تعد المتصورة المنجلية هي أخطر طفيليات الملاريا التي تصيب البشر، والتى يمكن أن تسبب الملاريا الحادة، بما في ذلك الملاريا الدماغية، حيث تسد خلايا الدم الحمراء المصابة الأوعية الدموية الصغيرة في الدماغ.
ويعد ذلك النوع من أخطر أنواع الملاريا، وقد تتطور العدوى بسرعة، مما يؤدي إلى الغيبوبة وتورم الدماغ والوفاة إذا لم يتم علاجها على الفور، حتى لدى الناجين، قد تحدث اضطرابات إدراكية وحركية مستمرة ناجمة عن العدوى.
التوصل لعلاج جديد
ووفقا لموقع "Medical xpress"، نقلا عن مجلة Nature Communications ، قام باحثون من كلية يونغ لو لين للطب، التابعة للجامعة الوطنية في سنغافورة، بدراسة ما إذا كان الميثيلين الأزرق يمكن أن يخفف من إصابة الدماغ أثناء الإصابة الشديدة بالملاريا، وما إذا كانت مجموعة عملية من المؤشرات الحيوية في الدم، يمكن أن تساعد الأطباء في تحديد الملاريا الدماغية مبكرًا وتتبع كيفية استجابة المرضى للعلاج.
قال الأستاذ المساعد بينوا ماليريت، قسم علم الأحياء الدقيقة وعلم المناعة بكلية الطب بجامعة سنغافورة الوطنية: "تتطور الملاريا الدماغية بسرعة وتؤدي إلى عواقب وخيمة، ولكن لا يزال هناك نقص في أدوات التشخيص العملية أو العلاجات الموجهة"، وأضاف: "تظهر نتائجنا أن الميثيلين الأزرق يمكنه عكس العديد من التغيرات الجزيئية التي تسببها العدوى في الدماغ، وهو أمر مشجع بالنسبة لمركب رخيص الثمن ومتوفر على نطاق واسع."
أساليب الدراسة والنتائج الرئيسية
في هذه الدراسة، قام الباحثون بحقن الميثيلين الأزرق وريدياً، في نماذج مخبرية مصابة بطفيل بلازموديوم كوتني بعد ظهور أعراض حادة، يشبه طفيل بلازموديوم كوتني طفيل بلازموديوم فالسيباروم إلى حد كبير، إذ تتشابه أعراضهما بشكل كبير، ويُستخدم على نطاق واسع كبديل في الدراسات المخبرية وما قبل السريرية، ثم قام الفريق بتحليل الجينات التي تم تفعيلها أو تعطيلها أثناء الإصابة، واستخدموا هذه البيانات لتحديد أنماط في الدم تشير بشكل موثوق إلى وجود الملاريا الدماغية.
وجد الباحثون أن الميثيلين الأزرق قادر على إعادة ضبط العديد من التغيرات الجينية غير الطبيعية في جذع الدماغ، وهو الجزء الأكثر تضرراً من الدماغ أثناء الإصابة بالملاريا الدماغية، كما أنه يقلل من العلامات الواضحة لإصابة الدماغ، مثل ترسبات الصبغة من خلايا الدم الحمراء المصابة، والنزيف الطفيف والتورم، كما ادت العديد من التغيرات في نشاط الجينات التي سببتها العدوى إلى مستويات قريبة من الطبيعية، وأظهرت عينات الأنسجة تحسينات تتطابق مع النتائج الجزيئية.
اكتشاف بصمة دموية مكونة من تسعة جينات
ميّزت هذه المجموعة من الجينات باستمرار بين الملاريا الدماغية والملاريا الأقل حدة، وكذلك بين الأفراد الأصحاء، ونظرًا لثبات هذا النمط لدى كل من البالغين والأطفال، فإنه يفتح المجال أمام إمكانية تطوير فحص دم موحد يساعد الأطباء على تشخيص الملاريا الدماغية، وتقييم شدتها، ومتابعة تعافي المرضى.
ترتبط العديد من هذه الجينات بالخلايا المتعادلة، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء، مما يشير إلى أن الالتهاب الناتج عن الخلايا المتعادلة يساهم في تورم الدماغ وتلفه أثناء المرض.
وأوضح الباحثون أن بصمة المؤشرات الحيوية التي تم تحديدها متسقة بشكل ملحوظ، وهذا يشير إلى إمكانية تطوير اختبار دم بسيط للتمييز بين الملاريا الدماغية وغيرها من الحالات الخطيرة، مما يتيح التدخل المبكر واتخاذ قرارات علاجية أكثر وضوحاً".
الآثار المترتبة على التشخيص والعلاج
ومن النتائج المهمة الأخرى تحسن فهم العمليات المناعية التي تشارك في إصابات الدماغ، حيث ظهرت الخلايا المتعادلة ، التي لم تكن تُعتبر سابقًا ذات أهمية محورية في الملاريا الدماغية، بشكل متكرر في تحليلات المؤشرات الحيوية والخلايا المناعية، وهذا يُقدّم أدلة جديدة حول كيفية إتلاف الالتهاب للحاجز الدموي الدماغي وكيفية ظهور الأعراض العصبية.
رغم أن الميثيلين الأزرق أظهر نتائج مشجعة، لاحظ الباحثون أن التوقيت قد يكون عاملاً حاسماً، إذ بدا العلاج المبكر أكثر فائدة، ستكون هناك حاجة إلى تجارب سريرية لتحديد الجرعة المثلى والتوقيت الأمثل والسلامة، عند استخدامه مع الأدوية المضادة للملاريا الحالية، كما سيتعين اختبار المؤشرات الحيوية التسعة على مجموعات أكبر وأكثر تنوعاً من المرضى، وتحويلها إلى اختبار عملي جاهز للاستخدام الميداني.
يأمل الفريق في نهاية المطاف في تطوير اختبار دم سريع وموثوق به للكشف عن الملاريا الدماغية، وتقييم الميثيلين الأزرق كعلاج داعم ميسور التكلفة.