تضم محافظة بورسعيد، تلك المدينة الباسلة، العديد من المعالم التى تروى تاريخها النضالى، ومن أبرزها المسجد العباسى، الذى لا يزال شاهدًا على محطات فارقة فى تاريخ المقاومة الشعبية ضد العدوان الثلاثى عام 1956، ويقع المسجد فى حى العرب، أحد أقدم أحياء المدينة، حيث كان مركزًا لتجمع الفدائيين وأبطال المقاومة.
يُعد المسجد العباسى ثانى أقدم مسجد فى بورسعيد بعد المسجد التوفيقى، وقد أمر الخديوى عباس حلمى الثانى ببنائه عام 1904م "1322هـ" على مساحة 4000 متر مربع، لكن البناء شُيِّد على عُشر المساحة المخصصة فقط، وافتُتح عام 1905 بحضور مدير الأوقاف، ومحافظ القنال محمد محب باشا، وقاضى بورسعيد الشرعى، وكبار رجال الإدارة والأعيان، إلى جانب ممثلى قناصل الدول، وقد عُيِّن الشيخ عبدالفتاح الجمل أول إمام للمسجد، وألقى خطبة الافتتاح.
وخلال العدوان الثلاثى عام 1956، لعب المسجد العباسى دورًا محوريًا فى احتضان مجموعات المقاومة الشعبية والفدائيين الذين تصدوا للعدوان.
وكان المسجد بموقعه المميز فى قلب المدينة مركزًا للتجمع والتخطيط للعمليات الفدائية حتى تحقق الجلاء فى 23 ديسمبر 1956، مما جعله رمزًا للصمود الوطنى.
ويتميز المسجد العباسى بطراز معمارى وزخرفى فريد، حيث يضم مجموعة من النقوش والكتابات المزينة بالزخارف النباتية والتكوينات الهندسية، إضافة إلى 16 بيتًا من قصيدة "نهج البردة" للإمام البوصيرى، المنقوشة على أعتاب نوافذه.
وفى عام 2006، سُجّل المسجد فى عداد الآثار الإسلامية، وخضع لعمليات ترميم شملت: إعادة المظهر الخارجى للمسجد إلى حالته الأصلية، وإزالة أعمال الترميم الخاطئة التى تمت قبل تسجيله كأثر، وكشف وترميم الزخارف الأصلية وإحياؤها من جديد.
يحتضن المسجد العباسى على مدار العام كافة الشعائر والاحتفالات الدينية، ومنها: الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، وإحياء ليلة الإسراء والمعراج، وإحياء ليلة النصف من شعبان، وصلاتى التراويح والتهجد فى شهر رمضان الكريم، وإقامة الفعاليات الدينية الرسمية بحضور محافظ بورسعيد وقيادات الأزهر والأوقاف.
بفضل مكانته الدينية والتاريخية، يظل المسجد العباسى درة تاج المساجد الأثرية فى بورسعيد، وواحدًا من أهم المعالم التى تعكس أصالة المدينة وتاريخها المشرف، محتفظًا بهيبته كأحد الشواهد الصامتة على ملاحم البطولة والتضحية.

إحدى الشعائر بالمسجد

الواجهة الخارجية للمسجد ببورسعيد

خارج المسجد

لافتة المسجد

المسجد من الداخل

واجهة المسجد الخارجية