التواصل جزء أساسي من حياتنا، لكن لكل منا طريقته الخاصة في التعبير، بعضنا يبرع في الحديث المباشر، بينما يجد آخرون في الكلمة المكتوبة وسيلتهم الأقوى، بعضهم يدون أفكارهم في دفاترهم الخاصة أو يضعون اقتباسات تلهمهم على صفحات التواصل الاجتماعي، لكن هناك فئة مختلفة تمامًا، فئة تحول سياراتهم إلى منصات تعبيرية متنقلة، تحمل رسائل متنوعة منها الحكم والمواعظ، العتاب واللوم، الدعابة والسخرية، وحتى الرسائل المبطنة للأعداء والمنافسين.
رصد اليوم السابع بعض العبارات التي تكتب على ظهر السيارات، بداية من "العربيات الملاكي"، حتى سيارات النقل الثقيل، فهم أشخاص يصنعون فرقاً بطريقة بسيطة ترسم على وجه الكثيرون ابتسامة.
الحكم على السيارات
حكايات وحب ورسايل للأخصام
يرى البعض أن كتابة العبارات على السيارات، خاصة سيارات الأجرة والنقل الثقيل، ليست مجرد تقليد، بل تعبير صادق عن تجارب حياتية وأحاسيس دفينة، فقد يتعرض سائق ما لموقف معين يجعله يشعر بالحاجة إلى توجيه رسالة واضحة إلى شخص ما، لكن بدلًا من الحديث المباشر، يلجأ إلى الكلمات المكتوبة على سيارته، لتكون بمثابة رسالة مفتوحة لكل من يمر بها.
بحسب الدكتورة سلمى أبو اليزيد، استشاري الصحة النفسية، فإن من يختارون التعبير عن أنفسهم بهذه الطريقة غالبًا ما يتمتعون بقدر عالٍ من الثقة بالنفس والقدرة على التواصل بطرق غير مباشرة، فهم يستخدمون السيارات كمساحة للإفصاح عن مشاعرهم بأسلوب بسيط لكنه مؤثر، وهذا ينطبق على العبارات التي تحمل في طياتها حكمة، أو تلك التي تأتي بصيغة ساخرة تعكس خبرات الحياة وتحدياتها.
المادة غلبت المودة
ليس من الغريب أن نجد عبارات تعكس الشوق والحنين للأهل، خاصة الأمهات والآباء، حيث تعتبر السيارة واحدة من أكثر الأشياء قيمة في حياة البعض، مما يدفعهم إلى نقش كلمات تعبر عن ارتباطهم العاطفي العميق بأحبائهم. كما أن بعض العبارات تركز على قضايا اجتماعية، مثل الغدر والخيانة، أو حتى الأوضاع الاقتصادية، كما يظهر في عبارات مثل "المادة غلبت المودة"، والتي تعبر عن تبدل القيم في المجتمع.
النقل الثقيل
بين الكوميديا والرسائل المشفرة
فيما ترى خبيرة العلاقات الإنسانية صابرين جابر أن بعض العبارات الكوميدية المكتوبة على السيارات قد تبدو للوهلة الأولى مجرد طرفة، لكنها غالبًا ما تحمل في داخلها معانٍ حقيقية تعكس تجارب شخصية عاشها كاتبها. بعض هذه العبارات يمكن أن يعكس التحدي والسخرية من الأوضاع الصعبة، بينما بعضها الآخر قد يكون رسالة موجهة إلى أشخاص معينين بأسلوب غير مباشر.
أما العبارات الغامضة مثل "مستشيكتكش"، فهي قد تدل على شخصية محبة للفت الانتباه، تتمتع بروح غير نمطية، وتسعى دائمًا لخلق التميز بأسلوب مختلف. في حين أن العبارات الدينية والصور الرمزية، مثل صور الشيخ الشعراوي أو السيدة العذراء، تعبر عن شعور أصحابها بالحاجة إلى الطمأنينة والقوة الروحية أثناء رحلاتهم على الطريق.
أما عن صور المشاهير من الفنانين والخرائط والعبارات التي تحمل تحدي قالت خبيرة العلاقات الإنسانية أن هؤلاء الأشخاص الذين يستخدمون مثل هذه الصور على سياراتهم هم شخصيات متعاطفة لحد كبير، يحبون التعبير عن امتنانهم حبهم سواء لشخص مشهور كان له أثر ما في حياتهم، أو حتى خريطة مثل "خريطة فلسطين" المرسومة داخل قلوبنا وليس فقط مجرد رسمة على سيارة.
حكمة على الميكروباص
خير أبويا
رب العباد ستار
الشيخ متولي الشعراوي
العدرا مريم
مستشيكتكش
خريطة فلسطين
محمد منير
باحث أثري: المصريون توارثوا الكتابة على العربيات من قدماء المصريين
ومن منظور تاريخي، يؤكد الباحث الأثري فؤاد الشاذلي أن عادة تزيين المركبات بالكلمات والرموز تمتد جذورها إلى العصور الفرعونية، فقد كان المصريون القدماء ينقشون العبارات والرموز على جدران المعابد وورق البردي وحتى على العربات الحربية، حيث استخدموا هذه الوسيلة لإيصال رسائل تهديد للأعداء أو للتعبير عن فخرهم بإنجازاتهم، واليوم، يبدو أن هذا التقليد لا يزال مستمرًا، ولكن بأسلوب أكثر حداثة يتناسب مع العصر.
عربية ملاكي
ما شاء الله

المصريون القدماء