يعد الطبيب الإغريقي أبقراط، أحد أعظم أطباء العالم في التاريخ، وقد سماه العرب «أبو الطب»، ورفعوا نسبه إلى عائلة أسقلبيوس، ولا يتردد ابن أبي أصيبعة الذي خصَّص له ترجمة طويلة في تاريخه أن يشير إلى ما كان عليه من «التأييد الإلهي».
يُلقب أبقراط بـ "أبي الطب" لأنه كان أول من فصل الطب عن السحر والخرافات، وأرسى أسس الطب القائم على الملاحظة العلمية والمنطق، مقدماً تفسيرات علمية للأمراض، ومؤسساً للأخلاقيات الطبية عبر "قسم أبقراط" الشهير، ومُعتمدًا على مناهج مثل التشخيص الشامل وتغيير نمط الحياة والاهتمام بالبيئة، وهذا ما أحدث ثورة في ممارسة الطب وجعله علماً قائماً بذاته، بحسب ديوان العرب، وموسوعة المعرفة.
وُلِدَ أبقراط في جزيرة «قوص» وهي جزيرة صغيرة من الجزائر اليونانية في القرن الخامس ق.م (حوالي 460)، وكان الطب في هذا الزمن لا يزال في أيدي أناس تنقصهم الروح العلمية، كثيرًا ما يلجئون إلى السحر والشعوذة مستغلين سذاجة المرضى، وكان أبقراط متضلعًا في العلوم الطبيعية فأدخل الطب في إطار علمي، مستعملًا الفحص الإكلينيكي clinical observation والاستنتاج المنطقي السليم.
كان يؤمن بأن المرض له أسباب طبيعية (علمية) وليس غضب الآلهة، واعتمد على الملاحظة الدقيقة لجسم المريض لتشخيص الأمراض وعلاجها، كما نرى في كتابات موسوعة المعرفة، ويعد أول من وصف أمراضاً مثل الالتهاب الرئوي والصرع عند الأطفال، بحسب موسوعة المعرفة.
ولقد وصف أبقراط وصفًا دقيقًا بعض الأمراض مثل السل والتشنج النفاسي والصرع والحميات المختلفة، وفي وصفه المشهور الطلعة الأبقراطية، وأشار بدقة إلى العاملات التي تنذر بالموت المقترب، وقد وصف بدقة 42 حالة مرضية و25 منها مصيرها الموت.
أكد على أهمية الطعام الصحي، والهواء النقي، والنظافة، والراحة للصحة الجيدة، وكان يتعامل مع الجسم البشري كوحدة واحدة مترابطة، ويعتمد على التجربة والقياس (المنهج العلمي)، كما ذكر ديوان العرب، وكان أول من وضع المبادئ الأخلاقية المهنية للأطباء، مثل سرية المريض وعدم إلحاق الأذى به، والتي تجسدها " قسم أبقراط ".