عبد الفتاح احمد ابو كيله

أخلاق الصائمين في رمضان

الثلاثاء، 11 مارس 2025 05:43 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ينبغي للصائم أن يعظم من شهر رمضان ما عظم الله- تعالى- ورسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ويعرف ما لزمه من حرمة الصيام؛ حتى يحقق غاية التقوى منه على الوجه الذي شرع من أجله الصيام.


وقد دعا الإسلام إلى نشر الخصال الطيبة والأخلاق الحسنة، ونهى عن المجاهرة بالرذائل والمعاصي، والتعامل بالأخلاق الذميمة بين الناس سواء في رمضان وغيره إلا أن ذلك يتأكد بالصيام؛ لحرمة الشهر ومقامه الرفيع.


ومن هنا؛ فيمكننا تحويل شهر الصيام إلى برنامج تقويم سلوكي، ونفسي، وأخلاقي متكامل، على مستوى الفرد والجماعة.


فالْمَقْصود من إيجاب الصوم ومشروعيته: لَيْسَ نفس الْجُوع والعطش، بل ما يتبعهُ من كسر الشَّهَوَات وإطفاء نائرة الغضب وتطويع النفس الأمارة للنَّفس المطمئنة، فإِذا لم يحصل له شيْء من ذلك ولم يكن له من صِيَامه إلا الْجُوع والعطش؛ لم يبال الله –تعالى- بصومه ولم ينظر اليه نظر قبول. ( شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره (1/121)


ومن ذلك: ما ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: « الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ ». (صحيح البخاري، حديث رقم (1894)


فقد بين رسول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في هذا الحديث طريقة تعامل الصائم مع من يتجاوز في حقه ويسئ إليه ويسبه: بألا يرفث ( الكلام الفاحش)، ولا يجهل ( فعل الجهل كالصياح والسفه ونحو ذلك)، ولا يقابل السيئة بالسيئة والفحش بالفحش، بل ينبغي عليه أن يذكر من يسبه أو يشتمه بحرمة الصيام، وأن الفحش والسفه والإساءة... أمور محرمة على غير الصائم إلا أن التحريم في حق الصائم آكد. (نيل الأوطار للشوكاني (4/ 246)
وحذر رسول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أيضا الصائم من قول الزور والعمل به؛ ليتم أجر صيامه ويقبل منه.


فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». (صحيح البخاري، حديث رقم (1903)
حيث وجه رسول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصائم إلى الإمساك عن الرفث وقول الزور، كما يمسك عن الطعام والشراب؛ خشية تنقص صيامه، وتعرضه لسخط ربه، وترك قبوله منه، فقَوله "فليس لله حاجة": مجاز عَن عدم الالتِفات له.(شرح صحيح البخاري لابن بطال (4 / 23)


وإذا ما أخطأ الصائم فزل لسانه، وأساء إلى الآخرين ؛ فعليه التراجع فورا عما قاله، والاستغفار عما بدر منه، وطلب العفو والسماح ممن تجاوز في حقه، عسى الله – تعالى- أن يغفر له ويتقبل منه.


فاحرص أخي المسلم على الأخلاق الحسنة والمعاملة الطيبة؛ تعظيما لحرمة شهر رمضان، وتوقيرا له، ورغبة في الحصول على الثواب وقبول الأعمال ... وكل عام والجميع في خير ... والله المستعان وعليه التكلان ,,,

 

ا. د/ عبد الفتاح أحمد أبو كيلة

أستاذ الفقه المساعد في جامعة الأزهر
عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة