في مساء الخميس الماضي، عاد أزيز الرصاص إلى الأجواء في سوريا من جديد، فبعد أن تمكنت الفصائل السورية المسلحة من إسقاط بشار الأسد ونظامه في ديسمبر الماضي، شنت عناصر النظام السابق، هجوم مسلح ضد قوات الإدارة السورية الجديدة في منطقة الساحل السوري.
وتمكن عناصر "فلول الأسد" من السيطرة على مناطق تقع في مدينة جبلة من الجهة الشمالية، بينها الكلية الحربية، بحسب وسائل إعلام سورية، الأمر الذي أسفر عن مقتل ما يزيد عن 333 شخصا معظمهم عسكريين من الطرفين، بحسب إحصائية للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي كلمة له تعليقاً على أحداث الساحل السوري، أكد رئيس الجمهورية العربية السورية، أحمد الشرع، أن بعض فلول النظام السابق حاولوا اختبار سوريا الجديدة التي يجهلونها، لكنهم اليوم يرونها موحدة من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، حيث تتداعى المحافظات لنصرة أي منطقة تتعرض للخطر.
وأشار الشرع إلى أن سوريا اليوم لا فرق فيها بين سلطة وشعب، بل هي مسؤولية الجميع في الحفاظ عليها، مضيفا: أن الدولة في معركتها، تسعى لحماية جميع المواطنين، مؤكداً أن الهدف ليس إراقة الدماء، بل الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها.
وأوضح أن من يواجهون الدولة ما زالوا يسيرون على نهجهم القديم، رغم منحهم فرصاً عديدة للعودة إلى حضن الوطن، كما شدد على أن الاعتداءات التي طالت المدنيين وقوات الأمن، واقتحام المستشفيات وترويع الآمنين، تُعدّ جرائم لا تُغتفر، وقد جاء الرد عليها سريعاً وحاسماً.
ووجه الرئيس أحمد الشرع تحذيراً إلى من وصفهم بـ"فلول النظام الساقط"، وفي الوقت نفسه أرسل تطمينات لسكان المنطقة من الطائفة العلوية، متعهداً بتجاوز البلاد أحد أكبر التحديات التي واجهتها منذ سقوط نظام بشار الأسد قبل 4 أشهر.
تعود أحداث الساحل الشمالي السوري، إلى تعرض دوريات تابعة للأمن العام إلى كمائن مسلحة في ريف اللاذقية، ما أدّى إلى اندلاع اشتباكات توسّعت إلى بؤر عديدة، كان أشدها في مدينة القرداحة مسقط رأس عائلة الأسد.
وبدأت القوات السورية، اقتحام مدينة القرداحة بريف اللاذقية، بعدما استقدمت تعزيزات عسكرية تضمنت دبابات ومصفحات، وذلك لملاحقة عناصر من جيش نظام بشار الأسد، عقب سيطرتهم على عدة قرى وبلدات في الساحل السوري.
و أعلن مصدر بوزارة الدفاع السورية لـ "سانا"، تمكن القوات السورية من فك الحصار المفروض من قبل فلول النظام الراحل على "مقاتلينا بمحيط مدينة القرداحة، بعد اشتباكات عنيفة بالمنطقة".
وقال مصدر بوزارة الدفاع، "إن قواتنا تمكنت من إفشال هجوم لفلول النظام البائد على قيادة القوات البحرية بمدينة اللاذقية، وإعادة الاستقرار للمنطقة.
بدوره أكد رئيس جهاز الاستخبارات العامة، أنس خطاب، أنه لا صحة لما تداولته بعض الصفحات على الإنترنت حول الرسائل المنشورة مؤخراً وادّعى كاتبها أنها صادرة عن رئيس جهاز الاستخبارات السوري مشددا على أنه ليس أمام من ورطتهم أيادٍ خبيثة وتلطخت أيديهم بدماء رجالنا الطاهرة إلا تسليم أنفسهم وأسلحتهم، وذلك لضمان سلامة سوريا وشعبها.
من جانبه قال العقيد حسن عبد الغني المتحدث باسم وزارة الدفاع إن قوات وزارة الدفاع حققت تقدماً ميدانياً سريعاً ، وأعادت فرض السيطرة على المناطق التي شهدت اعتداءات غادرة ضد رجال الأمن العام.
وأضاف في تصريح له : قمنا بتنفيذ عمليات تطويق محكمة ما أدى إلى تضييق الخناق على العناصر المتبقية من ضباط وفلول النظام البائد، فيما تستمر القوات في تقدمها وفق الخطط العملياتية المعتمدة.
وأكد على تواصل قوات وزارة الدفاع في التعامل مع ما تبقى من بؤر للمجرمين، ونقوم بتسليم جميع المتورطين إلى الجهات الأمنية المختصة لضمان محاسبتهم وفق القانون.
ووجه عبد الغني دعوة للأهالي الذين هبّوا لمؤازرة إخوانهم للعودة إلى مناطقهم، فالأوضاع تحت السيطرة الكاملة والعمليات مستمرة وفق الخطة بدقة، ولا داعي للقلق.
وحذر المتحدث باسم وزارة الدفاع من العواقب الوخيمة للاستمرار في الغدر، ونؤكد أن كل من يرفض تسليم سلاحه للدولة سيواجه رداً حاسماً لا تهاون فيه.
وأشار العقيد عبد الغني أنه من يراهن على الفوضى لم يدرك بعد أن عهد الاستبداد انتهى وأن البعث دفن إلى غير رجعة وأن طغيانه دُمر تحت إرادة الشعب السوري، ولمن لم يفهم ذلك بعد سنعيد توضيحه عملياً على الأرض.
وأعلن العديد من الدول، العربية والإقليمية والأمم المتحدة تضامنها مع سوريا في ضرورة عودة الأمن والاستقرار إلى جميع أراضيها، حيث أعربت جمهورية مصر العربية عن قلقها إزاء المواجهات التى شهدتها محافظة اللاذقية فى الجمهورية العربية السورية الشقيقة، مما أسفر عن سقوط عدد من الضحايا والمصابين.
وأكدت مصر في بيان لوزارة الخارجية على موقفها الداعم للدولة السورية ومؤسساتها الوطنية واستقرارها في مواجهة التحديات الأمنية، ورفض مصر لأية تحركات من شأنها أن تمس أمن وسلامة واستقرار الشعب السوري الشقيق.
وأعادت جمهورية مصر العربية تأكيدها على أهمية مكافحة كافة أشكال العنف وضرورة إعلاء المصلحة الوطنية السورية فوق كل اعتبار، والعمل على تجاوز هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة في سوريا.
وجددت مصر التأكيد على أهمية تدشين عملية سياسية انتقالية شاملة تضمن مشاركة جميع أطياف الشعب السوري دون إقصاء وتضمن حقوق جميع الطوائف فى سوريا الشقيقة.
وأدانت كل من الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية، وقطر والكويت والإمارات والبحرين، مجلس التعاون الخليجي، والأردن ومنظمة التعاون الإسلامي،
الجرائم التي تقوم بها مجموعات خارجة عن القانون في الجمهورية العربية السورية واستهدافها القوات الأمنية، مؤكدة موقفها الداعم للدولة السورية ومؤسساتها الوطنية.
من جهته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عن القلق إزاء الاشتباكات الأخيرة والتوترات الأمنية في الساحل السوري، ودان كل أعمال العنف في البلاد، مشيراً إلى التقارير التي تحدثت عن عمليات قتل خارج نطاق القضاء وسقوط ضحايا من المدنيين.
هذا وأصدر الشيخ حكمت سلمان الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الدروز، بياناً طالب فيه "كل الجهات المختصة بوقف فوري لهذه العمليات العسكرية غير المبررة على المدنيين الأبرياء، والتي لا تجلب إلا المزيد من الدماء والاحتقان".
وتحت عنوان "نداء إلى الضمير العالمي الحي.. نداء إلى إنسانية أهلنا الكرام"، حذر زعيم الدروز من أن "النيران التي تشتعل تحت شعارات طائفية ستحرق كل سوريا وأهلها"، وقال: "لذلك نرجو العقلاء من كل الأطراف التدخل لحقن الدماء فوراً، وتجنب انزلاق البلاد إلى هاوية لا تُحمد عقباها.. وليكن الخلاف على طاولات الحوار لا ساحات القتال وقتل الأبرياء".
وأضاف حكمت الهجري: "كنا وسنبقى دعاة سلام، نحلم بوطن يحتضن الجميع، بوطن يترك لأبنائه مستقبلًا لا يحملهم إلى ساحات القتال، لأننا لم نكن نريد الموت لبعضنا، بل نبحث عن ميادين البناء والأمل.. فلنجعل صوتنا واحداً، لا للدم، لا للفتنة، نعم للسلام والمحبة.. لنُطفئ نار الكراهية، ولنتذكر أن الإنسانية هي القاسم المشترك الذي يجمعنا جميعاً، فوق أي انتماء أو اختلاف".
وقال الهجري: "ندعو الجميع بكل مصداقية إلى إيقاف الحملات التحريضية الممنهجة التي لم تتوقف منذ سقوط النظام البائد، فلا يجب أن نكون صورة عن نظام القتل والإجرام، بل دعاة محبة وسلام، نحمل لواء العدل والإنسانية تحت ستائر دين أصيل يدعو للمحبة والسلام، ونبني وطناً يتسع للجميع".
وطالب زعيم الدروز بوقف إطلاق النار ووقف الاقتتال فوراً، واختتم بيانه قائلاً: "ندعو كل أبنائنا، وكل القيادات المختصة، وكل الجهات المحلية والدولية المختصة والأمم المتحدة لأخذ دورها بفض الاشتباكات ووقف القتل والموت ونشر السلام بشكل فوري وعاجل.. كلنا أهل وكلنا إخوة، وعزاؤنا للوطن بألم كبير".
ميدانيا، أعلن محافظ اللاذقية، أن القوات الأمنية والعسكرية فكّت الحصار عن المراكز الأمنية والشرطية في المحافظة، الذي فرضته مجموعات مسلحة تابعة لفلول النظام المخلوع والخارجين عن القانون، كما مددت السلطات حظر التجول في مدينتي طرطوس واللاذقية.