سما سعيد

تربية وتعليم وحماية.. عندما نحتاج لبيئة آمنة في المدارس

الخميس، 04 ديسمبر 2025 12:00 ص


المناهج والامتحانات والدروس الخصوصية، بجانب تطوير التعليم ومواكبة العالم في تطور ملف طوال الوقت مثير للجدل، ليس فقط على جروبات الماميز، بل أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تعج بالكثير والكثير من المشكلات، لكن الحقيقة أن هناك ملفًاً أكبر وأخطر، لا يأخذ حقه الكافي وهو كيف نجعل المدرسة بيئة آمنة؟

ليس فقط مكان يتعلم فيه، بل مكان يستطيع فيه الطفل أن يضحك ويلعب ويخطئ ويتعلم، دون أن يعود إلى بيته حاملاً وجعاً أو صدمة أو ذكرى لا تُنسى.

نحن بحاجة إلى إعادة تعريف المدرسة، ليس كمبنى أو فصل أو طابور صباحي، بل كـ مساحة إنسانية، بداية من مرحلة رياض الأطفال "Kg"، التي يتم فيها تأسيس الطالب، ليس فقط على "فك الخط" بل على منظور الأمان الذي نفتقده في الفترة الأخيرة تجاه أولادنا مع كل خطوة يخطونها وهم ذاهبون إلى مدارسهم.

مكان يشعر فيه الطالب أنه محترم، وأن جسده غير مُستباح، وأن صوته ليس مكسوراً أو خائفاً، فالأمان ليس لائحة معلقة على الجدران، ولا كاميرا مراقبة تُثبت ثم تُنسى.

أما عن تنفيذ هذه المهام من الممكن أن تتم بدون هدر للوقت أو للجهد، لكنها فقط تحتاج لضمير، منها وضع صندوق صوت الطفل، ورقة كتب فيها الطفل أو يرسم ما يشعر به "مين ضايقه ومين زعله"، على أن يكون هذا الصندوق تحت إشراف اخصائية متخصصة في تعديل السلوك، وبالنسبة للأطفال الأصغر سناً يجب وضع مراقب ظل "حاجة كدة زي الشادو تيتشر"، لكن هذا المعلم أو المعلمة لن يكون تواجدهم خاصة بالمنهج، بل يسيرون وسط الأطفال لمراقبتهم، مراقبة بالأعين الإنسانية وليست الكاميرات لأنها قد تكذب وقد تخفى.

بجانب وضع حصص ترفيهية لكيفية التعامل الإنساني بين الطلاب، التحدث عن المشكلات التي قد يواجهونها مثل التنمر أو التحرش أو العنف، وكيف يتعاملون معها، بأسلوب راقي ومع معلمة تكون قريبة من قلوبهم، بجانب تقييم شهري للمعلمين بناء على تقاربهم العاطفي والإنساني لطلابهم، كل هذه خطوات بسيطة لن ولم تأخذ كثير من الجهد، هي فقط تحتاج ليد تُفعلها، ويمتلك أطفالنا يوم دراسي بدون رعب.

الأمان يبدأ من نظرة معلم تحمل رحمة، ومن مدير يصغي قبل أن يعاقب، ومن مشرف يعرف كيف يفض شجارا أو شغب "من غير ما يكمل عليهم بالضرب"، الأمان يولد حين يجد الطفل باب مفتوح يبوح له دون أن يتهم أو يُكذب.

المدرسة الآمنة ليست حلمًا بعيدًا، بل هي قرار تتخذه إدارة مدرسة، وتدعمه الدولة، ويصونه المجتمع، قرار بأن لا يسير طالب وهو يشعر أن أحداً يلاحقه، ولا تخاف فتاة من المرور في ممر مظلم، ولا يقف أولياء الأمور على الأبواب وقلوبهم ترتجف ولا يعلمون كيف تجاوز طفلهم يومه الدراسي؟ فنحن نريد مدرسة تُخرج جيل واعٍ، يعرف معنى احترام الآخرين، ويعرف في الوقت ذاته أن لا أحد يملك الحق في إيذائه.

وإذا كنا نتحدث بجدية،  فالتعليم الحقيقي لا يبدأ من السبورة، التعليم يبدأ من الأمان، من اللحظة التي يشعر فيها الطفل وولي أمره أن المدرسة ليست خطرا، بل بيتا آخر، بابه مفتوح وقلوبه أرحم وضمائرهم مستيقظة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب