حازم حسين

عداوة ظاهرة وشراكات خفيّة.. عن الأصولية والاعتدال وفتنة النيران الصديقة فى غزة

الأحد، 23 مارس 2025 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا شىء يزدهر فى المشهد الإقليمى أكثر من الجنون. تأجَّجت الأُصوليّات ووقفت على أطراف أصابعها، ويُلاقيها مخابيلُ الخارج على كلِّ الخيارات الحارقة. سُحِقَت غزّة وما تزالُ الفصائلُ مُنفصلةً عن الواقع، وتُكابر فى دماء الغزِّيين وأشلائهم. أخفقت إسرائيلُ إلَّا فى التوحُّش والنازية، ويُصرّ غولُها الدميم بنيامين نتنياهو على مواصلة اللعب بالنار؛ مطمئنًا لمواكبةٍ أمريكية مُنحرفة وغير مفهومة، وتُهدِّدُ مصالح واشنطن الاستراتيجية بأكثر مِمَّا تخدمها؛ لكنها على ما يبدو مقتضيات زمن البلطجة والهواية والجهل العميم.


تبدو المنطقة فى صراعٍ مُرَكَّب مع أعداء من مِلَلٍ شتّى، يختلفون فى كلِّ التفاصيل تقريبًا، ويتّفقون فى التكالب عليها، وإهدار ما تبقَّى من استقرارها الحَرِج. لم يكن «طوفان السنوار» لصالح فلسطين بحسب ما ترشَّح عنه، ولا أفاد محور المُانَعة الذى تفسّخ نسيجه طولاً وعَرضا، كما لم تُضِف حربُ الإبادة للدولة الصهيونية مقدار ما سلبته منها، فى الصورة والرمزية الأخلاقية، وفلسفة الردع بجدرانها الحديدية العالية، وفى شعور مواطنيها بالأمن وصلابة عقدهم الاجتماعى مع الوطن التوراتى.


أُديرت مُحرّكات اللعب فى الخرائط الجيوسياسية لغايات مُتضادة، وكلٌّ يغنى على ليلاه. الأكيد أن حماس لم تكن تتطلع لإعادة ترسيم الإقليم من فضاء غزة، ولا إسرائيل أرادت فى حماوة الصفعة أن تتجاوز الحدود إلى صراعٍ مفتوح مع الشيعية المٌسلّحة، وما مرَّ على خاطر الإدارة الأمريكية أن تعود للشرق الأوسط اضطرارًا. خطأ واحد غير محسوب قلب الأمور رأسًا على عقب، وبدَّل الحسابات كلها، وأظهر ما كان مُضمَرًا من أجندات مؤجّلة، وهدَّم ما كان يتصوّر أصحابه أنه أزلىٌّ ولا يتزحزح عن مواضعه.


الحماسيّون يحلمون بالعودة إلى ما قبل السابع من أكتوبر، والصهاينة يتطلعون لعقدين إلى الوراء.. كل مفاوضات الحركة تبدأ وتنتهى عند البقاء على الأطلال، ومواصلة الإمساك بخناق القطاع. وكل حديث نتنياهو عن إطاحتها من الحُكم، بعدما لعب دورًا فى تثبيتها منذ الانقلاب، وكان عَونًا لها بأكثر مِمَّا كانت لنفسها، إن من جهة إضعاف السلطة الوطنية، أو تمرير حقائب الدولارات القطرية، أو التوسُّط لنقل قدتها من دمشق للدوحة بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية، وغير ذلك من صِلات ظاهرة أو خفيّة.


الولايات المُتحدة ترقص بين النقطتين. إنها مُنحازة أشدّ الانحياز للاحتلال من جانبٍ، وتسعى من الآخر للاحتفاظ بصورة الوسيط، وربما تتجاوزها أحيانًا إلى اللعب لحسابها بمعزلٍ عن التوازنات القائمة. ما تزال على دعمها الراسخ لإسرائيل؛ لكنها تكبح شهوتها لإطلاق عملية مباشرة ضد إيران، أقلّه حتى الساعة، ثم تفتح قنوات جانبية مع ملالى طهران، وترعى توافقات شاميّة معاكسة لمصالحهما معا، وتتلاقى مع محور الاعتدال فى عناصر أساسية، وتضغط عليه من طرفٍ خفىّ، وتتمشّى فى الغابة بمشعلٍ يتطاير شظاه، وتبدو كما لو أنها لصٌّ يتحيّن الغفلة ليسترق الجميع.


ما تزال واشنطن على تصنيفها لحماس تنظيمًا إرهابيًّا، لكنها اجتمعت بقادتها فى الدوحة مؤخّرًا. وسرّبت أن الحركة أثارت مسألة بقائها فى حُكم غزة، ما أكَّده مبعوث ترامب للشرق الأوسط لاحقًا، مشددًا على عدم مقبولية الطرح وانعدام فرص تحقيقه. عَمليًّا؛ لم يُضبَط الحماسيّون فى أية لحظة يقولون خلاف ذلك، ولا أكّدوا جدّيتهم من أى وجهٍ للانصراف طالما أنه فى صالح القضية وأهلها. وعلى العكس تمامًا؛ ثبّتوا ما أورده الأمريكيون تصريحًا وتلميحًا، أكان فى لافتة «نحن اليوم التالى» خلال تبادل الأسرى، أم فى تصريحات أسامة حمدان عن انتصارهم السماوىّ الناصع، وأنهم لن يسددوا فواتير هزائم مُتوَهّمة، على ما زعم فى حديثه الفائض بالعاطفة والغباوة والذُّهان.


واتّصالا بطبيعة التيّار ومرجعيّاته؛ فإن الخطاب لا يبدو غريبًا عن العقلية الإخوانية. يتطابق تمامًا مع ما كان من فرعهم المصرى تحت عنوان «يا نحكمكم يا نقتلكم». والمؤسف أنه يبدو سلوكًا انتحاريًّا؛ إنما بالقضية نفسها لا بالتنظيم فحسب. كما لو أنهم لا يرون فلسطين خارج عباءتهم الأصولية، ولا يستنكفون النزول عنها للاحتلال رَدمًا؛ طالما احتمالية الإنقاذ تتّصل بإنزالهم عن عرش السلطة. ولا هامش لديهم لبحث المسألة من الأساس؛ وعلى معنى الاعتذار أو التضحية.


نتنياهو سفّاح نازىّ، ومن ورائه موجة يمينية توراتية هادرة. إنهم يحلمون بكنس البشر وابتلاع الحجر، وتطهير الجغرافيا من الديموغرافيا تمامًا. ويتطلّعون فى القريب لشطب حماس من المُعادلة. تلك أفكارهم العصيّة على الإنفاذ؛ فكأنهم يعرفون ما يريدونه بالضبط، لكنهم لا يعرفون كيفية تحقيقه. والفصائل كذلك؛ الغاية البعيدة أن تتحرَّر فلسطين ما بين النهر والبحر، والأمل الآخذ فى التلاشى أن تكون لهم دولة على أية مساحة ممكنة، والواقع أنهم مُهدَّدون بالإفناء أو الإلغاء، ولا يضمنون مواضع أقدامهم غدا؛ لهذا يتشددون فى خياراتهم اليوم.


بإيجاز، كلاهما غارق فى مستنقع لا شطّ له، وعاجز عن معرفة ما يتوجّب عليه انتهاجه للخروج من محنته الراهنة، وضمان ألا تتضخّم من حواليه وألا يتعذّر عليه التعاطى معها مستقبلا. إنما الفارق بينهما أن الاحتلال مأزوم لكنه قادر على المواصلة وفق القواعد القائمة حاليا، على العكس من حماس المُختنقة بأزماتها، وسط عجزٍ كاسح عن استمراء اللعبة أو الاستمرار فيها، وفى كل الأحوال يصبُّ بقاء الاختناق على حاله فى صالح العدو، ويُهدِّد أصحاب الأرض بالأصعب اليوم وغدا وفى أى مستقبل قريب.


كان الطوفان صفعة على وجه إسرائيل، وما بعده لم يخلُ من إزعاجٍ لها فى السياسة والاقتصاد وتماسك بيئتها الداخلية. الوضع الحالى مؤذٍ للدولة العِبرية من دون شَكَ؛ لكنه قاتل لفلسطين. ارتياح الفصائل إلى مُعادلة «منكم السيف ومنّا دَمنا» ينقلها من واقعية الساسة إلى خيال الشعراء، ويُثير أسئلة مفصلية عن الاستخفاف فى النظر للنضال، وعن اختزال المشروع التحرُّرى فى أيديولوجيا وتنظيم. عن وضع الحركى فوق الوطنى، وإهدار الاستراتيجى اكتفاء عنه بالتكتيكى، وليتها أحسنت فى الأخير أصلاً.


استُخدِمَت الأُصولية الإسلامية شوكة فى خاصرة القضايا العادلة، ثم خنجرًا فى قلب المنطقة بكاملها. ولا فارق بين الاستعلاء بالدين مجتمعيا، والمُزايدة به سياسيا. خاض الممانعون حروبهم ضد الأوطان الآمنة قبل أن يخوضوها مع العدوّ، وبعدما هُزِموا يسعون لتحميل أعبائهم على الآخرين، وابتزاز الدول الوطنية الراسخة أو تأليب مكوّناتها على بعضها، بينما لا هامش لديهم ليحصدوا مكاسب الفتنة؛ فكأنهم يشتغلون لفائدة الصهيونية فى الحالين: تخليق الذرائع ورعايتها، وإضعاف المُمانَعة الحقيقية عندما برزت فى وقت الجدّ وعوّضت انحطاط الممانَعة الخطابية.


بيد أن أهداف الأعداء تتلاقى على كراهية العقل. فإسرائيل طالما أثارت اللغط وعملت على تسميم البئر بالشائعات، والشيعية المُسلّحة وأذيالها أيضًا. مؤخّرًا زَعِمَ إعلاميًّا أن مصر وافقت على نقل نصف المليون من غزّة إلى سيناء. المفارقة أن الرواية المُصطنعة نُشِرَت فى صحيفة حزب الله «الأخبار اللبنانية»، ويبدو أنه نقلها عن منصّات عِبريّة، ثم عادت الأخيرة للنَقل عنه كما لو أنها معلومة من مصادر عربية، وبقصدٍ أو اعتباط عمل الطرفان بنمط يُشبه غسل الأموال؛ إنما مع الأنباء الزائفة والرسائل الدعائية الملوّنة.


ومن الأصولية بجناحيها: إسلامى ويهودى، إلى الإدارة الأمريكية التى تتخبّط فى افتتانها بذاتها، وما يتسلّط عليها من جَشع وانتهازية وجهالة ثقيلة. خرج مبعوثها للشرق ستيف ويتكوف بخطابٍ ملىء بالخَطَل والرعونة، عندما تحدث إلى تاكر كارلسون فى لقاء طويل عن تعقيدات الإقليم بنظرة سطحية، ووجّه رسائل ضغط لها ظاهر حميم، وباطن يُشبه التهديد المَضمَر؛ لكن أصدق ما ورد ضمنيًّا فى حديثه أنه لا أحد يحتمل خسارة مصر، وبعيدًا عن التصورات المنفوخة كعضلات البيت الأبيض؛ فإن الخسران قد يتأتّى من افتقاد الثقة، ومن تعريض العلاقات الاستراتيجية طويلة المدى لخضّات تؤثّر على ثباتها، ولا تحتملها المنطقة الآن أو لاحقًا.


تحتاج واشنطن لوقفة مع النفس إزاء الشرق الأوسط، واستقراء واقع الأبعاد الجيوسياسية وخطورة تسييلها قبل الاطمئنان إلى بدائل موثوقة. ظاهر المشكلة تجسّد فى الجمهورية الإسلامية ومحورها؛ إنما جوهرها فى الأُصوليّة على الجانبين، وفى موجة اليمين التى تتضخّم عالميًّا، وستترك أثرًا بطبيعة الحال على الشرق. إسرائيل أضعف وأشدّ ضآلة من ابتلاع الإقليم، وفلسطين قضية لن تُصفَّى من دون عدلٍ أو دم، ولا أُفق لتصديرها إلى الخارج سوى توسيع المواجهة، وتخليق فوضى تتخطّى قدرات الصهاينة ورُعاتهم الغربيين.


أما المقاومة؛ فإنها أحوج ما يكون إلى النظر فى المرآة، والتحلّى بشجاعة المراجعة، وفضيلة الاعتذار والخطأ. حماس أخطأت، وخطأها الأكبر أنها ما تزال تُكابر. مُجرَّد الحياة مُقاومة، والبيولوجيا سلاح أمضى من الموت، درويش وسميح القاسم وناجى العلى وغسّان كنفانى ورشيد مشهراوى خدموا القضية أضعاف ما خدمها أحمد ياسين والرنتيسى وهنيّة والسنوار. آلاف الأطفال الذين نُحِروا فى مُغامرة غير محسوبة، ربما كان بينهم الشاعر والرسّام والمُخرج والمُقاتل والمُحرِّر.


المُعضلة الكُبرى لدى الاحتلال قطعًا؛ لكن جانبًا لا يُستهان به مخبوء بين الفنادق والخنادق. حماس منقسمة على نفسها، وما يقوله الساسة يُفسده المُقاتلون. هكذا يُبدى خليل الحيّة وفريقه شيئًا من التعقُّل، فيرُد محمّد السنوار ورجاله بهدايا الجنون لنتنياهو وعصابته. يتعيّن الخروج من وهم الامتحان الفصائلى، إلى واقع النكبة الوطنية العارمة. خطايا الاحتلال تفوق قدرتها؛ لكنها تعرف الطريق إلى ترميم البيت من الداخل. عليها أن تتنحّى للسلطة أو أى بديل مقبول، وأن تسلب يمين تل أبيب المسعور ذرائعه الساخنة، وأن تتخارج من تحالفاتها المشبوهة، وتحفظ ما تبقّى من عاطفة مع البيئة الفلسطينية والجوار؛ لأن ما بعد الإصرار على الخيارات الغبيّة أن تتبخّر أرصدتها المعنوية، وأن تتشابه لدى الشقيق والصديق مع صورة العدوّ.


تخوض الحكومة العِبريّة نزالاً داخليًّا صاخبًا، وما بين الإصلاح القضائى سابقا، ثم قضية تجنيد الحريديم، وإلى إقالة طابور طويل من القيادات الأمنية، والسعى لإطاحة المستشارة القانونية والمُدّعية العامة قريبًا، يبدو الغضب على أشدّه. المشكلة أن الحماسيِّين يمدّون له شبكة أمان من الهبّة الشعبية؛ كلما تمسّكوا بالبقاء وسمحوا للحرب أن تتنفس فى القطاع. والواجب أن يُنظر للصراع من عُمقه، وأن يُفصَل التناقض الأساسى فيه عن الثانوى. إنها مُنازعة وجودية مع إسرائيل؛ لكن فى ثناياها نزاع آخر مع قلبها اليمينى، ومع طيف بعينه من هذا اليمين، ومع تركيبة سياسية وسوسيولوجية مُعقّدة.
المقاومة الحصيفة تتراجع عندما تُخفق، وتتحلَّل من السلاح طالما أنه صار عبئا عليها وعلى الوطن، وتشتغل على استهداف الغريم والتصويب عليه بكل البدائل المُمكنة. آخر ما يحتاجه نتنياهو التهدئة فى غزة، وأن تغيب حماس عن الصورة؛ لأنه سيصطدم بتناقضاته الداخلية، وسيجد نفسه أمام استحقاقات يُخبّئها تحت غبار المعارك حاليًا. علاقة التخادُم القديمة يجب ألا تستمر لحظةً واحدة؛ لأن قوّة الحماسيِّين اليوم إضعاف لجوهر فلسطين، ولأن أية شعارات أُصوليّة تُعزِّز مراكز الليكود وائتلافه التوراتى.


الدفاع عن الديموغرافيا لا يقل شرفًا وأهمية عن الجغرافيا، ولا نفع للأخيرة أصلاً من دون الأولى. مخطّط التهجير لن يمرّ من جهة مصر، إنما قد يتسرّب طوعًا لنفوس الناس كلما اشتدّ عليهم القهر، ووجدوا أنهم أسرى كمّاشة الاحتلال والفصائل. تمنّعت الحركة على تفاهمات عديدة سابقة لأسباب تنظيمية وأيديولوجية، ثم عادت لقبولها لاحقًا دون منطقٍ واضح. رفضت مقترح ويتكوف ثم قالت إنه تُعيد دراسته، وخزّان الأسرى لديها يتآكل وما تبقّى فيه سوى خُمس ما كان فى بادئ الطوفان. النضال القويم لا يصحّ أن يصرف ناظريه عن الاستثمار فى أزمات نتنياهو وتعميقها، وعن تصليب ظهر البيئة الوطنية، وتثبيت أقدام الحاضنة الإقليمية اللصيقة. يجب أن يكون السلاح عَونًا للسياسة، أو على الأقل ألا يطعنها من الظهر.


غزّة فى حاجة لشراء الوقت أكثر من عدوّها؛ المهم ألا يُبدِّده القابضون على أمرها عند النقطة صفر، كما فعلوا طوال الشهور الماضية. انقضى هامش الشعبوية وابتزاز العواطف، والصواريخ الهيكلية الفارغة اليوم تضرّ بأكثر مِمَّا تفيد. المرفوض الآن سيُقبَل لاحقا بأعباء أكبر، والحركة ستزوى بالرضا أو الغصب؛ إنما الفارق كبير بين أن تترك مجتمعًا صُلبًا من خلفها، أو أن تُعين الاحتلال على كَىّ وعيه وإخراجه نفسيًّا من الأرض بما يجعله جاهزًا بعدها للخروج المادىّ.
انصراف حماس ضرورة لا خيار، ومقدمة لتغيير ما فى هياكل الحكم داخل إسرائيل. لا أفق مع بقاء الحركة فى غياب فرص الحياة، ولا أمل فى استمرار نتنياهو وعصابته اليمينية. الاستبشار يبدأ من تفكيك قبضة الأصوليّة على الناحيتين. والضحايا أحوج لهذا؛ وعليهم أن يأخذوا زمام المبادرة. دول الاعتدال عَملانيًّا صالحًا للإنفاذ، ويجتذب قبول دوائر دولية واسعة. على الفصائل الغزّية أن تسير إلى جوارها، وعلى واشنطن أن تتحلّل قليلاً من جنونها، وتضبط إيقاع تل أبيب، وتردّها عن غرامها المُتأجج بالحرب الدائمة وتسييد الحلول العسكرية؛ إذ تتخطّى الأزمة حدود غزة، ولن يكون مُبهجًا لها أن تنفتح أبواب المواجهة على كل الاحتمالات.


لا مهرب إلا بمقاومة إغراءات القوّة لدى الصهاينة النازيين، وبإقناع الحماسيِّين بأن فى الضعف نجاةً أحيانًا. نحتاج لصياغة حلول عقلانية، والتيقن من وجوبية إنجاز تفاهمات للأمن الجماعى. انعدام رغبة الأطراف تُهدِّد بالانفلات، والمنطقة بين أن تعود لرُشدها أو تنفجر. على ترامب أن يُعيد دراسة صفقاته، وعلى رجاله مثل ويتكوف أن يتخلّوا قليلاً عن الجهالة والغطرسة، وأن يُنفقوا على ترويض جنون الصهاينة أكثر مِمَّا يُضيّعون فى كلامهم الفارغ. فلسطين قضية أبقى من أطرافها جميعًا: تضييقها بالشطب والإلغاء يوسِّعها بشَبك مزيدٍ من الجبهات معها، والجغرافيا والديموغرافيا فيها لا ينفصلان، وحروبها تُولِّد حروبًا من دون انقطاع، والتهديد بتصفيتها إعلان حربٍ فى حدِّ ذاته. الظواهر لا تُعبِّر عن الحقائق دومًا، يلعب الأعداء أحيانًا فى فريق واحدٍ، اعتباطًا أو قصدًا؛ لكن خسارتهما تكون مُركّبة عندما ينتصر المنافس، أو تستحيل المباراة إلى استنزافٍ مفتوح.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة