يُعدّ منظار الكتف من أهم التقنيات الطبية الحديثة التي أحدثت نقلة نوعية في علاج أمراض وإصابات مفصل الكتف دون الحاجة إلى جراحة مفتوحة كبيرة. يعتمد هذا الإجراء على إدخال كاميرا دقيقة وأدوات جراحية صغيرة من خلال شقوق محدودة في الجلد، ما يقلل من فترة التعافي ويُحافظ على البنية الطبيعية للمفصل إلى حدٍّ كبير.
وفقًا لتقرير نشره موقع Cleveland Clinic الطبي، فإن تنظير الكتف أصبح من أكثر الجراحات شيوعًا بعد منظار الركبة، لما يقدّمه من دقّة في التشخيص وعلاج الحالات المزمنة والمعقّدة بفاعلية عالية ومضاعفات محدودة.
ما هو منظار الكتف وكيف يُجرى؟
منظار الكتف هو إجراء جراحي طفيف التوغّل (Minimally Invasive Procedure)، يُستخدم لتشخيص وإصلاح مشكلات مفصل الكتف.
يقوم الجراح بعمل شقوق صغيرة جدًا في الجلد، تُقدّر بحجم فتحة الزر، ثم يُدخل كاميرا دقيقة تُسمّى المنظار Arthroscope تنقل صورًا مباشرة من داخل المفصل إلى شاشة عالية الدقة.
تُتيح هذه التقنية للطبيب رؤية الأنسجة والغضاريف والأوتار بوضوح، وتحديد موقع الخلل أو التمزق دون الحاجة إلى فتح المفصل بشكل كامل.
بعد التشخيص، يُدخل الجراح أدوات دقيقة عبر شقوق إضافية لإجراء الإصلاحات اللازمة، مثل تثبيت الأوتار الممزقة أو إزالة الأنسجة الملتهبة أو نتوءات العظام.
الحالات التي تستدعي إجراء منظار الكتف
يُستخدم المنظار لعلاج مجموعة واسعة من الإصابات والمشكلات التي قد تُسبب ألمًا أو تيبسًا في الكتف، منها:
تمزق الكفة المدورة.
متلازمة انحشار الكتف .
الكتف المتجمّد (Frozen Shoulder).
عدم استقرار مفصل الكتف
التهاب الأوتار (Tendinitis) المزمن.
إصابات وتر العضلة ذات الرأسين
وجود نتوءات عظمية أو تآكل غضروفي بسبب خشونة المفصل
الطبيب يقرر اللجوء إلى المنظار عادةً بعد فشل العلاجات غير الجراحية مثل الأدوية، والعلاج الطبيعي، وحقن الكورتيزون.
التحضير قبل العملية
قبل الجراحة، يخضع المريض لفحص شامل يشمل التاريخ المرضي، وفحوص الدم، وتصوير الأشعة السينية أو الرنين المغناطيسي لتقييم الحالة بدقة.
يُنصح المريض بالتوقف عن تناول بعض الأدوية المسيلة للدم قبل العملية بعدة أيام، والامتناع عن الأكل والشرب قبل الجراحة حسب تعليمات الطبيب.
يُجرى التنظير عادة تحت التخدير الموضعي أو العام، حسب طبيعة الحالة، ويستغرق أقل من ساعة في معظم الأحيان.
ماذا يحدث أثناء المنظار؟
خلال العملية، يُوضع المريض إما في وضع الجلوس المائل أو على أحد الجانبين، ثم تُنظّف منطقة الكتف ويُدخل الطبيب المنظار عبر فتحة صغيرة.
يُحقن المفصل بسائل خاص لتوسيعه وتحسين الرؤية داخل المفصل.
تظهر الصور المكبّرة على شاشة العرض، ما يُتيح للجراح تحديد موضع الإصابة بدقة بالغة، ثم يستخدم أدوات دقيقة جدًا لإصلاح الأوتار أو إزالة الأنسجة التالفة.
بعد الانتهاء، تُغلق الفتحات الصغيرة بغرز تجميلية أو شرائط لاصقة طبية ويُوضع ضماد خفيف على الكتف.
فترة التعافي بعد منظار الكتف
من مزايا هذا الإجراء أنه لا يتطلب المبيت في المستشفى، إذ يمكن للمريض العودة إلى منزله في اليوم نفسه.
يُنصح بالراحة التامة خلال الأيام الأولى، مع وضع الذراع في حمالة طبية (Arm Sling) لتثبيت الكتف ومنع الحركة الزائدة.
يستمر الألم والتورم لعدة أسابيع، ويمكن السيطرة عليهما بمسكنات الألم والكمادات الباردة.
يُحدد الطبيب برنامجًا تدريجيًا للعلاج الطبيعي لإعادة الحركة والقوة العضلية للمفصل، ويُعد هذا الجزء من العلاج ضروريًا لضمان استعادة الوظيفة الكاملة للكتف.
غالبًا ما يمتدّ وقت التعافي من ستة أسابيع إلى ثلاثة أشهر حسب نوع الإصابة وشدة الجراحة، ويمكن للمريض العودة إلى الأنشطة اليومية تدريجيًا بإشراف الطبيب.
مزايا منظار الكتف مقارنة بالجراحة التقليدية
تُعد الجراحة بالمنظار خيارًا أكثر أمانًا وأقل ألمًا من الجراحة المفتوحة، إذ تتميّز بـ:
صغر حجم الشقوق الجراحية.
قلة فقدان الدم أثناء العملية.
انخفاض خطر العدوى.
سرعة التعافي والعودة للنشاط.
تقليل التيبّس وآلام المفصل بعد العملية.
وبالرغم من ذلك، فقد تظهر مضاعفات نادرة مثل النزيف، أو العدوى، أو إصابة الأعصاب، لكنها تظل محدودة للغاية بفضل تطور الأدوات الجراحية الحديثة وخبرة الأطباء المتخصصين في جراحة العظام والمناظير (Orthopedic Arthroscopy).
الوقاية والرعاية بعد الجراحة
ينبغي الالتزام بتعليمات الطبيب بعد العملية بدقة، مثل:
تجنّب حمل الأشياء الثقيلة أو رفع الذراع فوق مستوى الكتف لفترة محددة.
أداء تمارين العلاج الطبيعي بانتظام وفق الخطة الموضوعة.
مراجعة الطبيب فورًا عند ملاحظة أي تورم غير طبيعي، أو إفرازات من موضع الجرح، أو ارتفاع في الحرارة.
الالتزام بهذه التعليمات يساعد على تحقيق شفاء سريع واستعادة حركة الكتف الطبيعية دون مضاعفات.