العرب وفلسطين "مركزية متبادلة".. قمة عربية مرتقبة من قلب القاهرة لتعزيز الصمود في مواجهة دعوات التهجير.. مواقف مصر عكست أهمية الدور العربي الداعم لفلسطين.. ولا بديل عن حل الدولتين لتحقيق الاستقرار الإقليمي

الأحد، 09 فبراير 2025 02:30 م
العرب وفلسطين "مركزية متبادلة".. قمة عربية مرتقبة من قلب القاهرة لتعزيز الصمود في مواجهة دعوات التهجير.. مواقف مصر عكست أهمية الدور العربي الداعم لفلسطين.. ولا بديل عن حل الدولتين لتحقيق الاستقرار الإقليمي مصر

بيشوى رمزى

قمة عربية مرتقبة، من قلب القاهرة، في 27 فبراير الجاري، تعكس حالة من الإجماع الإقليمي في مواجهة منحى يبدو خطيرا تواجهه القضية الفلسطينية، مع الدعوات التي تطلقها إسرائيل بتهجير سكان غزة، منذ بداية العدوان، بحجة الدفاع عن النفس والقضاء على الفصائل، بينما انضمت إليها مؤخرا الولايات المتحدة، في ضوء المقترح الأخير الذي تقدم به الرئيس دونالد ترامب، والذي دعا إلى ترحيل سكان القطاع، تحت ذريعة إعادة الإعمار، وهو ما يعني تصفية القضية الفلسطينية، وتقويض الشرعية الدولية، والقائمة في الأساس على حل الدولتين، وهو ما يعكس أبعاد المخطط الذي يستهدف حقوق الفلسطينيين العادلة، ناهيك عن كونه مدخلا مهما لحالة دائمة من عدم الاستقرار في المنطقة، في ضوء المركزية التي تتمتع بها القضية.

وبالنظر إلى الظروف الزمانية، والمرتبطة بعودة الحديث عن تهجير الفلسطينيين على النحو سالف الذكر، والمكانية، من حيث انعقادها في القاهرة، فإنها في واقع الأمر تمثل أهمية بالغة، ترتبط ليس فقط بالدور الذي تلعبه مصر دعما للقضية، منذ عقود، بينما بلغ ذروته في الأشهر الماضية، وإنما تعكس بصورة كبيرة ما يمكننا تسميته بـ"المركزية المتبادلة"، بين العرب وفلسطين، فالقضية تبقى محور اهتمام المنطقة العربية، وأحد أهم أسس الاستقرار بالنسبة لها، وهو ما بدا خلال الأشهر الماضية، في ضوء معارك ضارية شهدتها العديد من دول الإقليم، بدءً من لبنان مرورا بسوريا وحتى اليمن، بينما شهدت الأمور هدوءً نسبيا مع تمرير اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، في حين تبقى المنطقة العربية في رؤية فلسطين وقياداتها بمثابة الغطاء الشرعي لها، وحصن الدفاع عنها في مواجهة ما يطرأ من مستجدات تهدف في الأساس إلى تقويض قضيتها.

وفي الواقع، يعد انعقاد القمة العربية الطارئة في القاهرة، دليلا دامغا على أهمية الدور الذي تلعبه مصر، منذ بداية أزمة العدوان على غزة في أكتوبر 2023، حيث كانت حجر الزاوية في دحض كافة المحاولات التي تبناها الاحتلال الإسرائيلي لتصفية القضية، تحت ذريعة الدفاع عن النفس، عبر حشد المجتمع الدولي، دفاعا عن الشرعية الدولية، وهو ما نجحت الدبلوماسية المصرية في تحقيقه، عبر العديد من الخطوات، أولها عقد قمة القاهرة للسلام بعد أيام قليلة من اندلاع العدوان، وكذلك الاتصالات التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع قادة العالم، بينما سعت نحو تعزيز الصمود الإقليمي، من خلال تحقيق حالة إجماع حول ثوابت القضية، من خلال قمتين عربيتين إسلاميتين، عقدا في المملكة العربية السعودية، وهو ما ساهم في تعزيز الموقف الدبلوماسي الداعم لحل الدولتين، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة.

