سجلت أسعار القهوة العالمية مستويات قياسية فى عام 2025، ما أدى إلى قفزة فى أسعار مشروبات القهوة مثل الكابتشينو واللاتيه فى المقاهى، إلا أن عادة الكافيين يصعب التخلى عنها، ما يدفع المستهلكين بشكل متزايد إلى اللجوء لصناعة مشروبهم المفضل في المنزل.
تحول عادات شرب القهوة عالميًا
وبدلًا من التوقف عن شرب القهوة اليومية، يتجه المستهلكون إلى خيارات أقل تكلفة، مثل المقاهي السريعة التي تخدم السيارات أو شراء حبوب القهوة الكاملة وطحنها وتحضيرها في المنزل، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرج الأمريكية.
وتشير مجموعة من البيانات، من بينها زيارات المقاهي في الولايات المتحدة واستطلاعات رأي دولية للمستهلكين، إلى تحول متزايد في عادات شرب القهوة، يعكس الطريقة التي يتكيف بها المستهلكون مع التضخم المستمر في سلع تمتد من سندوتشات البوريتو إلى شرائح اللحم، وهو اتجاه تجاري يزيد حدة المنافسة على بعض أكبر السلاسل، ويمثل في الوقت نفسه تحولًا ثقافيًا لدى جيل زد الأكثر وعيًا بالتكلفة.
زيادة في إعداد القهوة في المنزل
وفي استطلاع أجرته سيتي جروب في أكتوبر شمل 1900 مستهلك للقهوة حول العالم، تبين أن ارتفاع الأسعار دفع 37% من المشاركين إلى إعداد المزيد من القهوة في المنازل.
وكان هذا الاتجاه عالميًا، إذ أظهر شاربو القهوة في الولايات المتحدة وأستراليا والصين وتايلاند وبريطانيا تحولات مماثلة، ومن بين من لم يتبنوا هذا السلوك بعد، قال نحو ثلثيهم إنهم يتوقعون تغييره خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة.
وقال جيمس هوفمان، خبير القهوة ومؤثر يوتيوب: «فقدت المقاهي قليلًا من بريقها وزخمها مع نمو سوق القهوة المنزلية».
الطلب على حبوب الأرابيكا يرتفع
وقفز سعر حبوب الأرابيكا الفاخرة، خلال العام الماضي مع تأثر الإمدادات العالمية، القادمة في معظمها من البرازيل، بمزيج من سوء الأحوال الجوية والرسوم الجمركية.
ورغم التراجع الأخير بعد تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن بعض الرسوم التجارية، لا تزال عقود نيويورك الآجلة تُتداول عند نحو 3.60 دولار للرطل، أي أكثر من ضعف متوسط المستويات المسجلة خلال العقدين الماضيين.
وارتفع متوسط سعر فنجان القهوة العادي في قوائم الأسعار عبر الولايات المتحدة بنحو 20% منذ أوائل 2023، وينفق المستهلكون في الولايات المتحدة أكثر من 100 مليار دولار سنويًا على منتجات القهوة، بحسب الجمعية الوطنية للقهوة.
تحول سلوك المستهلكين إلى خيارات أقل تكلفة
وقالت كونا حق، رئيسة أبحاث السلع في شركة لتجارة السلع الزراعية، في تصريحات لتلفزيون بلومبرج، إن المستهلكين «لم يقلصوا بالضرورة استهلاك القهوة»، مضيفة: «لكنهم اتجهوا إلى خيارات أقل تكلفة».
ويعتمد شكل هذا التحول على ما إذا كان الشخص ينظر إلى القهوة كمنتج أساسي أو رفاهية مميزة، ولذلك فإن الهواة الذين يبحثون عن نوع محدد من الحبوب أو درجة تحميص معينة يتصرفون بشكل مختلف عن الآباء المشغولين الذين يلتقطون فنجانًا سريعًا بعد توصيل أبنائهم إلى المدرسة.
وينتمي إد هاريسون، المدير الإداري في شركة اتصالات، إلى الفئة الأولى، حيث اعتاد زيارة المقاهي 6 إلى 7 مرات أسبوعيًا، لكنه بات الآن يزورها 4 مرات فقط في الشهر، وبدلًا من ذلك، اشترى مطحنة قهوة وآلة تقطير وآلة إسبريسو لمنزله في ماساتشوستس، وقال هاريسون إن التكلفة الأولية مرتفعة، لكن «لا مجال للمقارنة» من حيث التوفير اليومي.
تزايد الاهتمام بالقهوة الباردة
وكانت شركة أمريكية تبيع منتجات محامص محلية مباشرة للمستهلكين غالبًا عبر الاشتراكات، تستهدف في السابق هواة شراء الحبوب الكاملة لتحضيرها في المنزل، وقالت جيسيكا كريستال، مديرة التسويق للنمو في الشركة، إن أحدث منتجات القهوة الباردة جذبت عملاء جدد «لأنهم كانوا يقدّرون التوفير في التكاليف».
وخلال مبيعات «الجمعة السوداء» في بريطانيا في نوفمبر، قفزت مشتريات آلات تحضير القهوة المنزلية بنسبة 43% مقارنة بالعام السابق، وفقًا لبيانات «نيلسن آي كيو»، وقال جيفري يونج، المدير الإداري لشركة أبحاث، إن الخيارات الأرخص لتحضير قهوة جيدة في المنزل، مثل العلامات التجارية الخاصة التي تُنتجها محامص وتباع باسم تجار التجزئة، أصبحت «أكثر أهمية عندما تكون الميزانيات محدودة».
ومن جانبه، قال ويل فورد، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة مُصنّعه للعلامات الخاصة ولديها مصنع للمشروبات الجاهزة في أركنساس افتتح في 2024، إن الطلب الحالي يفوق الطاقة الإنتاجية للشركة، ما دفعها إلى بناء خطوط إنتاج جديدة، أما بين من لا يملكون الوقت أو الرغبة في تحضير القهوة في المنازل، فتتغير السلوكيات أيضًا.
تحولات في سلوكيات الشراء واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي
فالمواقع في الولايات المتحدة المتخصصة في القهوة منخفضة التكلفة عبر خدمة السيارات أو متاجر السلع السريعة تشهد نموًا في عدد الزيارات، بعضها بنسب من خانتين، بحسب آر. جيه. هوتوفي، رئيس الأبحاث التحليلية في شركة متخصصة في تتبع حركة الزوار، وفي المقابل سجلت سلاسل راسخة تراجعًا في عدد الزيارات لكل متجر خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر مقارنة بالعام السابق.
وقال هوتوفي إن السلاسل المتوسعة «نجحت في الحفاظ على متوسط سعر فنجان القهوة أو المشروبات القائمة عليها عند مستويات منخفضة نسبيًا»، كما تستفيد من نمو السكان في المناطق الريفية والضواحي حيث يقل تركّز المقاهي، وتتلاقى هذه الاتجاهات المختلفة في ما قد يكون تحولًا جيليًا في طريقة وأماكن شرب القهوة.
وشهد تطبيق «تيك توك» زيادة كبيرة في شعبية محتوى جيل زد الذي يشارك حيلًا لمحاكاة تجربة المقهى بميزانية محدودة، من إعداد القهوة الباردة في الثلاجات إلى شراء أكواب بلاستيكية بكميات كبيرة لتحضير اللاتيه المثلج، ووفقًا لبيانات من شركة التواصل الاجتماعي، تضاعف عدد المنشورات حول هذا الموضوع خلال العام الماضي.