عقد وزيرا خارجية جمهورية مصر العربية، وجمهورية تركيا مشاورات في أنقرة اليوم الثلاثاء، تناولت العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حيث عُقِدت هذه المشاورات في إطار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وصدر بيان مشترك عن وزارتي الخارجية المصرية وتركيا، أكد أن الوزيران أعربا عن التزامهما نحو مواصلة جهودهما لتعزيز المناخ الاستثماري للقطاع الخاص والمستثمرين في البلدين، كما تعهدا بالاستمرار في دفع حجم التبادل التجاري بينهما قدماً ليبلغ 15 مليار دولار عبر تقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية وتعزيز التعاون في مجال الصناعة.
ووضعاً في الاعتبار حلول الذكرى المئوية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا في عام 2025، أعرب الوزيران عن رضائهما تجاه المسار الإيجابي للعلاقات الثنائية، وهو ما يتسق مع مخرجات اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين جمهورية مصر العربية وجمهورية تركيا في سبتمبر 2024، والتي انعكست في الزيادة الملحوظة لحجم التبادل التجاري، حيث وصلت قيمة التبادل التجاري بين البلدين 8.8 مليار دولار خلال عام 2024.
رحب الوزيران بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والأسرى في غزة، وأثنيا على الجهود التي بذلتها جمهورية مصر العربية، ودولة قطر، والولايات المتحدة الأمريكية في هذا الصدد، كما دعما الجهود الرامية لضمان تنفيذ الاتفاق في كافة مراحله.
وشدد الوزيران على أهمية تكثيف الجهود الجماعية من قبل المجتمع الدولي لتخفيف المعاناة في غزة، وذلك عن طريق زيادة المساعدات الإنسانية، والالتزام بإعادة إعمار القطاع دون تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم. وعلى ضوء آثار الحرب على غزة التي أدت إلى واحدة من أسوأ المآسي الإنسانية في التاريخ الحديث، دَعَا الوزيران في هذا السياق المانحين الدوليين إلى المشاركة الفعالة في مؤتمر إعادة الإعمار الذي من المتوقع أن تستضيفه مصر.
وأكد وزيرا خارجية مصر وتركيا على أهمية الحفاظ على دور وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والتي لا يمكن الاستغناء عنها في سبيل دعم اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى التأكيد على ضرورة تراجع إسرائيل عن قراراتها التي تقوض دور الأونروا.
وشدد الوزيران على دعمهما القوي لصمود الشعب الفلسطيني والتزامه الثابت بأرضه ووطنه وحقوقه المشروعة. وجدد البلدان رفضهما لأي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية وضم الأراضي، أو من خلال التهجير والانتزاع من الأرض، أو تشجيع نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى خارج الأراضي الفلسطينية لأغراض قصيرة أو طويلة الأجل على حد سواء، حيث أن مثل هذه الأعمال تهدد الاستقرار وتؤجج الصراع في المنطقة وتقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.
وجدد الوزيران التزامهما بمعالجة الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال تحقيق سلام عادل ودائم بين فلسطين وإسرائيل استناداً إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وحل الدولتين، لا سيما من خلال ترسيخ دولة فلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكدا تصميمهما على وحدة وسيادة سوريا وسلامة أراضيها، وضمان ألا تشكل الأراضي السورية تهديداً لأي دولة. وشددا على أهمية وجود عملية سياسية شاملة تخدم مصالح الشعب السوري الشقيق. وجددا فهمهما المشترك حول العودة الطوعية والكريمة للنازحين السوريين إلى وطنهم. وفي هذا الصدد، أكدا أهمية مكافحة الإرهاب واقتلاعه من جذوره، والحفاظ على علاقات حسن الجوار مع دول المنطقة.
وجددا التزامهما بدعم سيادة ووحدة الصومال وسلامة أراضيه، بالإضافة إلى دعم الحكومة الفيدرالية في تحقيق الأمن والاستقرار.
وأعرب الوزيران عن أسفهما وقلقهما بشأن الصراع المستمر في السودان، والذي أدى إلى عواقب إنسانية كارثية في جميع أنحاء البلاد والمنطقة، وأثنيا على قرار مجلس السيادة السوداني الانتقالي لإنشاء مناطق إنسانية بهدف تسهيل نفاذ وتوزيع المساعدات الإنسانية.
وحول الوضع في ليبيا، شدد الوزيران على التزامهما بدعم عملية سياسية يقودها ويملكها الليبيون تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف الحفاظ على الوحدة السياسية وأمن واستقرار وسيادة ووحدة الأراضي الليبية.
وأكد الوزيران التزامهما بدعم العمل المنسق والمشترك من قبل المجتمع الدولي للقضاء على الإرهاب بجميع أشكاله، بما في ذلك معالجة أسبابه وجذوره الأيديولوجية ومكافحة تنقل العناصر الإرهابية عبر الحدود، ودَعَوا إلى "عدم التسامح مطلقاً" مع الإرهاب وداعميه.
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية والهجرة الدكتور بدر عبد العاطي، الثلاثاء، أن مصر ستستضيف مؤتمرًا دوليًا لإعادة إعمار قطاع غزة، مشددا على أن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يجب أن يتزامن مع نفاذ المساعدات الإنسانية والطبية، جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم.
وطالب وزير الخارجية بضرورة توفر الإرادة السياسية واحترام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مؤكدًا رفض القاهرة أي محاولات لاقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، مشيرا إلى أن الرؤية المصرية تتضمن أن يكون وقف إطلاق النار في غزة وقفًا مستدامًا، مثمنا الدور التركي في دعم القضية الفلسطينية وتقديم المساعدات، لافتًا إلى أن هذا الدعم محل تقدير، لا سيما وأن تركيا دعمت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة منذ بدايته.
وتطرق وزير الخارجية إلى تطورات الأوضاع الراهنة في ليبيا، مؤكدا أهمية دعم الجهود الوطنية الليبية في إطار تعزيز الحل الليبي، وكذلك خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، بما يحقق أمنها.
وعن الوضع في لبنان، أكد وزير الخارجية أن مباحثاته مع نظيره التركي شدد على ضرورة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان وانسحاب إسرائيل الكامل وغير المنقوص من الأراضي اللبنانية، مضيفا: "أكدنا ضرورة تطبيق القرار الأممي 1701 لتحقيق الاستقرار في لبنان".
وحول الأوضاع في سوريا، أكد وزير الخارجية على أهمية استقرار سوريا وأمنها وسيادتها ووحدتها، مشددًا على أن ذلك يمثل "أولويات أساسية" لمصر.
بدوره، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن علاقة تركيا مع مصر تزداد يومًا بعد يوم، وأنهم سيعملون على زيادة التعاون معها على المستويات كافة، وتعزيز الصناعات الدفاعية والتعاون في مجال الطاقة، بجانب العمل على الاهتمام بالملفات الإقليمية.
وتوجه وزير الخارجية التركي بالشكر إلى مصر على دورها ومساعيها لتحقيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مضيفا: "مصر تتولى دورًا مهمًا في إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة."
وأشار وزير خارجية تركيا إلى إرسال بلاده 97 ألف طن مساعدات إلى غزة منذ بداية الأزمة، كما علق خلال اللقاء على تهجير الفلسطينيين من أرضهم قائلًا: "هذا الأمر سيؤثر على السلام بالمنطقة".
وأعرب وزير الخارجية التركي عن أمله في استدامة وقف إطلاق النار بقطاع غزة، مضيفًا بالقول: "حماس لا تتردد بشأن تحقيق شروط اتفاق وقف إطلاق النار"، مؤكدا فلسطين وإسرائيل تحتاجان معًا إلى الأمن والسلام.
دعا وزير خارجية تركيا إلى ضرورة منع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من تنفيذ سياسة التطهير العرقي في غزة، وتابع بالقول: "نقف ضد كل تدخل يهدف إلى إخراج الفلسطينيين من أرضهم".
وأدان وزير الخارجية التركي زيادة الهجمات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، مطالبا بضرورة إنهاء هجمات الاحتلال الاسرائيلي ضد الفلسطينيين في الضفة.
وحول تطورات الأوضاع في سوريا، أعرب وزير خارجية تركيا عن أمله في أن تتحول سوريا إلى دولة مستقرة وآمنة، داعيا إلى دعم الإدارة السورية الجديدة لتحقيق الفترة الانتقالية، مشددا على ضرورة عدم تدخل القوى الأجنبية في شؤون المنطقة لأن ذلك يؤدي إلى الحرب وعدم الاستقرار.