سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 14 فبراير 1908.. قاسم أمين يسأل سعد زغلول باشا: ماذا تقول فى وفاة مصطفى كامل؟ وسعد يرد: «نعلم أن الرجل ليس بشىء وأنه نصاب»

الجمعة، 14 فبراير 2025 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 14 فبراير 1908.. قاسم أمين يسأل سعد زغلول باشا: ماذا تقول فى وفاة مصطفى كامل؟ وسعد يرد: «نعلم أن الرجل ليس بشىء وأنه نصاب» سعد زغلول باشا
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

سافر سعد زغلول باشا وزير المعارف إلى الفيوم، وفى مساء يوم وصوله تلقى خبر وفاة الزعيم الوطنى مصطفى كامل فى 10 فبراير عام 1908، فلم يتأثر تأثرا كبيرا حسب اعترافه فى الجزء الأول من مذكراته، تحقيق: الدكتور عبدالعظيم رمضان»، قائلا: «بعد العشاء اجتمع  بعض القضاة وأعضاء النيابة وناظر المدرسة، وجرى ذكر الفقيد، فلم أبد شيئا ضده، ولكن قلت: سمعت أنه كان يحابى أحيانا لأغراض شخصية، ولم أر معارضا من السامعين، ولكن موافقتهم لم تكن شديدة ولا ظاهرة ظهورا بينا، وقلت إنه كان على علاته نابغا».


يضيف «سعد» أنه فى طريق عودته إلى القاهرة من الفيوم، أعاره وكيل البوستة بعض الجرائد فقرأها وحسب قوله: «رأيتها تبكى بكاء مرا وفاة مصطفى كامل، وما وصلت مصر حتى علمت فوق ما قرأت، وأصبحت الناس لا حديث لها إلا الوفاة، وما أصاب الناس من الفزع الأكبر من هولها، وأكثر الناس من الإعجاب بها، ومن كان منهم لا يعبأ بالمتوفى فى حياته، اهتم لوفاته اهتماما كبيرا، وعد التفاف الناس حوله وبكاء الكثير منهم علامة على تنبه الشعور الوطنى، ودليلا على نمو الإحساس فى الناس، وذهبوا إلى أنه هو الذى أوجد هذا الشعور ونمّاه، وافتتحت الجريدة وهى من الجرائد المخالفة له، التى كان بينها وبين جرائده خلافات شديدة اكتتابا لرفع تمثال له، تذكارا لشأنه، واكتتب الكثير فيه أول مرة بمبلغ أزيد من خمسمائة جنيه».


يواصل سعد باشا نقل حالة الأحزان التى عمت مصر على مصطفى كامل: «سارت تلامذة جميع المدارس الثانوية والعالية والخصوصية فى الجنازة، كل مدرسة وراء علم مخصوص مجلل بالسواد، ومكتوب فيه اسمها، وساروا سكوتا كأنما على رؤوسهم الطير، وعلت أصوات الكثير بالبكاء والنحيب، وكان التلامذة يحملون بالتبادل النعش على الأعناق، ونظم كثير من الشعراء والكتاب مراثى فيه، وأقام الكثير من النوادى، والجمعيات والمساجد فى مصر والأرياف صلوات على روحه وتواردت الرسائل البرقية والبريدية على الجرائد المحالفة له والمعادية تنعيه وتصف حزن الناس عليه، وكثير من الأفراد أقاموا مآتم فى بيوتهم، واستقبلوا المعزين فيها، ولبس بعض السيدات لباس الحداد عليه، وكذلك حمل التلامذة من كل نوع علامة الحداد عليه، ولم يشذ عن ذلك تلميذات المدارس النسائية، وتوقفت معلمات المدارس السنية عن مشاهدة الألعاب السحرية فى اليوم التالى لتشييع الجنازة، لأن الحزب أثر فى نفوسهن تأثيرا أفقدها الرغبة فى مشاهدة هذه الألعاب، وبالجملة فإنك لا تجلس فى مجلس، ولا تجتمع مع صاحب، ولا تأوى إلى بيت، ولا تطالع جريدة، ولا تسير فى الأسواق، ولا تركب فى الترام، إلا وتسمع أو تقرأ شيئا عن مصطفى كامل».


ذهب قاسم أمين مؤلف كتاب «تحرير المرأة» لزيارة سعد باشا فتحدث لقاسم متعجبا من حالة الأحزان التى سادت، ويقول سعد فى مذكراته نصا: «قاسم بك أمين، وهو من الذين لم يسلموا من لسان المتوفى، فقد حمل على كتابه فى «تحرير المرأة» حملة عواء، وانتقده أشد الانتقاد، لا اعتقادا بضرورة، ولكن تقربا من الجناب العالى، ونفاقا لذوى الأفكار المتأخرة والمتعصبين من الأمة، ومن الذين كانوا لغاية وفاته يعتقدون أنه نصاب خداع، ومنافق كذاب».
يضيف سعد: «قاسم بك هذا حضر إلى يوم الجمعة 14 فبراير «مثل هذا اليوم» 1908، فى اليوم الرابع من الوفاة، وكان أول ما بدأنى به: ماذا تقول فى وفاة مصطفى كامل، إن اهتمام الناس بها لدليل على تنبه عام، وحياة فى الناس جديدة، وهذه قيمة تستحق الإعجاب، وأنه معجب أيضا للطفى بك السيد، الذى اقترح إقامة التمثال، ولم يبق عنده الآن شك فى حياة الأمة ونهضتها».


يعترف سعد باشا، بأنه استغرب أشد الاستغراب لما سمع هذا الكلام من صاحبه، ولم يدر السر فى هذا الانقلاب، فرد على قاسم أمين: «نعلم أن الرجل ليس بشىء، وأنه نصاب»، فقال قاسم: «كذلك، ولكن النتيجة التى ترتبت عليه تستحق الإعجاب»، فرد سعد: «إن هذا الشعور عظيم، ولكن لم أفهم أن يكون لطفى هو أول مقترح لهذا التذكار»، فقال قاسم: «إنه خيرا فعل، وإن وجود مثل هذا الأمر يقوى هذا الشعور ويزيده».


يكشف «سعد» أنه شعر بأن ما يذكره لم يلق راحة عند قاسم أمين فانتقل إلى موضوع آخر يتعلق بحديثه مع «دنلوب» المستشار الإنجليزى لوزارة المعارف المصرية، ومع «جورست» وكيل وزارة الخارجية المصرية الذى صار «معتمد الاحتلال البريطانى فى مصر خلفا للورد كرومر عام 1907»، لكن قاسم لم يهتم فتأثر «سعد» قائلا: «تأسفت على كونى حكيت له»، وفى اليوم التالى كان النقاش أشد وأعنف بين سعد وقاسم حول مصطفى كامل.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة