أوروبا على فوهة الحرب.. بوتين يرفع سقف التهديد ويحذر من تجاهل الخطوط الحمراء الروسية.. جاهزية عسكرية فورية.. رسائل نارية للناتو تنذر بصراع شامل يعيد شبح الحرب الباردة.. وانقسام الآراء حول مدى جدية التهديد

الإثنين، 22 ديسمبر 2025 03:00 ص
أوروبا على فوهة الحرب.. بوتين يرفع سقف التهديد ويحذر من تجاهل الخطوط الحمراء الروسية.. جاهزية عسكرية فورية.. رسائل نارية للناتو تنذر بصراع شامل يعيد شبح الحرب الباردة.. وانقسام الآراء حول مدى جدية التهديد بوتين والناتو

فاطمة شوقى

عادت لغة التهديد والتصعيد لتخيم من جديد على المشهد الدولي، بعدما أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحذيرات غير مسبوقة أعادت أوروبا إلى أجواء الحرب الباردة، بل وربما إلى ما هو أخطر. فخلال مؤتمره الصحفي السنوي، لم يكتف بوتين بالدفاع عن موقف بلاده في الحرب الأوكرانية، بل وجه رسائل مباشرة إلى أوروبا وحلف شمال الأطلسى، محذرا من أن تجاهل ما وصفه بـ«الخطوط الحمراء الروسية» قد يقود إلى نزاع مسلح واسع النطاق، لا تقتصر تداعياته على حدود أوكرانيا.

 

نبرة مزدوجة لخطاب بوتين تجمع بين النفى والتهديد

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة لاراثون الإسبانية فإن خطاب بوتين حمل نبرة مزدوجة تجمع بين النفي والتهديد،  فمن جهة، سخر من الاتهامات الغربية التي تتحدث عن نية روسية لمهاجمة دول أوروبية أخرى، واصفًا هذه الروايات بـ«الجنون السياسي» الذي يهدف، حسب قوله، إلى تخويف الشعوب الأوروبية وتبرير سباق التسلح. لكن من جهة أخرى، شدد بوضوح على أن الجيش الروسي في حالة «جاهزية كاملة الآن»، وأن موسكو لن تتردد في استخدام قوتها إذا شعرت بأن أمنها الاستراتيجي مهدد.

 

جاهزية عسكرية ورسائل مشفرة

أكثر ما أثار القلق في العواصم الأوروبية لم يكن مجرد الكلمات، بل توقيت التصريحات وسياقها، وفقا للتقرير الإسبانى ، فالتأكيد المتكرر على الجاهزية العسكرية الفورية يُقرأ في الغرب باعتباره رسالة ردع مباشرة، وربما استعدادًا لاختبار ردود فعل الناتو. ويخشى محللون من أن هذا النوع من الخطاب قد يكون تمهيدًا لخطوات تصعيدية على الأرض، سواء عبر مناورات عسكرية واسعة أو تحركات مفاجئة في مناطق حساسة.


ومن بين أكثر النقاط خطورة في حديث بوتين، تحذيره الصريح من أي محاولة لعزل أو المساس بإقليم كالينينجراد، الجيب الروسي الواقع بين بولندا وليتوانيا. فبالنسبة لموسكو، لا يُعد كالينينجراد مجرد قطعة جغرافية، بل رمزًا استراتيجيًا وحلقة أساسية في توازن الردع العسكري مع الناتو. أي ضغط على هذا الإقليم قد يُفسَّر، وفق الرؤية الروسية، كعمل عدائي مباشر يبرر ردًا عسكريًا واسعًا.

 

الناتو في مرمى الخطاب الروسي

لم يُخفِ بوتين امتعاضه المتجدد من توسع حلف شمال الأطلسي شرقًا، معتبرًا أن هذا التوسع يمثل «خداعًا تاريخيًا» وانتهاكًا لتعهدات سابقة بعدم الاقتراب من الحدود الروسية. هذا الملف، الذي يعود إلى ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، لا يزال يشكل جوهر الأزمة الأمنية بين روسيا والغرب، ويُنظر إليه في موسكو كتهديد وجودي لا يمكن تجاهله.
في المقابل، يرى قادة أوروبيون أن تصريحات بوتين تهدف بالأساس إلى ممارسة ضغط نفسي وسياسي، وإظهار أن روسيا لا تزال لاعبًا عسكريًا قادرًا على قلب الطاولة. ومع ذلك، فإن استمرار الحرب في أوكرانيا، وتراجع قنوات الحوار، وتصاعد الخطاب العدائي، كلها عوامل تجعل من الصعب التقليل من خطورة الموقف.

 

قلق أوروبي وحسابات معقدة

داخل أوروبا، تنقسم الآراء حول مدى جدية التهديد الروسي،  فبينما تعتقد بعض الحكومات أن بوتين يستخدم التصعيد الكلامي كورقة تفاوض وردع، تحذر أصوات أخرى من أن التاريخ الأوروبي مليء بالأمثلة التي تحولت فيها التهديدات اللفظية إلى حروب فعلية. ويزداد القلق مع تزايد الإنفاق العسكري الأوروبي، وتكثيف المناورات المشتركة، ما يعزز صورة سباق تسلح صامت قد ينفجر في أي لحظة.


ويرى مراقبون أن أخطر ما في المرحلة الحالية هو غياب «صمامات الأمان» السياسية. فمع تآكل الثقة بين موسكو والغرب، وغياب مفاوضات جادة، يصبح أي حادث عسكري محدود أو سوء تقدير سياسي شرارة محتملة لصراع أوسع، قد يتجاوز أوكرانيا ليطال قلب أوروبا.

 

شبح الحرب يعود

في المحصلة، تعيد تهديدات بوتين طرح سؤال ثقيل على الساحة الدولية: هل يقف العالم بالفعل على أعتاب مواجهة كبرى؟ قد لا تكون الحرب الشاملة خيارًا مرغوبًا لأي طرف، لكن لغة التصعيد، والجاهزية العسكرية، والاصطفافات المتشددة، كلها مؤشرات تنذر بأن هامش الخطأ بات ضيقًا للغاية. وبين التحذيرات الروسية والمخاوف الأوروبية، يعود شبح الحرب ليخيم مجددًا على القارة العجوز، مذكرا بأن السلام في أوروبا لم يعد أمرًا مسلّمًا به كما كان في السابق.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة