• جمال عبد الناصر : لا يمكن أن نقبل بتهجير الفلسطينيين إلى أي أرض أخرى. فلسطين للفلسطينيين
• محمد أنور السادات: أرضنا لا تقبل المساومة وليست عرضة للجدل
• السيسي 2014 : نرفض تمامًا أي محاولات لإعادة رسم خريطة المنطقة على حساب القضية الفلسطينية
بعديدا عن تصريحات ترامب الاخيرة التى تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية والتى لم تكن وليدة اللحظة أو هذه الايام ولكن منذ نكسة 1967، حاولت إسرائيل مرارًا فرض واقع جديد في الأراضي المحتلة، بما في ذلك تهجير الفلسطينيين إلى خارج وطنهم، لكن مصر كانت دائمًا في طليعة الرافضين لهذه المحاولات. ورغم الضغوط الدولية والإقليمية، لم تتغير المواقف المصرية الرافضة لأي مشروع لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو غيرها من الدول العربية، انطلاقًا من مبدأ ثابت يؤكد حق الفلسطينيين في أرضهم.
في هذا التحقيق، نستعرض المحاولات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين، والموقف المصري الرافض منذ عام 1967 وحتى اليوم، إضافة إلى تحليل الأسباب السياسية والاستراتيجية لهذا الرفض.
تهجير الفلسطينيين.. مخطط إسرائيلي منذ النكسة
بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، حاولت إسرائيل إيجاد حلول للتخلص من السكان الفلسطينيين في المناطق المحتلة، ومن أبرز الخطط:
مشروع ييجال آلون (1967):
قدم وزير العمل الإسرائيلي آنذاك، ييجال آلون، خطة لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة، مع تشجيع الفلسطينيين على الهجرة الطوعية عبر التضييق الاقتصادي والمعيشي عليهم.
التهجير القسري إلى الأردن وسيناء:
كشفت وثائق إسرائيلية عن خطط لطرد الفلسطينيين إلى الأردن وسيناء، ولكن الرفض المصري كان حاسمًا، كما حاول الاحتلال نقل لاجئين فلسطينيين من غزة إلى العريش، لكن القاهرة تصدت لهذا المخطط.
حرب 1973 وتغيير المعادلة:
أعادت مصر التأكيد على عدم قبولها بأي حل يكون على حساب الأرض الفلسطينية، بعد استعادة سيناء بالكامل بموجب اتفاقية السلام 1979، شددت القاهرة على أن سيناء أرض مصرية لا يمكن أن تكون بديلاً عن فلسطين.
في هذا السياق يؤكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن ملف التهجير القسرى للفلسطينيين ملف قديم يتم إعادة تجديده كل فترة، موضحا أنه في عام 1953 كانت هناك خطة سيناء التى طرحتها إسرائيل، حيث طرحت عمليات ترحيل للفلسطينيين وفشلت الخطة، وبعد ذلك كان هناك هناك خطة 1956 و1959 و1966، حيث مخططات إسرائيلية يعاد تقديمها تمثلت في تبادل أراضي أو تقسيم أراضي أو طرد السكان الأصليين وتهجير الفلسطينيين خارج حدودهم.
ويضيف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن وراء هذه الممخطات مجموعة جنرالات إسرائيليين وهم برليف ويهوشع بن درعي، وايتان، وأخرهم خطة جيورا إيلاند الذي تضمنتها خطة الجنرالات في شمال غزة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع.
ويوضح "فهمي"، أن شارون كان له خطة شهيرة في السبعينيات وحينها كن ضابطا صغيرا في الجيش برتبة رائد، وكان هدف هذه الخطط الترحيل والتهجير وإخراج الفلسطينيين من أراضيهم وقيام إسرائيل الكبيرة وكان الحديث حينها عن أن إسرائيل صغيرة ولابد أن تكبر وهو ذات الحديث الذي يتردد الآن على لسان ترامب أن حدود إسرائيل صغيرة ويجب أن تتوسع وينضم لها مناطق مجاورة مثل 235 كيلو في الجولان والأغوار والباقورة في الأردن .
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن هذه الخطط لم يكتب لها النجاح، لافتا إلى أن فكرة التهجير كامنة في العقل اليهودي والمشروع الصهيوني يترجم إلى بعض الأمور الخاصة بمحاولات تفريغ الأرض بما فيها الجولان ووضع فيها عرب 48 ونكون إسرائيل دولة يهودية نقية لديهم، بجانب فكرة تبادل الأراضي التي طرحوها في توقيتات سابقة.
ويوضح "فهمي"، أن التهجير القسري للفلسطينيين أفكار يعاد تدويرها ولن يكون لها أي تواجد ولكن لابد من أخذ الموضوع بجدية خاصة أن هذه المشروعات الشيطانية تتحدى القانون الدولى والقانون الدولى الإنساني ولابد من نقل المعركة إلى الرأي العام الدولي لمواجهة مثل هذه المخططات في هذا التوقيت .
الموقف المصري الرسمي منذ 1967.. رفض قاطع لتهجير الفلسطينيين
بيانات وتصريحات رسمية عبر العقود
في عام 1968، صرح الرئيس جمال عبد الناصر قائلًا: "لا يمكن أن نقبل بتهجير الفلسطينيين إلى أي أرض أخرى. فلسطين للفلسطينيين، وتهجيرهم يعني إنهاء قضيتهم."
في السبعينيات والثمانينيات، استمر هذا النهج في خطابات الرئيس أنور السادات، الذي أكد أرضنا لا تقبل المساومة وليست عرضة للجدل، كما أكد أن التراب الوطنى والقومى يعتبر لدينا في منزلة الوادى المقدس طوى الذى كلم فيه الله موسى عليه السلام، كما أكد السادات أنه لا يملك أي منا أن يقبل أو يتنازل عن شبر واحد منه أو أن يقبل مبدأ الجدال والمساومة عليه.
وفي عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، كان الموقف المصري أكثر وضوحًا، حيث صرح عام 2014: "نرفض تمامًا أي محاولات لإعادة رسم خريطة المنطقة على حساب القضية الفلسطينية."
لماذا ترفض مصر توطين الفلسطينيين؟
أسباب استراتيجية وسياسية
حماية القضية الفلسطينية:
تهجير الفلسطينيين يعني تفريغ أرضهم من السكان، وهو ما تسعى إليه إسرائيل لضمان ضمّ الأراضي المحتلة دون مقاومة ديموغرافية.
تمسكت مصر دائمًا بحل الدولتين وفق قرارات الأمم المتحدة.
الحفاظ على الأمن القومي المصري:
توطين الفلسطينيين في سيناء قد يفتح الباب لاضطرابات أمنية وصراعات طويلة المدى، كما أن سيناء لها أهمية استراتيجية، وأي تغيير ديموغرافي فيها قد يعرّضها لعدم الاستقرار.
رفض أي حلول على حساب مصر:
خلال الحروب العربية الإسرائيلية، حاولت بعض الأطراف الدولية إقناع مصر بقبول تهجير الفلسطينيين، لكنها رفضت دائمًا أي مخطط لا يضمن حق الفلسطينيين في العودة.
"صفقة القرن" والمشاريع الحديثة
رفضت مصر عام 2019 مقترحات إسرائيلية ضمن "صفقة القرن" تشمل توطين فلسطينيين في شمال سيناء، وأكدت القاهرة أن هذا خارج أي نقاش سياسي أو أمني..
الشعب المصري والقضية الفلسطينية.. دعم لا يتوقف
المجتمع المدني والإعلام المصري
لطالما وقف الشعب المصري بجانب القضية الفلسطينية، وهو ما انعكس في المظاهرات والمواقف الشعبية الرافضة لأي تهجير.
الإعلام المصري يلعب دورًا في تعزيز الرواية الفلسطينية ودحض المزاعم الإسرائيلية حول "عدم وجود بديل عن التهجير".
الدور المصري في دعم غزة
مصر لم تكتفِ بالرفض السياسي، بل لعبت دورًا رئيسيًا في دعم الفلسطينيين إنسانيًا وعسكريًا، خاصة خلال الحروب على غزة.
فتح معبر رفح أمام المساعدات والغذاء، إضافة إلى جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
القاهرة درع القضية الفلسطينية ضد مخططات التهجير
منذ عام 1967 وحتى اليوم، لم تتغير السياسة المصرية الرافضة لتهجير الفلسطينيين، حيث تمسكت القاهرة بموقفها القائل:"لا وطن للفلسطينيين إلا فلسطين."
ورغم الضغوط الإسرائيلية والأمريكية في بعض المراحل، ظل هذا الموقف ثابتًا، لأن أي حل حقيقي للقضية الفلسطينية لا يمكن أن يقوم على طرد شعب من أرضه، بل على عودته وإقامة دولته المستقلة.
هنا يوضح هشام النجار، الباحث السياسي، أن الرفض المصرى لتهجير الفلسطينيين أمر يدخل في صلب الثوابت التاريخية المصرية منذ ثورة 1919 مرورا بثورة يوليو انتهاء بثورة يونيو 2013 وما بعدها، مؤكدا أن النضال المصري على امتداد هذه المسيرة تركز على العديد من المحاور الرئيسية أتى في مقدمتها الدفاع عن القضية الفلسطينية وثوابتها وحق الشعب الفلسطيني في وطنه وحقه في قيام دولته والدفاع عن مقدساته وثرواته ومنع تهجيره.
ويشير في تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن المحور الثاني هو منع مشروع إسرائيل الكبرى من النهر إلى النهر الذي يأتي على حساب الإضرار بثوابت الأمن القومي العربي والمصري، متابعا :"اقتضى هذا وذاك نضال الدولة المصرية منذ جمال عبدالناصر إلى اليوم ضد أدوات هذين المخططين وفي مقدمة تلك الأدوات التي وظفتها بريطانيا ومن بعدها أمريكا والقوى الداعمة لإسرائيل جماعة الإخوان الخائنة الإرهابية وغيرها من الجماعات التكفيرية ، علاوة على خوضها حروب مباشرة قبل ذلك لمنع هذه المخططات من التنفيذ".
ويتابع "النجار"، أن مصر لن تتوانى في الوقوف بثبات على موقفها التاريخي وإن تطلب الأمر التخلي عن استراتيجيتها السلمية منذ معاهدة كامب ديفيد حيث أنها في هذه الحالة وفي حالة الإصرار على تحريك تلك المخططات مجددا فستكون مصر في حالة دفاع عن النفس وعن حدودها وعن أمنها القومي.