قالت سماح عبد الفتاح، الاستشارية الأسرية، إن العودة إلى البيت بعد الولادة تمثل بداية مرحلة جديدة تمامًا في حياة الأم والأسرة، وهي المرحلة التي تحب أن تطلق عليها «مرحلة الزيرو»، لأن كل شيء فيها يكون جديدًا: النوم، والأكل، وروتين البيت، وحتى إحساس المرأة بنفسها، مؤكدة أن أول كلمة يجب أن تسمعها كل أم عائدة من المستشفى هي «ألف حمد الله على السلامة»، لأن هذه الكلمة البسيطة تحمل في طياتها دعمًا وتقديرًا حقيقيًا لما مرت به الأم من تعب جسدي ونفسي ومسؤوليات جديدة.
وأوضحت خلال حلقة برنامج "الرحلة"، المذلع على قناة الناس، اليوم الخميس، أن اليوم الأول في البيت يكون مزيجًا من الفرح والقلق؛ فرحة باحتضان أغلى هدية من الله، وقلق من مسؤولية كائن صغير يحتاج إلى رعاية على مدار 24 ساعة، مشيرة إلى أن تساؤلات الأم حول الرضاعة والنوم والتنفس طبيعية جدًا، ولا توجد امرأة تولد أمًا جاهزة، فالأمومة رحلة نتعلمها خطوة خطوة، مع نصيحة مهمة بعدم تعويد الطفل على الحمل طوال الوقت منذ اليوم الأول حتى تستطيع الأم ممارسة حياتها بشكل طبيعي.
وأكدت سماح عبد الفتاح أن تغذية الأم بعد الولادة ليست رفاهية بل علاج وتعويض لجسم مرهق، مشددة على أهمية شرب المياه بكثرة خاصة مع الرضاعة، والاهتمام بالبروتينات، والكالسيوم، والخضروات والفواكه الملونة، والحبوب الكاملة، والتمر، مع الالتزام بنظام غذائي متوازن، خصوصًا مع الرضاعة الطبيعية التي تحتاج إلى سعرات إضافية، مع التنبيه إلى أن الوجبات الصغيرة المتكررة قد تكون حلًا عمليًا للأمهات اللاتي يعانين من فقدان الشهية في الأيام الأولى.
وتطرقت الاستشارية الأسرية إلى تغذية الطفل في الشهور الستة الأولى، موضحة أن اللبن – سواء الطبيعي أو الصناعي تحت إشراف طبي – هو الغذاء الأساسي، مؤكدة أن لبن الأم ليس مجرد طعام، بل مناعة وحماية وصحة ممتدة، وأن «اللبأ» أو «السرسوب» في الأيام الأولى كنز حقيقي مليء بالأجسام المضادة، كما شددت على ضرورة تعقيم الأدوات جيدًا في حالة الرضاعة الصناعية، وطمأنت الأمهات بأن صِغر معدة الطفل يجعل الرضاعة المتكررة بكميات قليلة أمرًا طبيعيًا، وكذلك المغص في هذه المرحلة.
وتوقفت سماح عبد الفتاح عند الحالة النفسية للأم بعد الولادة، مؤكدة أن مشاعر الحزن أو القلق أو البكاء أو الشعور بالذنب شائعة نتيجة التغيرات الهرمونية والإرهاق وقلة النوم، مشيرة إلى أن هذه المشاعر طبيعية طالما لم تستمر أكثر من أسبوعين، أما في حال استمرارها فيجب اللجوء لمتخصص، مع أهمية الدعم الأسري، والتواصل مع الأصدقاء، والمواظبة على الذكر لأن «ألا بذكر الله تطمئن القلوب».
وأكدت على أن النوم والروتين نعمة حقيقية في هذه المرحلة، داعية الأمهات إلى النوم فور نوم الطفل، وتأجيل شؤون البيت غير الضرورية، وطلب المساعدة دون حرج، وتنظيم اليوم حول مواعيد الطفل، مشددة على أن رعاية الأم لنفسها ليست أنانية بل ضرورة، لأنها الأساس في استقرار الطفل والأسرة كلها.