الموقف المصري ساهم بصورة كبيرة في استقطاب العديد من القوى الدولية البارزة لإبداء تعاطفها مع القضية، رغم كونها من المعسكر الموالي للاحتلال، منها إسبانيا وسلوفينيا والنرويج، وهي الدول الأوروبية التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، في صفعة قوية للاحتلال واليمين الحاكم بها، مع ملاحظة أن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز كان قد استبق قراره بالاعتراف بفلسطين، بالإعلان عن مناقشة الأمر داخل حكومته أثناء زيارته التي أجراها لمصر، بصحبة نظيره البلجيكي ألكسندر دي كرو.

الموقف المصري حمل شقا قضائيا، تجسد في ملاحقة إسرائيل، باعتبارها الدولة القائمة بالاحتلال، تجسد في دعوة الرئيس السيسي إلى تفعيل مبدأ المحاسبة، في نوفمبر 2023، خلال قمة جدة بالمملكة العربية السعودية، وهي الدعوة التي لاقت استجابة مباشرة من جنوب أفريقيا، عبر رفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية، شاركت فيها الدولة المصرية بمرافعة تاريخية، كشفت من خلالها عقود من الانتهاكات الإسرائيلية بالأراضي المحتلة، وهو ما يعكس اتساع دائرة المعسكر المناهض للاحتلال، ليتجاوز مجرد منطقة الشرق الأوسط، نحو مناطق أخرى من العالم.

والمحصلة النهائية تجسدت في انتصار الدبلوماسية المصرية، ومن ورائها العربية، لصالح القضية الفلسطينية، في مواجهة محاولات تقويضها، إبان لحظة العدوان الغاشم، لتعود المحاولة مجددا في ثوب جديد، تحت مظلة إعادة الإعمار والتنمية، في ضوء المقترح الأخير الذي أطلقه الرئيس الأمريكي ترامب، في حضور رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في انعكاس صريح لمحاولة إحياء دعوة تهجير الفلسطينيين المشبوهة، وإن كانت تحمل صورة تبدو ناعمة.

ولعل الموقف المصري تجاه الدعوة الأمريكية الإسرائيلية كان واضحا، منذ لحظة انطلاقها، حيث أعربت الدولة عن رفضها المطلق للمقترح، لتؤكد مجددا أن السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، هو حل الدولتين، وأن الولايات المتحدة إذا ما أرادت تحقيق السلام، فعليها الضغط في هذا الاتجاه، وهو الموقف الذي حظى بتأييد عالمي، حيث أكدت الغالبية العظمى من دول العالم رفض المقترح الأمريكي، باعتباره مناهضا للأسس التي تقوم عليها الشرعية الدولية.

المواقف الدولية المناهضة لترامب ومقترحه، والدعوات الإسرائيلية المشبوهة، ساهمت في حالة من الارتباك لدى حكومة بنيامين نتنياهو، وهو ما بدا في البيان التي أصدرته مؤخرا حول نقل الفلسطينيين إلى المملكة العربية السعودية، في انتهاك صريح للأعراف الدولية، لتكشف أمام العالم مجددا حالة العداء التي باتت تهيمن على التيار الإسرائيلي الحاكم تجاه الجوار الجغرافي، وهو الأمر الذي سارعت الدولة المصرية بالرد عليه رسميا عبر بيان صادر عن وزارة الخارجية.

الجهود الدبلوماسية التي بذلتها الدولة المصرية، في مواجهة مخطط التهجير، عبر توافقات دولية واسعة النطاق، تبدو في حاجة إلى تعزيز خط الدفاع الأول عن فلسطين وقضيتها (المنطقة العربية)، عبر عقد قمة عربية طارئة على أراضيها من شأنها تعزيز حالة الصمود الإقليمي في مواجهة الدعوات المشبوهة التي يطلقها الاحتلال، والتي تهدف إلى تصفية القضية، في انعكاس صريح إلى حالة "المركزية المتبادلة" بين العرب وفلسطين.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة