يشعر كثيرون بألم في الجانب الأيمن من البطن ويفترضون فورًا أن السبب هو “القولون العصبي”. لكن الحقيقة الطبية أوسع بكثير، فهذه المنطقة الحساسة من الجسم تضم عددًا من الأعضاء الحيوية، وكلٌّ منها قد يكون وراء الألم بدرجات متفاوتة من الخطورة.
وفقًا لتقرير نشره موقع Tua Saúde المتخصص في الشأن الصحي، فإن الألم في الجانب الأيمن من البطن لا يُعد عرضًا محددًا لمرض واحد، بل هو علامة مشتركة بين اضطرابات هضمية، وأخرى بولية أو تناسلية، بل وحتى مشكلات عضلية أو عظمية.
ولأن الأسباب متعددة، فإن مفتاح التشخيص الصحيح يبدأ دائمًا من طبيعة الألم وموقعه ومدى استمراره.
أولًا: الأسباب الهضمية – ليست دائمًا من القولون
يُعدّ الجهاز الهضمي المصدر الأبرز لأوجاع هذه المنطقة.فمن أبسط الأسباب تراكم الغازات في الأمعاء، والذي يسبب انتفاخًا وتقلصات تشبه المغص، ويزداد غالبًا بعد تناول أطعمة ثقيلة أو غنية بالألياف.
ورغم أن الأمر يبدو بسيطًا، فإن الألم الناتج عنه قد يكون قويًا ومفاجئًا، لكنه يزول عادة بعد إخراج الغازات أو التبرز.
أما متلازمة القولون العصبي، فهي سبب شائع آخر، تتميز بألم متكرر في أسفل البطن يخف بعد دخول الحمام. ويرتبط ظهورها بالتوتر النفسي وسوء نمط الأكل.
يصف الأطباء لمريض القولون أدوية مهدئة للتقلصات مع تغييرات في النظام الغذائي مثل تقليل الكافيين والدهون، وتناول الطعام ببطء.
لكن ليست كل آلام البطن الهضمية آمنة؛ إذ قد يكون السبب حصى المرارة التي تسبب ألمًا حادًا في الجزء العلوي الأيمن يمتد أحيانًا إلى الظهر أو الكتف.
ويظهر هذا الألم عادة بعد الوجبات الدسمة، وقد يترافق مع غثيان أو قيء أو اصفرار الجلد
يؤكد الأطباء أن علاج هذه الحالة يتراوح بين تنظيم الغذاء إلى التدخل الجراحي إذا كانت الحصوات كبيرة أو مسببة للالتهاب.وفي بعض الحالات النادرة، قد يكون الألم ناتجًا عن التهاب الزائدة الدودية، حيث يبدأ الألم قرب السرة ثم ينتقل تدريجيًا إلى أسفل البطن الأيمن، ويصبح أكثر حدة مع الوقت.يصاحبه فقدان شهية وقيء وارتفاع حرارة، وهي علامات تستدعي الذهاب إلى الطوارئ فورًا لتجنب انفجار الزائدة.
ثانيًا: الأسباب البولية – حين تصدر الكلى إشارات استغاثة
ليس كل ألم بطني مصدره المعدة.فالكلى اليمنى تقع في هذه المنطقة، وأي خلل فيها يمكن أن ينعكس مباشرة على البطن.
أحد أشهر هذه الأسباب هو حصى الكلى، التي تسبب ألمًا شديدًا يبدأ من الجانب الأيمن ويمتد إلى الفخذ أو الظهر، وغالبًا ما يترافق مع دم في البول أو حرقان أثناء التبول.
أما التهاب الكلى (الحويضة والكلية) فهو من الحالات التي تتطلب عناية طبية عاجلة، ويظهر عادة مع حمى وغثيان وتعب عام.
السبب غالبًا عدوى بكتيرية – أشهرها الإشريكية القولونية – تنتقل من المثانة إلى الكلى.
يعالج الطبيب الحالة بالمضادات الحيوية المناسبة مع ضرورة شرب كميات كبيرة من الماء.
ثالثًا: أسباب خاصة بالنساء
قد يكون الألم في الجانب الأيمن من البطن مرتبطًا بالجهاز التناسلي عند النساء.من أكثر الحالات شيوعًا تكيس المبايض، وهو اضطراب هرموني يسبب ألماً متقطعًا في جهة واحدة من البطن مع اضطراب الدورة الشهرية.كذلك، يمكن أن تشير الأكياس أو الالتهابات في قناة فالوب إلى نفس النوع من الألم.وفي حالات الحمل، قد يعني الألم حملًا خارج الرحم، وهي حالة طارئة تحتاج إلى تدخل فوري.لذلك ينصح الأطباء السيدات بعدم تجاهل أي ألم متكرر في هذه المنطقة، خاصة إذا صاحبه نزيف غير طبيعي أو دوخة أو غثيان.
رابعًا: أسباب عضلية وهيكلية لا تخطر على البال
أحيانًا يكون الألم في الجانب الأيمن من البطن نتيجة شد عضلي بسيط بعد مجهود بدني أو حركة مفاجئة.
وفي بعض الحالات، قد يرتبط بمشكلات في العمود الفقري أو الأعصاب المحيطة التي تنقل الإحساس إلى تلك الجهة.
هذا النوع من الألم عادة ما يزداد مع الحركة ويخف بالراحة أو باستخدام كمادات دافئة.
متى يجب زيارة الطبيب فورًا؟
أي ألم مفاجئ أو متزايد الشدة، خاصة إذا صاحبه حمى، غثيان، قيء مستمر، صعوبة في التنفس، تعرق بارد، أو شعور بالدوخة، يحتاج إلى تقييم عاجل في المستشفى.