أحيانًا نتملك أشياء لم نعرف قيمتها، ولم نقدر على استغلالها، ولم نحسن استثمارها، ولم نتقن توظيفها أو استخدامها في مسارات التنمية والاستغلال الأمثل، وهو ما يدفع الآخرين للتحرك نحو تلك الأشياء ليفعلوا ما لم نقدر على فعله، وبالتالي يربحون كل ما نفقده، ويمتلكون ما نبيعه بسبب الكسل وعدم التفكير بأثمان بخسة.
تتمتع أفريقيا، ثاني أكبر قارة على مستوى العالم، بتنوع لغوي لا مثيل له. وتضم أطول نهر في العالم – نهر النيل – كما أن نسبة 50% من سكان القارة الأفريقية تقل أعمارهم عن 20 عامًا، وتُعد أفريقيا غنية بالموارد المعدنية، حيث تُصنف نيجيريا كخامس دولة في العالم في تصدير النفط، بالإضافة إلى ذلك، تحتوي أفريقيا على ما يقارب 90% من احتياطي العالم من البلاتين، و40% من احتياطي الذهب العالمي، وتتميز أفريقيا بموقعها الاستراتيجي، حيث تفصلها عن أوروبا مسافة 14.3 كيلومترًا فقط، مما يجعلها أقصر الطرق إلى أوروبا، ورغم هذه المميزات الكثيرة التي لا تُعد ولا تُحصى، لم تحقق أفريقيا بعد مكانتها المرموقة في مجال التنمية والرفاهية ولم تتبوا مقعدها الحقيقي وسط القارات، لذا، يتعين على سكانها وأهلها التعامل برؤية جديدة وآليات حديثة، وفلسفة تُلخص في كلمتين وهما "فيد أفريقيا واستفيد".
مؤخرًا، شاء حظي الجميل أن أكون الصحفي الوحيد الذي حضر اجتماع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، برئاسة النائب كريم درويش، لمناقشة "آخر المستجدات على الساحة الدولية وموقف الدولة المصرية منها" بحضور السفير الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، وكان الاجتماع ثريًا للغاية، حيث تحدث السفير بدر عبد العاطي أمام نواب الشعب عن جميع الملفات والقضايا المتعلقة بسياسة مصر الخارجية.
والسفير بدر عبد العاطي استطاع أن يصنع حالة من الحراك والتماس مع المواطنين، ليصبح وزيرًا لخارجية مصر بنكهة شعبية، وتحركات قوية، وتصريحات معبرة عن الإرادة المصرية، وهو ما يذكرنا بعراقة وأصالة وكرم وثبات الدبلوماسية المصرية، تلك المدرسة الممتدة من عمق وعبق التاريخ".
وبعيدًا عما يتمتع به الوزير بدر عبد العاطي من مهارات وما تتميز به أفريقيا من إمكانيات، فقد تحدث الوزير خلال الاجتماع البرلماني عن أهمية أفريقيا لمصر، وطرح رؤية جديدة بشأن الاستثمار المصري في أفريقيا. وأكد أننا أمام إرادة حقيقية ترى أن أفريقيا أولوية لمصر، وأن مستقبلنا الاقتصادي ونمونا الاستثماري مرتبطان ارتباطا وثيقا بالقارة السمراء.
وخلال الاجتماع، نقل الوزير حجم الفخر والاعتزاز الذي يبديه الأفارقة عند تعاملهم مع الشركات المصرية، سواء كانت حكومية أو خاصة، خاصة في قطاعات الزراعة والمقاولات والمرافق العامة، وهي مجالات تمتلك فيها مصر خبرة الخبرة.
وأخيرًا، لا بد للمستثمرين الجادين أن يضعوا مصلحة بلادهم نصب أعينهم، وأن يطرقوا أبواب وزارة الخارجية لدخول مجال الصناعة والاستثمار في مصر وأفريقيا وفقًا لرؤية وطنية واضحة.
