في ليلٍ دامس، أو في قلب النهار، حينما تتساقط الحجارة وتتهاوى الجدران، تبزغ في السماء إشارة الأمل من قلب الأزمة، "قوات الإنقاذ البري"، ذلك الكيان الذي لا يعرف الكلل ولا العجز، يقف حائط صد في مواجهة الكوارث، ينبض بعزيمة لا تلين، ويضرب أروع الأمثلة في التفاني والبطولة.
مع انهيار العقارات وتداعي الجدران، يصبح هؤلاء الأبطال أول من يتقدم إلى قلب الخطر، لا يهابون الموت، بل يقابلونه بشجاعةٍ منقطعة النظير في سعيٍ لا يكل لإنقاذ الأرواح.
تاريخ طويل من التفاني والجهد المتواصل تسطره هذه القوات، التي لم تقتصر مهامها على مجرد الإطفاء أو التصدي للكوارث، بل أصبحت ، قوات الإنقاذ البري، هي الحارس الأمين على حياة المواطنين، حيث تتحرك بين الأنقاض في مشهد إنساني بديع، متمثلًا في قول الله تعالى: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا"، لتكون تلك الكلمات شعلة تضيء دربهم.
وفي إطار استراتيجيتها الأمنية، التي تعد جزءًا من رؤية *وزارة الداخلية المعاصرة، شهدت قوات الإنقاذ البري تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، الوزارة، التي تسعى جاهدة لتطوير جميع قطاعاتها، قدمت هذه القوات بأحدث الأجهزة والمعدات التي أسهمت في رفع كفاءة العمل، واختصار الزمن، مما جعلها قادرًا على تحقيق نتائج غير مسبوقة في سرعة الاستجابة والتعامل مع الحالات الطارئة، فالأجهزة الحديثة، من أجهزة الاستشعار المتطورة إلى الرافعات العملاقة وأدوات البحث تحت الأنقاض، جعلت فرق الإنقاذ أكثر قدرة على الوصول إلى الضحايا في أسرع وقت، والتفاعل بكفاءة مع الظروف الصعبة.
قد يبدو الأمر وكأنه مجرد آلات تعمل وفق برنامجها، لكن الحقيقة هي أن تلك الأدوات، مهما كانت متطورة، لن تكون ذات قيمة دون الإنسان، فجنود الإنقاذ البري، بكل ما يملكون من شجاعةٍ وقوةٍ جسديةٍ وذهنيةٍ، يهبّون لنجدة الأفراد في وقت المحن، يركضون نحو الخطر، يحملون الروح الإنسانية بكل معانيها، لا يهم كم كانت الأنقاض ضخمة أو الظروف قاسية، فالإنقاذ هدفهم، وحياة البشر أغلى من كل شيء.
"الشجاعة ليست غياب الخوف، بل القدرة على المضي قدمًا رغم وجوده"، هذا ما يراه أبطال الإنقاذ، وهم يواجهون اللحظات العصيبة، فقد ثبت، عبر الأحداث الأخيرة، أن نجاحهم لم يأتِ مصادفة، بل جاء نتيجة التدريب المستمر، الذي يراعي آخر ما توصلت إليه التقنيات الحديثة، ورغبتهم المستمرة في تحسين الأداء.
وعلى الرغم من أن البعض قد يظن أن مهمتهم تقتصر على التدخل في اللحظات القاسية، إلا أن عملهم لا يتوقف عند إنقاذ الأرواح فحسب، بل يشمل كذلك الوقاية والتوعية.
في إطار من التنسيق الكامل بين قوات الإنقاذ وبقية أجهزة الدولة، يجري العمل على تحديث خطط مواجهة الكوارث الطبيعية والبشرية، وكذلك تطوير المرافق العامة، بهدف تحقيق مستوى أعلى من الأمان للمواطنين.
وقد تمكّنت وزارة الداخلية من خلال الإدارة العامة للحماية المدنية، من بناء منظومة حماية مدنية قوية ومتطورة، تتسم بالتنظيم الدقيق والمتابعة المستمرة، مما جعلها قادرة على التصدي لأية كارثة أو تحدٍ، سواء كان طبيعيا أو صناعيًا.
تسهم هذه المنظومة في الحفاظ على الاقتصاد الوطني، من خلال حماية منشآت الدولة ومرافقها الحيوية، وتحقيق بيئة استثمارية آمنة، تساهم في تنمية مستدامة تخدم المجتمع بأسره.
ما نشهده اليوم من نجاحات لهذه القوات يُعد شهادة على أن الاستثمار في الإنسان، سواء كان بتطوير مهاراته أو تزويده بأحدث الأجهزة، هو استثمار في الأمان والتنمية، فمواصلة تقديم هذه الخدمات الإنسانية تعكس روح التضحية والعطاء الذي يسري في عروق رجال قوات الإنقاذ البري، الذين لا يترددون لحظة في الوقوف على الجبهة الأمامية، حاملين أرواحهم على أكفهم، من أجل حياة الآخرين.