علاج الصلع والتساقط.. ما تركه قراء عصر النهضة فى كتب العناية بالشعر

ماذا لو استطاعت صفحات كتاب قديم أن تخبرنا من لمسها، وما هي الأدوية التي صنعوها، وحتى كيف استجابت أجسادهم للعلاج؟، تمتلئ كتب وصفات الطب في عصر النهضة بملاحظات مكتوبة بخط اليد من قراء جربوا علاجات لكل شيء، من الصلع إلى ألم الأسنان.

لسنوات، درس المؤرخون هذه الملاحظات لفهم كيف جرب الأشخاص الطب في الماضي، كما فحصوا الآثار البيولوجية غير المرئية التي خلفها الأشخاص الذين استخدموها، وفقا لما نشره موقع" phys".

نجت آلاف المخطوطات المكتوبة بخط اليد والكتب المطبوعة من عصر النهضة في أوروبا، والتي تسجل وصفات طبية كانت تُستخدم في الحياة اليومية، لم تكن هذه الكتب نادرة أو مخصصة لفئة معينة، بل كان العديد منها كتبًا طبية مطبوعة حققت مبيعات كبيرة، ثم قام القراء بتخصيصها بإضافة ملاحظاتهم في الهوامش.

ما هي الوصفات الأكثر فعالية؟ ما هي المكونات التي يمكن استبدالها أو تحسينها؟

لم تكن هذه الكتب نصوصًا جامدة، بل كانت وثائق عملية، لقد كان عصر النهضة عصرًا للابتكار الطبي، تشكّل من خلال التجارب العملية والمحاولات المتكررة.
لأول مرة، تمكنا من أخذ عينات وتحليل البروتينات غير المرئية التى تركها الأشخاص الذين تعاملوا معها على صفحات هذه الكتب.

يعد هذا العمل شكلاً من أشكال البحث البيوكيميائي، ففي كل مرة يلمس فيها قارئ من القرن السادس عشر صفحةً ما، كان يترك آثاراً دقيقة من الأحماض الأمينية، وهي اللبنات الأساسية للبروتينات.

عينات من طبية ألمانية من القرن السادس عشر

ويمكن الآن أخذ عينات من هذه الآثار باستخدام أقراص فيلمية متخصصة من إنتاج شركة SpringStyle Tech Design، والتي ترفع المادة بلطف من سطح الورق دون إتلافه.
تم أخذ عينات من كتب طبية ألمانية مطبوعة من القرن السادس عشر، محفوظة حالياً في معهد ومكتبة جون رايلاندز للأبحاث بجامعة مانشستر، وتم تحليل عينات البروتين في مختبرات بجامعتي يورك وأكسفورد، بينما استخدم مختبر رايلاندز للتصوير تقنيات تصوير متقدمة لاستعادة النصوص الباهتة أو غير الواضحة.

أتاح لنا هذا النهج المتكامل استخلاص معلومات قيّمة عن الأشخاص الذين استخدموا هذه الكتب، والمواد التي تعاملوا معها، والعلاجات التي حضّروها، وعند قراءتها جنبًا إلى جنب مع المصادر الأرشيفية، فإنها تُقدّم رؤى جديدة حول كيفية ممارسة الطب في عصر النهضة في الحياة اليومية.

علاجات العناية بالشعر

في الصفحات التي توصي بعلاجات محددة، رصدنا آثاراً للبروتين من المكونات المذكورة في الوصفات نفسها، وظهر الجرجير والزان الأوروبي وإكليل الجبل إلى جانب تعليمات لعلاج تساقط الشعر أو تحفيز نمو شعر الرأس واللحية.

لا يعد هذا التركيز على الشعر أمرًا مفاجئًا، فمع ازدهار فن رسم البورتريه وتوسع تجارة الأمشاط والمرايا، أصبحت إطالة اللحى واعتماد تسريحات شعر جديدة رائجة في عصر النهضة، كان الشعر بارزًا للغاية، وله دلالة اجتماعية، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بمفاهيم الصحة والرجولة.

أسنان فرس النهر

ثم هناك فرس النهر، فقد استخلصنا بروتينات تتوافق مع مكونات فرس النهر في صفحات تتناول مشاكل الأسنان، وفي الهوامش، اشتكى القراء من رائحة الأسنان الكريهة، وآلام الأسنان، وفقدانها، في طب عصر النهضة، كان يُعتقد أن عظم فرس النهر يُقوي الأسنان واللثة، وكان يستخدم أحيانًا في صناعة أطقم الأسنان.
ويشير وجوده إلى أن قراء ألمانيا في القرنين السادس عشر والسابع عشر كانوا يحصلون على مواد طبية نادرة تُتاجر بها عبر مسافات طويلة.

ما زلنا في بداية فهم ما يمكن أن تكشفه هذه الأدلة، لكن هذا العمل يفتح آفاقًا جديدة تمامًا لدراسة كيفية ممارسة الطب في عصر النهضة، واختباره، وتطبيقه في الحياة اليومية.

لوحة طبيعة صامتة