على الجبل الغربى المواجه لمدينة أسوان، فى منطقة قبة الهوا المطلة على النيل، ترقد مقبرة واحد من أهم رجال الدولة فى مصر القديمة، الرحالة المصرى "حرخوف" حاكم إقليم ألفنتين فى أواخر عصر الأسرة السادسة، وأحد أوائل من تركوا "سيرة ذاتية" مكتوبة على جدران مقابرهم.
"حرخوف" الذى خدم فى عهد الملكين مرن رع الأول وبيبى الثاني، اشتهر برحلاته المتكررة إلى بلاد "يام" فى الجنوب الإفريقي، حيث كان يقود القوافل عبر النوبة عائدًا بسلع نادرة مثل العاج والأبنوس وجلود الحيوانات، فى رحلات جمعت بين الدور التجارى والسياسي، وأسهمت فى توطيد نفوذ مصر فى العمق الإفريقي.
أهمية "حرخوف" لا تتوقف عند مناصبه أو رحلاته، بل تمتد إلى النقوش التى تركها فى مقبرته بقُبَّة الهوا، والتى تُعد من أشهر النصوص الذاتية فى الدولة القديمة، إذ يسجل فيها تفاصيل بعثاته، وخدمته للملك، وصورته الأخلاقية التى يقدّمها لنفسه بوصفه مسؤولًا لم يظلم أحدًا ولم يمنع محتاجًا من العبور أو العون.
وتشير الدراسات إلى أن إحدى رحلاته شهدت إحضاره "قزمًا" من الجنوب إلى البلاط الملكي، وهى الواقعة التى انعكست فى رسالة شهيرة من الملك الطفل بيبى الثانى يطالبه فيها بالحفاظ على ضيفه النادر خلال رحلة العودة إلى مصر.
بهذه السيرة المنقوشة على الحجر، يظل "حرخوف" شاهدًا على مبكرية الحضور المصرى فى إفريقيا، وعلى وعى المصرى القديم بأهمية أن يكتب الإنسان قصته بنفسه… حتى لو كانت حروفها محفورة فى صخر الجبل.

حريخوف