ذكرت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية، أن محبى القهوة فى الولايات المتحدة، الذين كانوا يأملون أن يؤدى تراجع الرسوم الجمركية التى أقرها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الشهر الماضى إلى خفض تكلفة فنجان القهوة اليومى، يجب عليهم إعادة التفكير فى تلك التوقعات.
الرسوم الجمركية وتأثيرها المتأخر
وأوضحت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها اليوم الاثنين، أن الرسوم الجمركية الواسعة على الواردات التي فرضها ترامب خلال الصيف الماضي، والتي شملت دولاً كبرى منتجة للقهوة مثل البرازيل، دفعت أسعار حبوب القهوة الخام إلى الارتفاع غير أن هذه التكاليف الإضافية لا تزال في طور الانتقال عبر سلاسل الإمداد، ولم تنعكس بعد بشكل كامل على المستهلكين، بحسب وسطاء ومتداولين وخبراء في القطاع.
نقص الإمدادات وراء ارتفاع الأسعار
وبعبارة أخرى، فإن ارتفاع أسعار القهوة في متاجر التجزئة الأمريكية يعود في معظمه إلى نقص إمدادات حبوب القهوة العام الماضي، وهو ما أدى إلى تضاعف أسعار الحبوب الخام خلال الـ 12 شهراً حتى مارس.
خبير: الزيادات لا ترتبط بالرسوم
وقال محلل القهوة المستقل كريستوفر فيران معظم الزيادات في أسعار التجزئة التي شهدناها حتى الآن لا ترتبط بالرسوم الجمركية، بل تعود إلى الارتفاع القياسي في سوق حبوب القهوة الخام الذي نشهده منذ العام الماضي".
انتقال الأسعار يستغرق وقتاً
ويقدر فيران وخبراء آخرون في الصناعة أن انتقال أسعار الحبوب الخام إلى المستهلكين يستغرق ما لا يقل عن تسعة أشهر، نتيجة فترات التحميص ومفاوضات التسعير، ما يعني أن تراجع الأسعار قد لا يظهر قبل العام المقبل.
وسيضطر مستهلكو القهوة في الولايات المتحدة، أكبر سوق استهلاكي للقهوة في العالم، إلى تحمل أسعار مرتفعة لفترة أطول، في وقت يواجه فيه البيت الأبيض مهمة معقدة لكبح تضخم أسعار الغذاء قبل انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر 2026.
ضغوط انتخابية على ترامب
وتعرض ترامب لضغوط سياسية بعد فوز الديمقراطيين في ولايات نيوجيرسي ونيويورك وفرجينيا، وهي نتائج ربطها مراقبون باستياء الناخبين من ارتفاع أسعار الغذاء.
وعلى خلفية ذلك، تراجع الشهر الماضي عن الرسوم الجمركية التبادلية التي تراوحت بين 10% و41% على أكثر من 200 سلعة غذائية لا يمكن إنتاجها بسهولة داخل الولايات المتحدة، من بينها القهوة.
إعفاءات على واردات البرازيل
كما أعفى المنتجات الغذائية غير المزروعة محلياً من رسم إضافي بنسبة 40% على الواردات القادمة من البرازيل، التي تزود الولايات المتحدة بنحو ثلث احتياجاتها من حبوب القهوة.
وتشكل أسعار حبوب القهوة الخام ما لا يقل عن 40% من تكلفة إنتاج عبوة القهوة المحمصة والمطحونة؛ وقد ارتفعت هذه الأسعار بقوة العام الماضي، بعدما فشل السوق في التعافي من ثلاثة مواسم متتالية من عجز الإنتاج بسبب ظروف مناخية غير مواتية.
ويتوقع معظم خبراء القطاع تسجيل فائض في إنتاج القهوة خلال موسمي 2025/2026 و2026/2027 (من أكتوبر إلى سبتمبر)، وهو ما من شأنه، إلى جانب إلغاء الرسوم الجمركية، أن يخفف من أسعار الحبوب الخام وينعكس في نهاية المطاف على المستهلكين الأمريكيين.
مخزونات ومفاوضات تؤخر الانخفاض
غير أن المحللين يشيرون إلى أن ذلك سيستغرق وقتاً، إذ يحتفظ محمصو القهوة في الولايات المتحدة عادة بمخزونات تكفي شهرين إلى ثلاثة أشهر، ويحتاجون إلى فترة مماثلة لتحميص وتعبئة المنتجات.. كما أن مفاوضات الأسعار مع متاجر التجزئة تُجرى في العادة على أساس فصلي.
أرقام تعكس الفجوة السعرية
وبذلك، فإن جزءاً ضئيلاً فقط من الزيادة البالغة 18.8% في أسعار القهوة بالتجزئة في الولايات المتحدة خلال العام حتى نوفمبر يعود إلى الرسوم الجمركية.
وفي المقابل، فإن الارتفاع الذي يقارب 35% في أسعار حبوب القهوة الخام بين أغسطس ونوفمبر، عندما كانت معظم رسوم ترامب سارية، لم يصل بعد إلى رفوف المتاجر، ومنذ تراجع ترامب عن الرسوم، لم تنخفض أسعار الحبوب الخام سوى بنسبة 6%.
ومع ذلك، ساهم تراجع الرسوم الجمركية في إبطاء وتيرة ارتفاع الأسعار على المدى القريب.
ففي أواخر نوفمبر الماضي، وبعد أيام من رفع الرسوم على واردات القهوة البرازيلية، أعلنت شركة جيه. إم. سموكر ، أنها لن تدرس زيادة أسعار القهوة خلال فصل الشتاء لتغطية تكاليف الرسوم.
وأوضحت الشركة أنها ستحافظ على تأثير سلبي بقيمة 0.50 دولار على ربحية السهم خلال السنة المالية الحالية نتيجة تلك الرسوم.
السوق لم ينخفض بعد
وقال مدير إحدى شركات تحميص القهوة الأمريكية المتوسطة: نحن سعداء جداً بزوال الرسوم الجمركية، لكن ذلك لا يكفي لخفض السوق، وأضاف أن شركته انتهت من رفع الأسعار، لكنه يتوقع أن تقدم شركات التحميص الكبرى، التي تتفاوض بوتيرة أبطأ مع تجار التجزئة، على زيادات سعرية جديدة العام المقبل، وتابع قائلاً أسعار حبوب القهوة لا تزال مرتفعة، لكن المستهلك لا يدرك ذلك، فهو يربط كل شيء بالرسوم الجمركية فقط.