واصلت لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، خلال اجتماعها المنعقد اليوم برئاسة الدكتور محسن البطران، رئيس اللجنة، مناقشة أزمة زيادة القيمة الإيجارية لأراضي الوقف، وذلك بحضور ممثلي هيئة الأوقاف المصرية وهيئة الإصلاح الزراعي.
واستهل الدكتور محسن البطران الاجتماع بالتأكيد على أن اللجنة تلقت عدداً كبيراً من شكاوى صغار المزارعين عقب قرار زيادة إيجارات أراضي الأوقاف، وهو ما دفع اللجنة لفتح ملف القضية ومناقشتها بشكل موسع.
وأوضح أن ما أعلنته هيئة الأوقاف من زيادات وصلت في المتوسط إلى نحو 45 ألف جنيه للفدان، وبنسبة زيادة بلغت 247%، لا يتناسب إطلاقاً مع العائد الفعلي للمحاصيل الاستراتيجية، وعلى رأسها القمح والبنجر، والتي لا تتجاوز ربحية الفدان منها نحو 8 آلاف جنيه سنوياً، في حين أن بعض المحاصيل الأخرى لا تتعدى أرباحها 4 آلاف جنيه للفدان في العام، وهو ما يعكس فجوة كبيرة بين الإيجار المقترح والعائد الحقيقي للمزارعين.
وشدد رئيس لجنة الزراعة والري على أن اللجنة لا تعترض من حيث المبدأ على مبدأ زيادة الإيجارات، إلا أنها تطالب بأن تتم هذه الزيادة وفق رؤية موضوعية تراعي أوضاع صغار المستأجرين من المزارعين، وقدرتهم على الاستمرار في الزراعة دون التعرض لخسائر فادحة.
من جانبه، أوضح المستشار القانوني لهيئة الأوقاف أن الهيئة تستهدف الحفاظ على أموال الوقف باعتبارها أموالاً خاصة، وتسعى إلى تعظيم استثمارها بالشكل الأمثل، مشيراً إلى أن إجمالي مساحة الأراضي الزراعية التابعة للوقف تقدر بنحو 105 آلاف فدان، يستفيد منها قرابة 80 ألف مستأجر على مستوى الجمهورية.
وشهد الاجتماع توجيه انتقادات واضحة لعدم حضور وزير الأوقاف، فضلاً عن الاعتراض على تجاهل البعد الاجتماعي والاقتصادي للمزارعين عند اتخاذ قرارات الزيادة.
وفي هذا السياق، اعترض النائب علاء عبد النبي، وكيل اللجنة، على غياب وزير الأوقاف عن الاجتماع، منتقداً النهج الاستثماري والرأسمالي الذي تتبعه الوزارة في التعامل مع أراضي الوقف، محذراً من التداعيات السلبية لذلك على نحو 80 ألف أسرة، بما يعادل ما يقرب من نصف مليون مواطن، داعياً إلى ضرورة مراعاة البعد الاجتماعي وإشراك النواب في اتخاذ مثل هذه القرارات المؤثرة.
كما انتقد النائب إسماعيل الشرقاوي ضعف التمثيل الحكومي خلال الاجتماع، مطالباً بمراجعة الأسعار المعلنة وإعداد دراسات دقيقة للوصول إلى الأرقام الحقيقية التي تعكس الواقع الزراعي.
بدوره، أكد النائب محمد شعيب، أمين سر اللجنة، أن اللجنة لا تمانع في رفع أسعار إيجارات الوحدات التجارية، إلا أن رفع إيجار الفدان الزراعي من 18 ألف جنيه إلى 48 ألف جنيه يُعد مبالغاً فيه، لافتاً إلى أنه لا يوجد محصول زراعي يحقق هذا المستوى من العائد.
وأيد هذا الرأي النائب جمال أبو الفتوح، وكيل اللجنة، مشيراً إلى تلقيه عدداً كبيراً من الشكاوى من مختلف المحافظات بسبب هذه الزيادات، مؤكداً أن المزارعين المتضررين يستحقون الرعاية والدعم من هيئة الأوقاف، ومشدداً على أن الاعتراض ليس على الزيادة في حد ذاتها، وإنما على تطبيقها دون ضوابط وبصورة مفاجئة، مطالباً بأن تتم الزيادة بشكل تدريجي ومدروس.
وفي السياق ذاته، دعا عدد من النواب، من بينهم عمرو الشلمة ومحمد حمزة، إلى تحقيق العدالة والتوازن بين الحفاظ على أموال هيئة الأوقاف ومراعاة مصالح المواطنين، من خلال تصنيف الأراضي والتمييز بين الحيازات والمساحات الكبيرة والصغيرة.
وفي ختام الاجتماع، شدد الدكتور محسن البطران، رئيس اللجنة، على ضرورة التوصل إلى حل يراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي للمزارعين، مطالباً مسؤولي هيئة الأوقاف بإعداد بيان تفصيلي يتضمن توصيفاً دقيقاً للأراضي، والخريطة المحصولية الخاصة بها، بهدف تقييم أثر الزيادة المقترحة على صغار المزارعين بصورة واضحة.
وأكد البطران أن اللجنة ليست ضد مبدأ التسعير الحر، لكنها ترفض تطبيق زيادات مغالى فيها دفعة واحدة دون دراسة متأنية.
وأوصت لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، في ختام اجتماعها، بتأجيل تنفيذ الزيادة في القيمة الإيجارية لأراضي الوقف لحين إعداد البيان المطلوب، على أن يتم مناقشته خلال اجتماع مشترك يُعقد خلال أسبوعين، بحضور أعضاء اللجنة وممثلي وزارتي الأوقاف والمالية وهيئة الإصلاح الزراعي، وذلك بهدف الخروج بتوصيات واضحة يتم رفعها إلى رئيس مجلس الشيوخ، تمهيداً لإرسالها إلى رئيس الجمهورية والحكومة لاتخاذ ما يلزم بشأنها.