تحت عنوان "في ظلّ تراجع شعبيته بسبب رئيسٍ غير محبوب، يستعدّ الجمهوريون لهزيمةٍ ساحقة في انتخابات التجديد النصفي" ، ألقت صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على تزايد سخط الأمريكيين على رئيسهم دونالد ترامب، وقالت إن الديمقراطيين ربما يطيحون بالحزب الجمهوري من السلطة.
وتقول الصحيفة فى تحليلها إن ترامب أدى اليمين الدستورية فى يناير مُعلناً أنه "مُختارٌ من الله لإعادة عظمة أمريكا"، وأصدر سلسلةً من الأوامر التنفيذية. وفي الأشهر اللاحقة، تحرّك الرئيس الأمريكي وحلفاؤه بسرعةٍ فائقة، وبدا وكأنهم لا يُقهرون. لكن مع اقتراب عام 2025 من نهايته، ومع معاناة ترامب للبقاء مُنتبهاً في اجتماعاته، باتت الصورة السائدة هي صورة سائقٍ نائمٍ خلف المقود. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الأمريكيين ينقلبون عليه. ويتجه الجمهوريون نحو الانسحاب قبل انتخابات الكونجرس في نوفمبر المقبل، والتي تبدو قاتمةً بالنسبة لحزب الرئيس، على حد تعبير الصحيفة.
وقال لاري جاكوبس، مدير مركز دراسات السياسة والحكم في جامعة مينيسوتا: "تولى منصبه، وكأنه هجوم خاطف، انتهك القوانين والدستور. العملية السياسية الأمريكية بطيئة، ولذلك تمكن من القيام بأمور استثنائية."
وأضاف: "لكن هذا الرجل قد يكون إرثه الانهيار السياسي للجمهوريين في هذا العصر. بعبارة أخرى، بدلاً من التساؤل عمن سيخلف ترامب وحركته "ماجا" (لنجعل أمريكا عظيمة مجددا)، قد نتحدث بعد عام أو نحوه عن المرشحين القادرين على تجنب وصمة الارتباط بترامب."
حملة انتقامية ممنهجة ضد خصوم ترامب
وبعد عودته السياسية القوية في انتخابات 2024، انطلق ترامب بقوة. ففي أول يوم له في منصبه، أصدر عفوًا عن جميع المتورطين تقريبًا في أحداث 6 يناير في مبنى الكابيتول الأمريكي، وأطلق توسيعًا جذريًا لسلطة السلطة التنفيذية، وحملة انتقامية ممنهجة ضد خصومه، وإصلاحًا شاملًا للسياسة الداخلية والخارجية.
تسريح جماعى للموظفين
وقاد الملياردير إيلون ماسك عملية إعادة هيكلة شاملة للحكومة تحت مسمى "وزارة كفاءة الحكومة" (Doge)، أسفرت عن تسريح جماعي للموظفين الفيدراليين وتفكيك وكالات مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). لكن سرعان ما دبّ الخلاف بين ترامب وماسك، وانهارت وزارة كفاءة الحكومة.
وتضمنت أجندة الرئيس الداخلية حملة صارمة على الهجرة، شملت عمليات ترحيل جماعية ونشر الحرس الوطني وقوات فيدرالية أخرى في المدن الأمريكية، غالبًا ضد رغبة السلطات المحلية. كما تم تفعيل قانون الأجانب الأعداء لعام 1798 لترحيل الفنزويليين إلى سجن ضخم في السلفادور.
وقالت ويندي شيلر، عالمة السياسة في جامعة براون بمدينة بروفيدنس، رود آيلاند: "لقد وعد بتأمين الحدود، لكن عمليات الترحيل تجاوزت الحد. وقد أعربت مدن ومجتمعات عديدة عن استيائها وغضبها من هذه الأساليب".
ترامب وعد بإصلاح الاقتصاد لكنه تبنى سياسة فرض التعريفات
كما وعد ترامب بإصلاح الاقتصاد، تضيف الجارديان، لكن تشريعه الأبرز، "القانون الكبير والجميل" - الذي أعيدت تسميته بقانون خفض الضرائب للعائلات العاملة - سينقل، بحسب النقاد، الثروة من الفقراء إلى الأغنياء، ويحرم ملايين الأشخاص من الرعاية الصحية. وفي الوقت نفسه، تمحورت سياسة الرئيس التخريبية حول فرض تعريفات جمركية باهظة تسببت في تقلبات السوق ورفعت الأسعار على المستهلكين.
وأضافت شيلر: "إن أكبر جرح ألحقه الرئيس بنفسه وبالجمهوريين هو التعريفات الجمركية. في الإدارة الأولى، كانت هذه التعريفات موجهة بالدرجة الأولى ضد الصين، ويمكن تقديم حجج في هذا الشأن".
وأضافت "في هذه الإدارة، باتت هذه السياسات أوسع نطاقًا وأكثر شمولًا، ويتجلى ذلك في سلاسل التوريد، وفي مشتريات المستهلكين، وفي التسعير، وفي كل جانب من جوانب حياة الناس. سواءً أكان الأمر يتعلق بمتاجر السوبر ماركت، أو هدايا الأعياد، أو أي شيء آخر، فإنهم يشعرون بتأثيرها."
مناهضة التطعيم أدت لعودة أمراض يمكن الوقاية منها
ومن ناحية أخرى، قالت الصحيفة فى تحليلها، إن تعيين ترامب لروبرت ف. كينيدي الابن ساهم في تأجيج المشاعر المناهضة للتطعيم، مما أدى إلى عودة ظهور الأمراض التي يمكن الوقاية منها، وتسييس مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. كما انسحب من اتفاقية باريس، وعمل بشكل ممنهج على تقويض البنية التحتية لعلوم المناخ.ق
في ذروة قوته السياسية، بدا تمسك ترامب بالاستبداد أمرًا لا يمكن إيقافه. فسارع إلى إقالة 17 مفتشًا عامًا مستقلًا في انتهاك واضح للقانون الفيدرالي. وأمر وزارة العدل بالتحقيق مع خصومه، بمن فيهم جيمس كومي، المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، وليتيشيا جيمس، المدعية العامة لولاية نيويورك.