من ليلة زفاف إلى خيمة النزوح.. عمر عرفات يحتضن أبناء شقيقه بعد استشهاده فى حرب غزة.. قصة أسرة فلسطينية تواجه المجاعة بعد استشهاد معيلها.. الطفلة اليتيمة جورى تكافح المرض والجوع والعم يتحول إلى أب وأم

الثلاثاء، 09 ديسمبر 2025 08:00 م
من ليلة زفاف إلى خيمة النزوح.. عمر عرفات يحتضن أبناء شقيقه بعد استشهاده فى حرب غزة.. قصة أسرة فلسطينية تواجه المجاعة بعد استشهاد معيلها.. الطفلة اليتيمة جورى تكافح المرض والجوع والعم يتحول إلى أب وأم عائلة عمر عرفات

كتب أحمد عرفة تصميم جرافيك - أحمد جمال مرسى

ـ إسرائيل تحرم المدنيين من أكثر من 350 صنفا من الأغذية الأساسية

ـ شقيق الشهيد: تلقيت الخبر الحزين خلال عملة بتغطية أحداث المجازر في القطاع

ـ عمر عرفات: شقيقي ترك زوجة وثلاثة أبناء بينهم طفلة مصابة بضمور في المخ

ـ المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى: نحن بحاجة إلى أجهزة ومعدات طبية عاجلة

ـ مدير وزارة الصحة بغزة: عجز الدواء وصل 55% والمستلزمات الطبية لـ 65%

ـ عم الأطفال: رأيت بنفسي وفاة الكثير من الأطفال بسبب المجاعة وانهيار المستشفيات

ـ مسئولة بالمرصد الأورومتوسطي: الاحتلال هندس بشكل متعمد كافة الطرق لقتل الفلسطينيين بطرق مباشرة وغير مباشرة


ثلاثة أطفال مع والدتهم فقدوا عائل الأسرة، بعد أن استهدف الاحتلال أبيهم محمود عرفات، ليضطرون للعيش مع عمهم "عمر"، عريس جديد تزوج خلال الحرب، ليجد نفسه يعول زوجته، وزوجة شقيقه الشهيد وأبنائها، في ظل مجاعة يعيشها سكان غزة بسبب استمرار الحرب لأكثر من عامين، وزاد من أعبائه هو مرض ابن أخيه "جوري".

عمر عرفات
عمر عرفات

توسيع المجاعة

واعتمدت إسرائيل سياسة تعمل على توسيع المجاعة بين سكان غزة خلال فترة الحرب، وهو ما كشفته أرقام وزارة الصحة الفلسطينية حول تزايد أعداد الوفيات بسبب سوء التغذية، فخلال بيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع، في 6 نوفمبر، أكد أن إجمالي ما دخل إلى القطاع من مساعدات منذ بدء سريان قرار وقف إطلاق النار بلغ 4,453 شاحنة فقط من أصل 15,600 شاحنة كان يفترض دخولها حتى مساء 6 نوفمبر، وفق ما نصت عليه ترتيبات وقف إطلاق النار والتفاهمات الإنسانية المصاحبة له، لافتا إلى أن إسرائيل تحرم السكان المدنيين من أكثر من 350 صنفا من الأغذية الأساسية التي يحتاجها الأطفال والمرضى والجرحى والفئات الضعيفة، حيث يمنع إدخال مواد غذائية رئيسية أبرزها بيض المائدة، واللحوم الحمراء والحمراء البيضاء والأسماك والأجبان ومشتقات الألبان و الفواكه والخضروات والمكملات الغذائية، إضافة إلى عشرات الأصناف الأخرى التي تحتاجها السيدات الحوامل والمرضى.

خسائر 733 يوما من الحرب الإسرائيلية على غزة
خسائر 733 يوما من الحرب الإسرائيلية على غزة

وأضاف أن الاحتلال سمح بدخول كميات أكبر من سلع عديمة القيمة الغذائية مثل المشروبات الغازية والشوكولاتة والوجبات المصنعة، والتي تصل إلى الأسواق بأسعار تفوق قيمتها الحقيقية بأكثر من 15 ضعفاً نتيجة تحكم إسرائيل بسلاسل الإمداد، وهذا يؤكد اعتماد تل أبيب سياسة هندسة التجويع والتحكم بالأمن الغذائي واستهداف حياة المدنيين بشكل مباشر.

وأشار إلى أن غزة تحتاج يوميا إلى أكثر من 600 شاحنة مساعدات لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان، وسط انهيار شبه كامل للبنية التحتية بفعل الحرب والإبادة المستمرة، لافتا إلى أن هذا الحصار الممنهج أدى إلى انهيار القدرة الشرائية لدى السكان، حيث إن أكثر من 95% من المواطنين لا يملكون القدرة على شراء السلع والبضائع حتى في حال توفرت أحياناً في الأسواق، الأمر الذي يفاقم منسوب الفقر والجوع ويجعل الحياة الإنسانية في قطاع غزة شبه مستحيلة.

استشهاد الزوج والنبأ السئ

يتحدث عمر عرفات عن لحظة سماعه باستشهاد أخيه، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، قائلا إنه كان أصعب شعور في حياته عندما تلقى الخبر، خاصة أن علم بهذا النبأ الحزين خلال تغطيته لأحداث المجازر في القطاع، وخلال نقله خبر استشهاد عدد من المواطنين وجد نفسه يذكر اسم أخيه ضمن الشهداء.

ويضيف عمر عرفات :"ستظل واقعة استشهاده رحمه الله من أصعب الأيام في حياتي، فكل يوم ننقل أخبار الشهداء والمصابين بسبب الجرائم التي يرتكبها الاحتلال داخل القطاع، لكن أن يأتي اليوم الذي أتحدث فيه عن خبر استشهاد أخي ويكون خبرا صحفيا كان له أثر سلبي كبير على نفسي".

استشهاد محمود عرفات
استشهاد محمود عرفات

فقدان الأهل بسبب جرائم الحرب الإسرائيلية

ويكشف عن تفاصيل حياة شقيقه قبل استشهاده، حيث كان يعمل على تأمين مساعدات خلال دخولها على غزة ضمن حرس الحدود الفلسطينيين على الحدود الفلسطينية الإسرائيلية، مشيرة إلى أن قصة أسرة أخيه ضمن قصص كثيرين فقدوا أهلهم وأصبحوا هم الناجين الوحيدين من عائلتهم، خاصة أن هناك عائلات بالكامل مسحت من السجل المدني بسبب مجازر الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني.

جرائم الاحتلال

وبحسب إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومى بغزة الصادر في 5 أكتوبر، فإن 733 يوما من الحرب على القطاع خلفت 76,639  شهيدا ومفقودا، منهم  67,139 شهداء وصلوا إلى المستشفيات ، و 9,500 مفقود، منهم شهداء مازالوا تحت الأنقاض، أو مصيرهم مازال مجهولا، وأكثر من 20 ألف طفل شهيد وصل منهم للمستشفيات أكثر من 19450، وأكثر من 12500 شهيدة وصل منهن للمستشفيات 10160 بينهم 9 آلاف أم، بينما وصل عدد الآباء الشهداء إلى  22,426.

ضحايا غزة بسبب الحرب
ضحايا غزة بسبب الحرب

كما خلفت الحرب  1,015 طفلا استشهدوا وكانت أعمارهم أقل من عام واحد، وأكثر من 450  طفلا رضيعا وُلِدوا واستشهدوا خلال الحرب، و 1,670 شهيدا من الطواقم الطبية، و 140 من الدفاع المدني، و255 من الصحفيين، و من موظفي البلديات في القطاع بينهم 4 رؤساء بلديات، وأكثر من 787  شهيداً من شرطة وعناصر تأمين المساعدات، و894  من الحركة الرياضية من جميع الألعاب الرياضية.

وتسبب العدوان في تعرض أكثر من 39,022 أسرة للمجازر، بينهم أكثر من  2,700 أسرة أُبيدت ومُسحت من السجل المدني بعدد 8,574 شهيدا، وأكثر من 6,020  أسرة أُبيدت ومُتبقي منها ناجي وحيد بعدد 12,917 شهيدا، وأكثر من 55% من الشهداء هم من الأطفال والنساء والمسنين.

فقدان العائل وابنة مريضة

كما يتحدث عمر عرفات عن أسرة شقيقة بعد استشهاده، موضحا أنه ترك زوجة وثلاثة أبناء وهم ماجد ورقية وجوري، مشيرا إلى أن الأخيرة البالغة من العمر 10 سنوات تعاني من ضمور في الرأس وتحتاج إلى أدوية عديدة إلا أنها لا تتوافر داخل مستشفيات القطاع بسبب انهيار المنظومة الصحية، وعجز الأطباء وعدم توافر العلاج والمستلزمات الطبية مما يجعل حياتها في خطر.

الطفل ماجد
الطفل ماجد

جرائم الاحتلال ضد الأطفال

وفي اليوم العالمي للطفل في 20 نوفمبر، كشف المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، جرائم الاحتلال ضد الأطفال، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 20,000 طفل شهيد في جريمة تعد الأكبر عالميا ضد الطفولة في القرن الحاضر.

أطفال غزة بين القتل والإصابة والتشريد واليتم
أطفال غزة بين القتل والإصابة والتشريد واليتم

وأوضح خلال بيانه، أن هناك 1,015 طفلا شهيدا كانت أعمارهم أقل من عام واحد، في دلالة على حجم الإبادة التي طالت أصغر الفئات العمرية، وأكثر من 450 رضيعا ولدوا واستشهدوا خلال الحرب وأكثر من 154 طفلا استشهدوا جوعاً نتيجة الحصار الخانق ومنع الاحتلال إدخال الطعام وحليب الأطفال، في جريمة ترقى بوضوح إلى الإبادة باستخدام التجويع كسلاح حرب، و14 طفلا استشهدوا بسبب البرد داخل مخيمات النزوح القسري، في ظل انعدام المأوى والملابس ووسائل التدفئة.

وأشار إلى أن هناك أكثر من 864 طفلا أصبحوا من أصحاب البتر نتيجة القصف المباشر، في أكبر موجة إعاقات جماعية تصيب الأطفال في تاريخ فلسطين المعاصر، وكذلك أكثر من 5,200 طفل بحاجة إلى إجلاء طبي عاجل لإنقاذ حياتهم، لافتا إلى أن هناك 650,000 طفل مهددون بالموت جوعا بشكل بطيء بسبب نقص الغذاء الكامل، واستمرار هندسة التجويع البطيء، وحرمانهم من المواد الأساسية للحياة، و40,000 رضيع مهددون بالموت بسبب نقص حليب الأطفال، وهو أمر ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة.

وأوضح أن هناك 56,348 طفلاً يتيماً فقدوا أحد الوالدين أو كليهما، في واحدة من أكبر موجات اليتم الناتجة عن حرب واحدة في العصر الحديث، مؤكدا أن هؤلاء الأطفال يعيشون اليوم بلا مأوى، بلا حماية، وبلا بيئة آمنة، ويتعرضون لصدمة جماعية ستترك آثارها لعقود طويلة.

هذه الأرقام التي سردناها في السطور السابقة تعد شهادات دامغة على جريمة إبادة جماعية ترتكب بحق الأطفال الفلسطينيين منذ أكثر من عامين، على يد الاحتلال في انتهاك كامل لكل مبادئ القانون الدولي، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية جنيف الرابعة.

اتفاقية جنيف الرابعة

اتفاقية جنيف لحماية الأطفال خلال أوقات الحروب
اتفاقية جنيف لحماية الأطفال خلال أوقات الحروب

وذكرت المادة الـ14 بالباب الثاني من اتفاقية جنيف الرابعة، أنه يجوز للأطراف السامية المتعاقدة في وقت السلم، ولأطراف النزاع بعد نشوب الأعمال العدائية أن تنشئ في أراضيها، أو في الأراضي المحتلة إذا دعت الحاجة، مناطق ومواقع استشفاء وأمان منظمة بكيفية تسمح بحماية الجرحى والمرضي والعجزة والمسنين والأطفال دون الخامسة عشرة من العمر، والحوامل وأمهات الأطفال دون السابعة، كما يجوز للأطراف المعنية أن تعقد عند نشوب نزاع وخلاله اتفاقات فيما بينها للاعتراف المتبادل بالمناطق والمواقع التي تكون قد أنشأتها، ولها أن تطبق لهذا الغرض مشروع الاتفاق الملحق بهذه الاتفاقية مع إدخال التعديلات التي قد تراها ضرورية عليه، كما أن الدول الحامية واللجنة الدولية للصليب الأحمر مدعوة إلي تقديم مساعيها الحميدة لتسهيل إنشاء مناطق ومواقع الاستشفاء والأمان والاعتراف بها.

تابع اتفاقية جنيف الرابعة
تابع اتفاقية جنيف الرابعة

ترميم بعض المستشفيات

وأكد مدير عام وزارة الصحة بغزة الدكتور منير البرش في 21 أكتوبر، أن ما وصل من مساعدات صحية وغذائية لا يتجاوز 15% من المساعدات، وأضاف في بيان لوزارة الصحة الفلسطينية :"نحاول ترميم بعض المستشفيات في القطاع، والاحتلال يتلاعب ولا يريد تنفيذ ما اتفق عليه"، مشيرا إلى أنه ما يقارب من 18100 مواطن بانتظار سفرهم للعلاج، ومطالبا بضرورة فتح المعابر.

عائلات بلا مأوى

وفي 25 سبتمبر أكدت جمعية الهلال الأحمر في غزة، أن عائلات كثيرة في مدينة غزة أصبحت بلا مأوى في ظل نقص المساعدات والاحتياجات الغذائية، معلنة أنه يواجه عراقيل كثيرة من سلطات الاحتلال للوصول إلى المصابين والمفقودين تحت الأنقاض.

وأضاف في بيان له، أن طواقمه تفتقد للمعدات الثقيلة لإزالة الركام وإنقاذ المفقودين والمصابين تحت الركام، موضحا أن الاحتلال أغلق محافظة رفح بالكامل والأهالي توجهوا إلى خان يونس التي تفتقد لمقومات الحياة.

خروج المستشفيات عن الخدمة

انهيار المنظومة الصحية داخل القطاع وعدم قدرتها على علاج الأطفال المرضى والمصابين، أكدت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة في بيان لها صادر في 23 سبتمبر الماضي، خروج مستشفى الرنتيسي للأطفال ومستشفى العيون عن الخدمة جراء الاستهداف المستمر لمحيط المستشفى، بالإضافة إلى تدمير مركز صحي الاغاثة الطبية في مدينة غزة.

بيان الوزارة كشف حجم الانهيار في عدد من المستشفيات داخل القطاع بسبب الحرب على رأسها مستشفيات متخصصة في علاج الأطفال، موضحة أن مستشفى الرنتيسي تعرض للقصف المباشر، مما ألحق أضرار جسيمة به خاصة أن مستشفى الرنتيسي بما يحتويه من خدمات لا تتواجد إلا في هذه المستشفى.

وأشارت الوزارة خلال بيانها، أن الاحتلال يتعمد وبشكل ممنهج ضرب منظومة الخدمات الصحية في محافظة غزة وذلك ضمن سياسة الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على القطاع، وجميع المرافق والمستشفيات لا يوجد إليها طرق آمنة تُمكن المرضى والجرحى من الوصول إليها، فيما يواجه المرضى والجرحى صعوبة بالغة في الوصول إلى المستشفى الميداني الأردني ومستشفى القدس نتيجة القصف المستمر، مجددة مطالباتها لكافة الجهات المعنية لتوفير الحماية للمؤسسات الصحية والطواقم الطبية .

الأطفال الضحايا في غزة
الأطفال الضحايا في غزة

دمار المنظومة الصحية

أعلنت وزارة الصحة بغزة، فى 7 أكتوبر الماضى، خروج 25 مستشفى من أصل 38 عن الخدمة، و تدمير 103 مركز رعاية أولية من أصل 157، فيما تعمل 54 مركزًا فقط بشكل جزئى، لافتة إلى أن النقص الطبى بالأدوية 55% من الأصناف مفقودة، والمستهلكات الطبية 66% مفقودة، و المستلزمات المخبرية 68% مفقودة، بالإضافة إلى تدمير 25 محطة توليد أوكسجين من أصل 35، و تدمير 61 مولدًا كهربائيًا من أصل 110، كما أن نسبة إشغال الأسرّة بلغت 225% حتى نهاية سبتمبر 2025، مقارنة بـ82% العام الماضي.

فيما يؤكد الدكتور خليل الدقران، المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى، أن الوضع الصحي والإنسانية في غزة ما زال مأساويا والاحتلال لم يتلزم بالبروتوكول الإنساني، متابعا :"نحن بحاجة إلى أجهزة ومعدات طبية عاجلة، و لدينا 22 ألف مريض يحتاجون للعلاج في الخارج".

ويطالب الدقران، بالتدخل العاجل لإنقاذ المنظومة الصحية في غزة، لافتا إلى أن هناك ألف مريض سرطان ارتقى خلال العدوان على القطاع بسبب منع السفر وعدم توفر الدواء والعلاج لهم.

آلام جوري

ويقول عمر عرفات، إن ابنة شقيقه "جوري" كانت تعالج قبل الحرب في مستشفى المقاصد بالضفة الغربية وأجريت بعض العمليات، ثم سافرت إلى مصر للعلاج من المرض، وعادت مع أبيها إلى القطاع من جديد، إلا أن الحرب ليزداد معها سوء حالتها الصحية، ومع عدم توافر مستشفيات والعلاج، مشيرا إلى أنه بحكم عمله صحفيا شاهد حالات كثيرة ماتت بسبب انهيار المستشفيات وسوء التغذية، وتسبب غلق تل أبيب للمعابر من حرمان الطفلة من السفر لاستكمال العلاج.

ويؤكد الدكتور منير البرش، وصول عجز الدواء 55% وعجز المستلزمات الطبية 65% بسبب حصار الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وهو ما يشكل خطورة كبيرة على حياة المرضى والمصابين.

الطفلة رقية
الطفلة جوري

ويضيف منير البرش :"نحن في القطاع الصحي نواجه انتظار الموت الجماعي للمرضى أمام أعيننا، لأن المستشفيات خرجت عن الخدمة والمرضى يُحرمون من الرعاية الأساسية وسط ضغط هائل على ما تبقى من المرافق، وحتى مستشفيات الجنوب لم تعد قادرة على أداء دورها بسبب النزوح الكبير".

ويوضح أن أزمة الوقود وتشغيل المولدات ليست مسألة إنارة فقط، حيث أعتاد سكان غزة العيش في الظلام منذ عامين، لكن الوقود هو روح المستشفى، ومن دونه تتوقف غرف العمليات ووحدات العناية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي، وتتعرض حضانات الأطفال لخطر الموت الجماعي.

فقدان المنزل

ويتطرق عمر عرفات إلى ابنة أخيه الطفلة رقية، والتي لا يستطيع أن يوفر لها الحليب أو الحفاظات لعدم تواجدها في الأسواق، وإن وجدت فإن أسعارها تكون مرتفعة للغاية، مشيرا إلى أن أدنى مقومات الحياة لا يستطيع توفيرها لأبناء شقيقه من في ظل الارتفاع الشديد في أسعار السلع وعدم توافرها، كما أن كثير من الأطفال ماتوا بسبب المجاعة وعدم توافر الألبان الخاصة بالأطفال الرضع رغم أنها أدنى مقومات الغذاء لهذه الفئة.

انهيار الوضع الصحي لأطفال غزة
انهيار الوضع الصحي لأطفال غزة

تلك الحياة البائسة التي يعيشها عمر عرفات تزداد مأساتها في ظل النزوح المتكرر بعدما فقد منزله بكل محتوياته، ولم يستطع أن يوفر لزوجته خلال زفافهما سوى خيمة صغيرة، ثم يجد نفسه مسئولا أيضا عن أبناء أخيه رغم أنه ما زال عريسا جديدا، حيث يقول :" هذه الحرب تسببت في فقدان منزلنا وشقيقي وكل شيء فقدناه، ونعيش في خيم لا تقينا من حر الصيف أو برد الشتاء القارس فهي تشبه العشش، والاحتلال يزعم أن هناك مناطق إنسانية وفصل القطاع عن باقي المحافظات وهو ما جعل الوضع كارثي للغاية".

الطفلة جور
الطفلة رقية

أوضاع مأساوية

وتؤكد ليما بسطامي، مديرة الدائرة القانونية فى المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن قوات الاحتلال هندست بشكل متعمد كافة الطرق والظروف المؤدية إلى قتل الفلسطينيين بطرق مباشرة وغير مباشرة، بما في ذلك إخضاعهم لظروف معيشية كارثية تفضي إلى هلاكهم الفعلي.

وتوضح في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الاحتلال تعمد تدمير غالبية المنازل وتهجير أكثر من 90٪ من سكان القطاع بشكل متكرر، وتركهم بلا مأوى في العراء أو في الخيام لفترات طويلة، معرضين لظروف الطقس القاسية كدرجات الحرارة المرتفعة أو الباردة والمتجمدة والسيول، وهو ما يمثل تجسيدا واضحا لسياسة ونية التدمير المنهجي للفلسطينيين في القطاع.

وتضيف مديرة الدائرة القانونية فى المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن مسؤولية إنقاذ السكان المدنيين لا تقتصر على إسرائيل وحدها، بل وفقًا للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي العرفي واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، تقع المسؤولية على عاتق المجتمع الدولي.

صعوبة تلقى المساعدات

نعود لعمر عرفات الذي يشير إلى أنه لم يكن يستطيع الذهاب لمراكز المساعدات الأمريكية المسماه مؤسسة غزة الإنسانية خلال الحرب بسبب الاستهداف المتعمد لمنتظري المساعدات، في ظل تعمد الاحتلال إطلاق الرصاص عليهم وتزايد أعداد الضحايا بشكل يومي، وهو ما جعله غير قادرا على إحضار الطعام بشكل يومي للأسرة، مما شكل خطورة كبيرة على حياتهم وجعلهم معرضين لسوء التغذية.

وأكد الدفاع المدني بغزة، أن الاحتلال تعمد خلال الحرب قتل منتظري المساعدات ويدفن جثثهم كي لا يتم العثور عليهم، موضحا خلال بيان له في 2 أغسطس، أنه مع كل عملية إدخال للمساعدات إلى القطاع يسقط عشرات الشهداء والجرحى، وإسرائيل ترفض دخول طواقمه لإسعاف هؤلاء المصابين.

سبقها في يوليو بيانا عن المكتب الإعلامي الحكومي، كشف فيه عن اعتراف أمني أمريكي، بعدما استنكر الاعترافات الصادمة التي أدلى بها عنصر أمن أمريكي سابق عمل في "مصائد الموت" ما يُسمى "مراكز توزيع المساعدات الأمريكية-الإسرائيلية" في غزة لوسائل الإعلام، والتي كشف فيها عن السلوك الإجرامي والعنصري الذي مارسته "مؤسسة غزة الإنسانية - GHF" ضد المدنيين الفلسطينيين المجوعين، من سوء معاملة وتعريض السكان للخطر المباشر، وصولا إلى الاعتراف بإطلاق النار عليهم من قِبل عناصر أمن أمريكيين داخل تلك المراكز.

وأضاف أن هذه التصريحات تُمثل شهادة دامغة على الطابع الإجرامي وغير الإنساني لتلك المؤسسة التي تتستر باسم العمل الإغاثي، بينما تمارس فعليا دورا أمنياً وعسكريا في مناطق النزوح القسري، وتخضع لأجندات استخباراتية وأمنية واضحة، ومؤكدا في ذات الوقت أن هذه المؤسسة لا تمثل أي طيف إنساني أو إغاثي، وتفتقر إلى مبادئ العمل الإنساني، وهي أداة ابتزاز وابتلاع للكرامة، وانتهاك مباشر للقانون الدولي الإنساني، وخرق فاضح لأبسط حقوق الإنسان.

رسالة للمجتمع الدولي

ويختتم عمر عرفات، رسالته إلى المجتمع الدولى، قائلا :"أطفال غزة تعبوا كثيرا، أبناء أخي هم جزء من أطفال القطاع الذين يعانون بشكل يومي بعد الحرب، وهناك أسر كثيرة شُردت ولم يعد لها عائل، جوري تحتاج لطعام خاص بسبب مرضها، بينما في الواقع لا يتوافر الطعام سواء الخضار أو اللحوم أو المجمدات أو الفواكه وتوفير مثل هذه الأطعمة بشكل يومي هو أمر أشبه بالمستحيل والمجاعة تزداد وطأتها علينا".




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة