يعد الملك توت عنخ آمون من أشهر ملوك الحياة المصرية القديمة، حكم الملك توت مصر تسع سنوات فقط قبل وفاته فى الثامنة عشرة من عمره، ورغم قصر فترة حكمه، إلا أنه لا يزال أحد أشهر الفراعنة فى التاريخ، ويعود ذلك أساسًا إلى اكتشاف مقبرته المذهل عام 1922، وقد كشفت الحفريات التى أجراها عالم الآثار البريطانى هوارد كارتر عن بقايا الملك الصبى سليمة تقريبا إلى جانب أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية، ونظرا لأهميته يقوم العلماء بين الفترة والثانية، بإجراء العديد من الدراسات العلمية، عن الملك توت، والتى سوف نستعرضها خلال السطور التالية.
وفاة توت عنخ آمون بالملاريا
كان آخر الدراسات أن الملك توت عنخ آمون لقى حتفه فى وقت غير مناسب جزئيا بسبب نوبات متكررة من الملاريا، هذا المرض الذى ينقله البعوض قابل للعلاج اليوم، لكنه فى كثير من الأحيان أصبح قاتلاً فى عهد الملك توت عنخ آمون منذ أكثر من 3300 عام، وقال تيم باتى، المدير العام لمعرض توت عنخ آمون "تشير الاختبارات إلى أن توت عنخ آمون كان مصابًا بالملاريا التي ربما تكون قد قتلته، وحدد التحليل أيضًا أجداد الملك توت عنخ آمون على أنهم الفرعون أمنحتب الثالث والملكة تيي، وكلاهما توفيا أيضًا بسبب الملاريا، وخلص تحليل منفصل للحمض النووى إلى أن الملك الصبي كان نتاجًا لتزاوج الأقارب، مما تسبب في إصابته بالعديد من الحالات الصحية التي ربما ساهمت في عمره القصير أيضًا.
طقوس منسية فى مقبرة توت عنخ آمون
كما أجرى الدكتور نيكولاس براون من جامعة ييل، دراسة حديثة، عن الطقوس المنسية فى مقبرة توت عنخ أمون التى لعبت دورًا رئيسيًا في ممارسة احتفالية تُعرف باسم "إيقاظ أوزوريس"، وفي دراسته المنشورة في مجلة الآثار المصرية، يقترح براون أن الصواني الطينية المصنوعة من طين النيل كانت تستخدم في تقديم القرابين الطقسية التي تتضمن سكب الماء لتكريم أوزوريس، إله العالم السفلي في مصر القديمة.
ويُعتقد أن الماء نقي وواهب للحياة، وربما كان يرمز إلى ولادة الملك المتوفى من جديد، وربما استخدمت العصي الخشبية، الموضوعة قرب رأس التابوت، لترمز إلى صحوة رمزية، تذكر بأساطير إحياء أوزوريس وعصيه خلفه، وقال براون "أنا مقتنع تمامًا أن ما نراه داخل حجرة دفن توت عنخ آمون هو على الأرجح أقدم تكرار لهذه الطقوس التي يمكننا رؤيتها في السجل الأثري، مشيرًا إلى أن الاحتفال لا يرى إلا في الأعمال الفنية من الأسرة التاسعة عشرة، والتي جاءت بعد عهد توت عنخ آمون في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وفقا لما ذكره موقع جريك ريبوت.
تولى توت عنخ آمون العرش عندما كان طفلاً بعد حكم أخناتون، الفرعون الذي قلب الدين المصري رأساً على عقب من خلال التركيز على العبادة لإله الشمس أتون، يعتقد براون أن توت عنخ آمون ومستشاريه ربما عمدوا إلى إحياء معتقدات قديمة تدور حول أوزوريس، في إطار العودة إلى الممارسات التقليدية. إلا أن هذا الرأي لا يقنع جميع العلماء، ويتفق جاكوبس فان ديك، عالم المصريات بجامعة جرونينجن، أن صواني الطين في مقبرة توت عنخ آمون كانت لها استخدامات طقسية، لكنه يقدم تفسيرا مختلفا، ويربطهم بـ"تعويذة المشاعل الأربعة"، وهي طقوس يحيط فيها حاملو المشاعل بالتابوت، ويرشدون الروح عبر العالم السفلي قبل إطفاء ألسنة اللهب في الصواني، رغم اختلاف الآراء، تُسلّط دراسة براون الضوء على أن حتى أبسط القطع في مقبرة توت عنخ آمون قد تحمل في طياتها قصصًا لم تُروَ بعد، بعد أكثر من مئة عام، لا يزال موقع دفن الملك الشاب يكشف أسرارًا عن الحياة والموت والمعتقدات في مصر القديمة.
إعادة بناء وجه توت عنخ امون
أجرى باحثون دراسة جديدة تهدف إلى إلقاء الضوء على مظهر وجه الفرعون المصري القديم توت عنخ آمون، وقاد تلك الدراسة فريق من خبراء الطب الشرعي وعلماء الأنثروبولوجيا، بواسطة تقنيات متقدمة وبيانات تاريخية لإنشاء صورة تقريبية لوجه الملك الشاب، الذى اعتلى العرش في سن التاسعة وحكم ما يقرب من عقد خلال الأسرة الثامنة عشرة في مصر القديمة، كان عهده، الذي حدث بين 1333 و 1324 قبل الميلاد، موضوع الكثير من التكهنات والغموض المحيط بحياته وموته.

ووفقًا للدراسة التي نُشرت في المجلة الإيطالية للتشريح وعلم الأجنة، فإن أول تشريح لجثة توت عنخ آمون في عام 1925 قدم معلومات محدودة حول سبب وفاته، ومع ذلك، فإن الفحوصات اللاحقة، بما في ذلك صور الأشعة السينية في عام 1968 والتصوير المقطعي في عام 2005، قدمت المزيد من الأفكار حول صحته والأسباب المحتملة للوفاة، استبعدت هذه الفحوصات فرضية الاغتيال لكنها أثارت تساؤلات حول كسر محتمل في الركبة قبل وقت وفاته.