حقق خالد الصفتى نجومية كبرى في التسعينات بفضل سلسلة مغامرات فلاش التي أتبعها بسماش وهى سلسلة من القصص المصورة التي استحوذت على عقول وقلوب القراء خصوصا اليافعين لكن الأمر لم يقتصر على الصغار فقد جذبت فلاش القراء الكبار أيضا ومازالوا يبحثون عنها في معرض الكتاب ومنافذ البيع المختلفة.
"اليوم السابع" التقت خالد الصفتى للحديث عن الظاهرة الأبرز في عالم القصص المصورة خلال التسعينات وكيف استطاع بأعداد من كتب الجيب غزو عقول الأطفال والمراهقين وكيف وبناء شعبية كبيرة لدى الأسر المصرية في رحلة استمرت سنوات برزت عبرها شخصيات مثل علام والبحار الغبى وحاتم الطائى 2000، وسر الخلطة التى توصل إليها والتى تمزج الألغاز بالقصص المصورة بالمسابقات المثيرة.
كيف نشأت فكرة فلاش المطبوعة الأشهر فى عالم القصص المصرية المصورة وهل سبق الرسم الكتابة؟
الرسم سبق الكتابة غير أننى لما عملت رساما للقصص في المجلات المخصصة للأطفال في التسعينات لم تعجبنى الأفكار والقصص الرائجة آنذاك وظننت في نفسى القدرة على إنتاج ما هو أفضل، كنت أرسم فقط لكن عقلى معلق بالكتابة، وكنت أتساءل ماذا لو أننى كتبت مسار القصة المصورة بدلا من رسمها فقط، جربت نفسى فسارت الأمور على أكمل وجه وانتقلت الحكاية كلها إلى يدى من كتابة ورسم.
هل انتهى تأثير فلاش بعد سنوات طوال أم أن الجمهور مازال مقبلا عليها؟
هناك قصص كثيرة يمكننى قولها في هذا السياق، انظر إلى مبيعات معرض القاهرة الدولى للكتاب وأنت تعرف ما جرى ويجري، فلاش ما زالت تحقق مبيعات خرافية حتى اليوم، وإليك بعضا مما سمعته: جاءتنى سيدة وزوجها وقالا إنها يقرآن فلاش من الصغر وأنهما نقلا عشق فلاش إلى الأبناء وإنهما مازالا يقرآن مع أبنائهما، هناك أسر بأكملها تقرأ فلاش "الأب والأم والأبناء"، فهل هناك كاتب حقق ذلك؟ في العادة تكون الفئة العمرية محددة لكننى تجاوزت مفهوم الفئة العمرية فالجميع يقرأون لى والظاهرة مستمرة في الزمن فما إن تدخل قصصى البيت حتى تقرأها العائلة، وهكذا تنتقل ثقافة حب القراءة.
وما سبب ذلك الانتشار الهائل لفلاش؟
السبب الأساسى أن المنتج نفسه مناسب للأسرة والعائلة، فلاش قصص مصورة نظيفة تماما بلا قيم غربية غريبة عن مجتمعاتنا كما هو شأن بعض القصص المصورة الرائجة. فضلا عن ذلك فقد راعت فلاش إبراز الهوية المصرية وتعزيز القيم الإيجابية من خلال الشخصيات التي انطبعت في أذهان القراء على مر السنوات.
هناك شعور لدى بأنك آثرت الابتعاد عن المؤسسات الجماعية الخاصة برسم الكاريكاتير والكتابة والقصص المصورة فهل هذا صحيح؟
إليك هذه المعلومة أنا لست عضوا في اتحاد الكتاب، هل تعرف لماذا. لأن اتحاد الكتاب رفض انضمامي إلى نقابة اتحاد كتاب مصر بمعرفة الراحل فاروق خورشيد.
ما الرسالة التي تود إيصالها إلى المسئولين بشأن كتب اليافعين والقصص المصورة؟
رسالتى إلى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، أحمد المسلمانى، أدعوه إلى التدخل لتذاع حلقات فلاش التي أنتجتها روايات مصرية للجيب على قناة الأطفال التي أعلن عنها بدلا من طرحها على منصات غير مصرية. أتمنى أن تتاح لهذا المسلسل الضخم الذى لم أعرف طريقة لتسويقه في إحدى القنوات المصرية على الرغم من ضخامة إنتاجه.
أعتقد أن سلسلة مثل فلاش تستحق العرض على القنوات المصرية بدلا من ترك أطفالنا أمام موجات التغريب والقيم المغايرة لقيمنا والتي يتلقونها عبر الكارتون الأجنبي الذى أعتقد أنه غير مناسب في كثير منه للعرض ببلادنا، والمحور الرئيس لذلك واضح، فالقيم الغربية مختلفة تماما عن قيمنا، ولا أستمع في هذا السياق لقول قائل أنه مجرد كارتون بسيط يحكى قصة بسيطة فالحكاية وإن كنت بسيطة فإنها تحمل في طياتها قيما، فلا يمكن أساسا للحكاية أن تسير في مسارها بغير قيم. فهل سيكتب الكاتب مثلا أحداث مسطحة؟ إننا لا نستطيع خلق مسار حكائى بمعزل عن قيمه، فالقيم دائما ما تتواجد في عمق أي حكاية.
ما الذى يمكن أن تقدمه القصص المصورة للنشء؟
لها دور كبير وهنا سأحدثك عن فراغ كبير في هذه النوعية من الكتب في السوق المصري. نحن بحاجة إلى منتج مصري في هذه المنطقة، أنا أكتب لأقأوم الجهل. الجهل يتزايد بمرور الزمن بشكل ملفت للنظر. هناك أجيال لا تعرف ماضيها، ولا تعرف رموز العلم والفن والأدب لتراجع القراءة لدى الأجيال الصاعدة، قبل فترة تحدثت مع فتاة في عمر الزهور ووجدت أنها لا تعرف أحمد زكى، هل تتخيل؟ أحمد زكي الذى ملأ الآفاق وملأ الدنيا أفلاما وتمثلا لا تعرفه الفتاة من الأساس، أنا صدمت ورسخ في ذهني أن هناك جهل يزحف في الأفق ولا بد من مواجهته ولا سبيل إلى ذلك إلا بالقراءة والثقافة.
هل هناك اختلاف بين الجيل الحالي من الكتاب والقراء والجيل القديم؟
لا شك أن هناك اختلاف كبير، الزمن تغير والقيم تغيرت، كنا في معرض الكتاب القديم في مدينة نصر ننتقد الأوضاع والأشخاص ولم يكن الواقع يعجبنا والآن ماذا سنفعل؟ ما يمكننى قوله هو أن الناس الذين لم يكونوا يعجبوننا في التسعينات أنبياء مقارنة بأناس اليوم.
لماذا اختفيت وابتعدت عن فلاش على مدار السنوات الماضية؟
سافرت إلى الخليج حيث عملت مديرا لتحرير مجلات أطفال والآن أنا موجود في الموسسة العربية الحديثة ناشر فلاش وصاحبة ثورة كتب الجيب التي بدأت في الثمانينات وتسيدت طوال التسعينات من القرن العشرين.
يريد الكثير من القراء معرفة المكون المعرفى لديك فهل لك أن تحدثنا عن دراستك؟
درست في كلية الفنون الجميلة قسم ديكور لكننى احترفت الرسم منذ كنت طالبا في الكلية وكنت أقدم في المجلات المصرية والعربية للعمل في وظيفة رسام وكان يقبلوننى في بعض الأحيان. يتعلق الأمر بأن يكون لأحدهم مزاج رائق حين تحدثه في شغل أو وظيفة، فيقول لك وكأنه مندهش "أبعت لنا شغل" ومن هنا بدأت كل حكاية.
شاركت بأكثر من حفلة توقيع فى معرض الكتاب 2025 فكيف رأيت تلك المناسبة الثقافية الأهم؟
سعدت للغاية بهذا الكم من المتابعين والقراء رأيت العائلات تأتى للسؤال عن فلاش لشرائها لأبنائهم كما كانوا يقرأونها في الطفولة، هناك ارتباط كبير بين آباء اليوم وسلسلة القصص المصورة الأشهر في مصر خلال التسعينات. يقول الناس إنهم تربوا عليها فأسعد بمدى ما حققته قصصى من تأثير.
في النهاية الرسالة التي تقدمها القراءة هي مواجهة الجهل ولا بد من دعم تلك الرسالة بأى طريقة، لا بد من الحفاظ على أجيالنا الأصغر بالقراءة.
الشخصيات التي ألفتها أثرت كثيرا في جيل كامل فهل تدرك مدى تأثير شخصيات مثل البحار الغبي وعلام وطريقة رسمهم في جيل تفتحت عيونه على القراءة في التسعينات؟
بلاشك ألحظ هذا التأثير منذ إطلاق "فلاش" كل يوم تأتينى ردود فعل من الجمهور تؤكد على هذا التأثير الكبير الذى تركته تلك الشخصيات التي أحبها الجمهور وارتبط بها على مدار سنوات طوال.
قدمت في معهد السينما ثم حولت مسارك فما القصة وهل ترى أن مسلسل فلاش أفضل من مسلسلات ديزنى؟
قدمت في معهد السينما بعد الثانوية العامة غير أننى اكتشف أنه ليس مسارا مناسبا لي بعدما اجتزت الاختبارات المتلاحقة التي أجريت لقبولى مع عدد كبير من الطلاب، لم أر نفسى في هذا المجال على الرغم من أننى التحقت بقسم الرسوم المتحركة.
وعندما أقول إن مسلسل فلاش أفضل من منتجات ديزنى في مجال الرسوم المتحركة المخصصة للأطفال فأنا أعنى ما أقول، لدى قيم أنقلها وواقع أنقله فضلا عن أننى مهتم بالفكرة الإبداعية المتطورة، وهو ما أتفوق فيه بمسلسل فلاش على مسلسلات ديزنى كما أن شخصيات فلاش تتفوق على شخصيات ديزنى التي تغلب عليها النمطية من وجهة نظرى بينما حرصت دوما على إضفاء لمسات إبداعية على مسار الحكايات ورسم الشخصيات.
خالد الصفتى وأبطال فلاش
خالد الصفتى مع جمهور معرض الكتاب
