"الفيروس الكبير" فى كوبا.. معلومات عن المرض الذى ينقله البعوض

السبت، 27 ديسمبر 2025 04:00 م
"الفيروس الكبير" فى كوبا.. معلومات عن المرض الذى ينقله البعوض فيروسات ينقلها البعوض

كتبت مروة محمود الياس


تعيش كوبا هذه الأيام حالة طوارئ غير مسبوقة بعدما اجتاحها وباء غامض أطلق عليه السكان اسم "الفيروس الكبير". المرض يثير فزعًا واسعًا بين المواطنين الذين يرونه أشبه بعقاب جماعي، إذ تفشّى بسرعة لافتة في بلد يرزح أصلًا تحت ضغط نقص الدواء والغذاء والطاقة. وفي الوقت الذي تتزايد فيه الإصابات، تقف المستشفيات الكوبية على حافة الانهيار، فيما يبحث الناس عن العلاج في منازلهم بالأعشاب أو في السوق السوداء.


وفقًا لتقرير نشره موقع El País الإسباني، فإن ما يُعرف بالفيروس الكبير ليس فيروسًا واحدًا، بل مزيج من حمّى الضنك وحمّى الشيكونغونيا وفيروس أوروبوش، وهي أمراض ينقلها البعوض وتنتشر عادة في البيئات المدارية. وتشير البيانات الرسمية إلى أن عدد الإصابات المؤكدة بحمى الشيكونغونيا وحدها تجاوز 38 ألف حالة، بينما سجّلت السلطات ما لا يقل عن 55 وفاة، بينها 21 طفلًا، وسط ترجيحات بأن الأرقام الحقيقية أعلى بكثير.

 

أعراض مرعبة ومضاعفات لا تنتهي

الأعراض تبدأ فجأة: حمّى مرتفعة تتجاوز 39 درجة، آلام مبرّحة في المفاصل، طفح جلدي، قيء وإسهال، تليها مرحلة من التيبّس الشديد وصعوبة الحركة. يصف الأطباء الحالة بأنها "شلل مؤقت" في بعض العضلات، ويعاني المتعافون من آثار تستمر شهورًا، تشمل الإرهاق المزمن وفقدان التوازن وضعف الذاكرة.
الصحفية الكوبية يرمارا توريس هيرنانديز كتبت على وسائل التواصل: "ماتانزاس أصبحت مدينة أشباح، الناس يمشون منحنين كأنهم خارجون من معركة، كل خطوة تؤلمهم." 

 

الأسباب وراء التفشّي

يعزو خبراء الأوبئة السبب الرئيس إلى تزايد أعداد البعوض نتيجة الأمطار الغزيرة وتراكم القمامة في الشوارع بسبب انقطاع الكهرباء ونقص الوقود اللازم لعمليات الرش. وبلغت نسبة انتشار البعوض، بحسب بيانات المركز الوطني للنظافة والأوبئة، نحو 0.89 % من المناطق السكنية، وهي نسبة مرتفعة تعني أن الناقل متواجد في كل حي تقريبًا.

كما أن ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة خلق بيئة مثالية لتكاثر الحشرات، في وقت تراجعت فيه قدرة الدولة على توفير المبيدات الحشرية أو صيانة شبكات الصرف. وأشارت الدكتورة جيانيلا كروز أفيلا، مديرة المركز الإقليمي للنظافة في هولغين، إلى أن الخلل الأكبر هو في الوقاية، مؤكدةً أن "القضاء على البعوض البالغ لا يكفي، بل يجب تدمير البيض واليرقات والعذارى أيضًا".

 

العلاج  الممكن

لا يتوافر علاج نوعي للفيروس الكبير حتى الآن، والعلاج يعتمد على تخفيف الأعراض. يوصي الأطباء بالراحة التامة، وشرب كميات كبيرة من الماء لتجنّب الجفاف، وتناول خافضات الحرارة البسيطة مثل الباراسيتامول.

أما الأدوية المضادة للالتهاب القوية مثل الإيبوبروفين فيُنصح بتجنّبها لأنها قد تزيد خطر النزيف في حالات حمى الضنك.


التغذية.. عامل يزيد الأزمة

الخبراء في معهد بيدرو كوري للأمراض المعدية يؤكدون أن ضعف التغذية جعل المرض أكثر فتكًا. فالحمى والالتهابات تستهلك مخزون الحديد والبروتينات في الجسم، بينما يعيش أغلب الكوبيين على الأرز والقليل من اللحم المفروم. وتوصي النشرات الطبية بتناول البيض، الزبادي، الأسماك، المكسرات والخضراوات الورقية لتعويض النقص، إلا أن هذه الأطعمة شبه غائبة من المتاجر.

 

أزمة الدواء والتشخيص

المستشفيات الكوبية تعمل بأدوات محدودة للغاية. لا تتوفر الفحوص المخبرية لتحديد نوع الفيروس، فيُسجَّل التشخيص عادة تحت بند "حمّى غير محددة". وأفاد مصدر من معهد أمراض الدم والمناعة في هافانا أن كثيرًا من العينات يتم التخلص منها لغياب الكواشف اللازمة لتحليلها، ما يؤدي إلى نتائج سلبية كاذبة.
أما العلاج، فغالبًا ما يقتصر على مسكنات خفيفة ومحاليل الجفاف. وتقول إحدى الممرضات في ماتانزاس: "نرسل المرضى إلى منازلهم ونطلب منهم الراحة فقط، لأنه ببساطة لا يوجد دواء."ونتيجة النقص الحاد في الأدوية، تتجه الأسر إلى الطب الشعبي. فالسيدة مرسيدس إنتيريان، البالغة من العمر 57 عامًا، تروي أنها تعالج نفسها بخليط من الأوريجانو والثوم والقرنفل المغلي مرتين يوميًا، مضيفة: "نحن بلا حماية. كل ما نملكه أمل أن تمرّ العاصفة."

 

النظام الصحي 

تشير بيانات منظمات محلية إلى أن نحو 70 ألف عامل صحي غادروا وظائفهم خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، بينهم أكثر من 30 ألف طبيب. المستشفيات مكتظة، وأحيانًا تُغلق عيادات كاملة بسبب إصابة الطواقم الطبية نفسها بالفيروس.وتعترف وزارة الصحة بأن نقص الأدوية يتجاوز 70 % من الاحتياجات، ما جعل السوق السوداء المصدر الوحيد للدواء.

 

شهادات

يروي هانسل، مهندس يبلغ من العمر 31 عامًا من هافانا: "بدأ الأمر بألم في الركبة، ثم في يومين فقط لم أستطع الوقوف. شعرت وكأن جسدي تحوّل إلى حجر."أما سيلفيا من إقليم بينار ديل ريو، فحكت أن والدتها سقطت فجأة بسبب الحمى، واضطرتا للبقاء في المنزل دون تشخيص لأن المستشفى القريب خالٍ من الأدوية. تقول: "نعرف أننا مرضى، لكن لا أحد يعرف بماذا."في حي آخر من العاصمة، ظهرت حالات مماثلة لدى الأطفال وكبار السن. وتروي سيدة تدعى مايدليس سولانو: "كل بيت فيه مريض. نستيقظ صباحًا ونتبادل نفس الجمل: يؤلمني هنا، لم أنم جيدًا، لا أستطيع النهوض."

على الرغم من تضاعف أعداد المرضى والوفيات، تصرّ الحكومة الكوبية على أن الوضع "تحت السيطرة". وصرّح وزير الصحة خوسيه أنخيل بورتال ميراندا أن "هذه أمراض موسمية مألوفة في مناخنا"، رافضًا وصفها بالوباء. لكنّ الصور القادمة من هافانا وماتانزاس تُظهر مستشفيات مزدحمة ومشارح تعمل ليلًا ونهارًا، ما يجعل من الصعب تصديق الرواية الرسمية.من جهتها، أشارت منظمة الصحة للبلدان الأمريكية إلى أن انتشار الفيروسات المنقولة بالمفصليات في كوبا هو "الأوسع منذ عقدين"، محذّرةً من أن أي تأخير في مكافحة البعوض سيؤدي إلى توسّع المرض في المنطقة الكاريبية بأكملها.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة