قد تبدو الدوخة عرضًا بسيطًا، لكنها في الحقيقة من أكثر الشكاوى التي تُربك السيدات وتثير القلق، خاصة عندما تتكرر أو تُصاحبها أعراض أخرى مثل الغثيان أو اضطراب التوازن، شعور خفيف بالرأس قد يتحوّل في لحظة إلى فقدان السيطرة على الحركة أو الإحساس بالدوران، وهي حالة تستدعي فهم الأسباب بدقة وعدم الاكتفاء بالراحة أو المشروبات المحلّاة كما تفعل الكثير من النساء.
وفقًا لتقرير نشره موقع Rela Institute & Medical Centre، فإن الدوخة عند السيدات لا تُعتبر مرضًا بحد ذاتها، بل إشارة من الجسم إلى وجود خلل في أحد أنظمته الحيوية — سواء في الدورة الدموية أو الأذن الداخلية أو توازن الهرمونات أو حتى الحالة النفسية. وغالبًا ما تكون عابرة، لكنها أحيانًا تخفي وراءها مشكلة تحتاج إلى تقييم طبي عاجل.
الأسباب
تتنوع الأسباب حسب العمر والحالة الصحية ونمط الحياة، ومن أبرزها:
اضطرابات الأذن الداخلية
الأذن ليست مسئولة عن السمع فقط، بل تحتوي على الجهاز الدهليزي الذي يحافظ على التوازن، أي التهاب أو تراكم للسوائل في هذه المنطقة يمكن أن يسبب إحساسًا بالدوران الشديد، كما يحدث في مرض منيير أو التهاب العصب الدهليزي، حيث تُرسل إشارات خاطئة إلى الدماغ حول وضع الجسم في الفضاء.
فقر الدم ونقص الحديد
فقدان الدم المتكرر أثناء الدورة الشهرية يجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بالأنيميا، وهو ما يؤدي إلى نقص الأكسجين الذي يصل إلى الدماغ، فتحدث الدوخة والشعور بالوهن العام. في هذه الحالة، يكون العلاج الغذائي الغني بالحديد ومكمّلات الفيتامينات جزءًا أساسيًا من الحل.
انخفاض ضغط الدم أو سكر الدم
قد تشعر المرأة بالدوخة عند الوقوف المفاجئ من السرير أو بعد مجهود بدني كبير، والسبب هو انخفاض مؤقت في تدفق الدم إلى المخ. أما في حالة انخفاض السكر، فتظهر الدوخة مصحوبة بتعرّق وبرودة في الأطراف وشعور بالارتجاف، خصوصًا لدى مريضات السكري اللواتي يستخدمن الإنسولين.
التغيرات الهرمونية
خلال الحمل أو فترة ما قبل انقطاع الطمث، تتعرض المرأة لتبدلات هرمونية حادة تؤثر على الدورة الدموية وعلى توازن السوائل داخل الجسم، مما يجعل الإحساس بالدوخة عرضًا متكررًا. كذلك، يؤدي تمدد الأوعية الدموية أثناء الحمل إلى انخفاض الضغط، وهو ما يفسر الشعور بالدوار خاصة عند الوقوف سريعًا.
التوتر والقلق
الحالة النفسية تلعب دورًا كبيرًا. فالتوتر يسبب تسارع التنفس وانخفاض مستوى ثاني أكسيد الكربون في الدم، ما يُحدث حالة من الدوخة الوظيفية التي تزول عند استعادة الهدوء والتنفس المنتظم.
الجفاف والإرهاق
قلة شرب الماء أو التعرّض للحرارة المرتفعة يُفقد الجسم توازنه الكهربي ويؤدي إلى انخفاض الضغط. في الصيف أو أثناء ممارسة الرياضة، يجب تعويض السوائل باستمرار لتجنب الشعور بالدوار المفاجئ.
العلامات التي تستدعي استشارة الطبيب
ـالدوخة العابرة لا تُقلق غالبًا، لكن هناك مؤشرات تتطلب زيارة الطبيب فورًا، منها:
ـ استمرار الدوخة لفترة طويلة أو تكرارها أكثر من مرة أسبوعيًا.
ـ مصاحبتها لصداع حاد أو تشوش في الرؤية.
ـ ظهور خدر أو ضعف في أحد الأطراف.
ـ وجود طنين في الأذن أو فقدان للسمع.
ـ حدوث إغماء أو صعوبة في النطق.
هذه العلامات قد تدل على اضطرابات في الجهاز العصبي أو القلب أو الأذن الداخلية، ولا يمكن تجاهلها.
سبل العلاج والتعامل الآمن
يبدأ العلاج دائمًا من تشخيص السبب. الطبيب هو من يحدد إذا كانت المشكلة متعلقة بالأذن أو الضغط أو بنقص الفيتامينات، لكن هناك خطوات بسيطة يمكن أن تخفف الأعراض إلى حين التقييم الطبي، مثل:
ـ شرب كميات كافية من الماء والعصائر الطبيعية.
ـ تناول وجبات خفيفة منتظمة لتجنّب انخفاض السكر.
ـ تجنّب النهوض المفاجئ من وضعية الجلوس أو الاستلقاء.
ـ الحصول على قسط كافٍ من النوم.
ـ الحد من المنبهات كالقهوة والتدخين.
ـ ممارسة تمارين التوازن أو اليوجا لتحسين ثبات الجسم.
في حال كانت الدوخة ناتجة عن القلق أو الإجهاد، يمكن أن تفيد جلسات الاسترخاء أو التحدث مع مختص نفسي. أمّا إذا كانت مترافقة مع التهابات الأذن، فالعلاج بالمضادات الحيوية أو مضادات الدوخة ضروري لاستعادة التوازن.
متى تذهبين للطبيب دون تأجيل؟
عندما تُعيق الدوخة حياتك اليومية، أو تمنعك من القيادة أو المشي بثبات، أو تُصاحبها أعراض عصبية مثل تلعثم الكلام أو ازدواج الرؤية، فهنا لا مجال للانتظار. هذه الحالات قد تُشير إلى خلل خطير في تدفق الدم إلى الدماغ أو في عمل الجهاز العصبي، ويجب تقييمها فورًا.