نقش حجري، اكتُشف في جنوب كازاخستان، يُعيد تشكيل ما هو معروف عن تاريخ الأوغوز المبكر واستخدامهم للكتابة قبل العصور الوسطى، وقد تم التعرف على هذا النقش في أغسطس 2025 في متحف محلي صغير بقرية أورانجاي، بالقرب من مدينة تركستان، ويُقدم دليلًا ماديًا نادرًا على أن شعب الأوغوز كان يستخدم لغة مكتوبة قبل قرون من بدء كتابة اللغة التركية الأوغوزية بالأبجدية العربية، وفقا لما نشره موقع" turkiyetoday".
تم تقديم الاكتشاف فى دراسة نُشرت في 21 ديسمبر في مجلة YAZIT للعلوم الثقافية ، حيث قدم الباحثون النقش باعتباره اكتشافًا جديدًا وغير موثق سابقًا يتعلق بممارسات الكتابة الأوغوزية المبكرة.
قطعة أثرية مهملة تظهر من متحف محلي
اكتشف باحثان النقش خلال عمل ميداني في موطن الأوغوز التاريخي. كان الحجر محفوظًا في متحف مدرسي متواضع داخل مدرسة مختار أويزوف المتوسطة في أورانجاي، وهي قرية تابعة لمقاطعة سواران في منطقة تركستان بكازاخستان، لم يسبق أن نُشرت دراسة أكاديمية عن هذه القطعة الأثرية.
بحسب المعلومات المسجلة في المتحف والتي أكدها موظفون محليون، فإن الحجر يعود أصله إلى كولتوبي، وهي مستوطنة أوغوزية قديمة تقع داخل القرية، ويُقال إنه عُثر عليه في تسعينيات القرن الماضي أو أوائل الألفية الجديدة بعد عملية تنقيب غير قانونية، ثم سلمه السكان المحليون إلى المتحف، وقد سُجّلت القطعة الأثرية في قائمة مقتنيات المتحف منذ عام 2003.
نقش قصير ولكنه مليء بالتحديات
يتألف النقش من سطر واحد محفور على لوح من الحجر الجيري المربع يبلغ قياسه حوالي 25 × 25 سنتيمترًا، أسفل سطر النص يظهر رمز مكون من ثلاثة خطوط متموجة، يفسرها الباحثون إما على أنها علامة قبلية، تُعرف باسم "تمغا"، أو على أنها تمثيل منمق لمجرى مائي.
كُتب النص بما يُعرف لدى الباحثين بالخط التركي، وهو نظام كتابة يُعرف دوليًا أيضًا بالتركية القديمة أو التركية الرونية، يحتوي السطر على سبعة أحرف، بعضها يظهر بأشكال غير مألوفة أو نادرة، مما يجعل تفسيره صعبًا، لهذا السبب، طرح الباحثون قراءتين محتملتين بدلًا من حل واحد قاطع.
يقترح أحد التفسيرات تقسيم النص إلى عدة كلمات، بينما يشير تفسير آخر إلى أنه يمثل دلالة شخصية أو سياسية، ربما تكون مرتبطة بخاقانية الخزر، ويؤكد الباحثون أن هذه التفسيرات تبقى افتراضية وتتطلب مزيدًا من الدراسات المقارنة.
تشير المواد والتقنيات إلى الإنتاج المحلي
تشير الملاحظات العلمية إلى أن الحجر مصنوع من الحجر الجيري الدولوميتي الشائع في المنطقة الواقعة بين نهر سيحون، المعروف تاريخياً باسم نهر سيحون، وجبال كاراتشوك، وهذا يدل على أن اللوح الحجري قد تم إنتاجه محلياً وليس منقولاً من مكان آخر.
نُقشت الأحرف باستخدام إزميل مدبب، بينما يبدو أن الرمز الموجود أسفلها قد نُحت بأداة أقل حدة، تشير أنماط التجوية إلى أن الحجر بقي في الهواء الطلق لبعض الوقت، ولكنه لم يُغمر في الماء لفترات طويلة، مما يُفسر سبب بقاء النقش مقروءًا إلى حد كبير.
يعود تاريخ النقش إلى فترة الأوغوز
استنادًا إلى السياق الأثري والتاريخ الإقليمي والمقارنات مع نقوش أخرى عُثر عليها في جنوب كازاخستان، يُؤرَّخ نقش كولتوب إلى ما بين القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، وتتزامن هذه الفترة مع الظهور المبكر للأوغوز في المصادر التاريخية، وتسبق اعتماد الكتابة العربية للغة الأوغوزية التركية بعدة قرون.
تدعم النقوش التركية الأخرى التي عُثر عليها في جميع أنحاء تركستان الرأي القائل بأن اللغة الأوغوزية كانت تعمل بالفعل كلغة مكتوبة قبل القرن الثالث عشر بفترة طويلة، عندما بدأت اللغة الأوغوزية التركية في التسجيل على نطاق واسع بالأحرف العربية في الأناضول والمناطق المحيطة بها.