجعة القانونية للوثائق جارية، ونريد ضمان إجرائها بدقة بالغة. والهدف هو تقديم مقترح قبل نهاية الصيف".
وأضاف المتحدث أن المفوضية ستكون على اتصال "مستمر" مع دول الاتحاد الأوروبي "لمناقشة ما نعتبره المزايا الواضحة للغاية للاتفاق من منظور اقتصادي وجيوسياسي". وقال "سنستمع إلى مخاوفهم ونحاول أن نؤكد لهم أننا نعتقد أننا وضعنا كل الضمانات اللازمة، مثل تلك المتعلقة بالقضايا الزراعية الحساسة".
وأضاف "إننا نعتقد أنه في عالم غير مستقر، فإن الشراكات مع الحلفاء الموثوق بهم في جميع أنحاء العالم، مع قواعد محددة بوضوح لتحقيق المنفعة المتبادلة، هي أكثر قيمة من أي وقت مضى"، وأعلن الاتحاد الأوروبي والدول الأربع المؤسسة لمجموعة ميركوسور (الأرجنتين والبرازيل وباراجواي وأوروجواي) قبل أربعة أشهر، في السادس من ديسمبر 2024، انتهاء المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة، ولكن لا بد من التسريع فى تنفيذها.
ورغم الإعلان، لا تزال هذه القضية تثير الجدل داخل الاتحاد الأوروبي، وتظل فرنسا ثابتة في معارضتها للمعاهدة، قالت وزيرة الزراعة الفرنسية آني جينيفارد إن الاتفاق "كان سيئا أمس ولا يزال كذلك"، وفي الوقت نفسه، وفي ظل سيناريو عالمي يتسم بإمكانية حقيقية لاندلاع حرب تجارية واسعة النطاق بسبب تطبيق التعريفات الجمركية، بدأ الاتحاد الأوروبي يعطي الأولوية لتنويع شركائه واتفاقياته التجارية.
على سبيل المثال، تدعو فنلندا والسويد إلى تطوير التجارة الحرة مع البلدان الأخرى في مواجهة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبالتالي تدعمان الموافقة على الاتفاق مع ميركوسور، وقالت وزيرة الخارجية الفنلندية إلينا فالتونين "يتعين علينا تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة التي تم التفاوض عليها مؤخرا مع ميركوسور بشكل كامل".
ومن البرازيل، أصر حداد على أن قيمة الاتفاق تتجاوز التجارة. وأضاف أن ذلك "سيسمح للمدافعين عن الديمقراطية والاستدامة والحرية بالالتقاء حتى تتمكن التعددية من استعادة قوتها".
800 مليون مستهلك
وتؤثر المعاهدة على نحو 800 مليون مستهلك، ومن شأنها أن تلغي أكثر من 90% من التعريفات الجمركية بين الكتلتين، وتتضمن أحكاما بشأن التنمية المستدامة وحقوق العمال والتعاون الفني. ولا يزال التصديق عليها يعتمد على برلمانات الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ودول ميركوسور الأربع: الأرجنتين والبرازيل وباراجواي وأوروجواي.
وفي البلد الأخير، أعرب وزير الثروة الحيوانية والزراعة والثروة السمكية ألفريدو فراتي أيضًا عن دعمه للاتفاق. وقال في مقابلة مع وكالة الأنباء الإسبانية "إفي" في الثاني من أبريل: "قد يكون ذلك نقطة تحول بالنسبة للقطاع".
ودافع الوزير الأوروجواياني عن دور ميركوسور كمنصة للتكامل: "يتعين علينا أن ننمو، وللقيام بذلك، نحتاج إلى أسواق مرنة". وأكد أن اللحوم، إحدى أهم صادرات البلاد، تحتاج إلى وجهات جديدة.
تحسين المناخ السياسي
ورغم أن العقبات الفنية لا تزال قائمة ــ مثل معايير التتبع وتأثير الضريبة الأوروبية على الكربون ــ فقد تحسن المناخ السياسي. وكان حداد واضحا في رفضه للحماية المناخية المقنعة: "يجب اتخاذ التدابير ليس لأغراض حماية التجارة، ولكن لأغراض حماية البيئة".
وحسب أرقام الاتحاد الأوروبي، صدرت دول الميركوسور بشكل رئيسي المنتجات المعدنية والمواد الغذائية والمشروبات والتبغ إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2023، بينما صدرت دول الاتحاد الأوروبي الآلات والمعدات والمواد الكيميائية والمنتجات الصيدلانية على وجه الخصوص إلى دول الميركوسور الأربع. بلغ حجم التجارة بين الكتلتين نحو 110 مليار يورو في عام 2023.
وفي الاتحاد الأوروبي وخاصة فى ألمانيا، من المرجح أن يأمل مصنعو السيارات على وجه الخصوص أن يتم تخفيض رسوم الاستيراد بنسبة 35% ، بينما يتطلع المنتجون في أمريكا الجنوبية إلى أن يتمكنوا من بيع المنتجات الزراعية مثل اللحوم والسكر بسهولة أكبر إلى الاتحاد الأوروبي في المستقبل.