يحتفل الأديب الكبير إبراهيم عبد المجيد، اليوم، بعيد ميلاده التاسع والسبعين؛ فهو من مواليد 2 ديسمبر 1946، ومن أبرز الكتّاب العرب الذين تركوا بصمتهم العميقة على الرواية العربية المعاصرة، إذ وُلِد في مدينة الإسكندرية، المدينة التي ستصبح فيما بعد بطلةً للكثير من رواياته، ومجاله الحيوي الذي يستدعيه ويستعيده باستمرار في أعماله.
تخرج الأديب إبراهيم عبد المجيد في كلية الآداب قسم الفلسفة بجامعة الإسكندرية عام 1973، ثم انتقل إلى القاهرة للعمل في وزارة الثقافة، ليبدأ رحلة طويلة جمع فيها بين العمل الثقافي والإبداع الأدبي.
كاتب لا يتكرر.. ذاكرة مدينة وروح شعب
يعدّ الروائي إبراهيم عبد المجيد صاحب مشروع سردي متفرد، انشغل فيه بمدينته الأم الإسكندرية انشغال العاشق الذي يكتب بأصابع الذاكرة، فكانت الإسكندرية ليست مجرد مكان، بل مزاجاً روحياً وحالة إنسانية وفضاءً متغيراً يتنفس عبر شخصياته ورموزه.
كتب عنها ثلاثيته الشهيرة، إلى جانب روايات عديدة تتناول تحولات المجتمع المصري، وأثر الزمن على البشر، وتغيّر المدن، وتبدل العلاقات، وقدّم عوالم روائية مشبعة بالغرائبية والدهشة، ونسج سرداً يمزج بين الواقعية والمجاز، وبين اليومي والأسطوري.
لم يلتزم عبد المجيد بشكل واحد من أشكال الكتابة، بل جرّب وتنوّع ووسّع من أدواته، ليصبح أحد أهم الأصوات السردية في الوطن العربي، وقد تحوّل عدد من رواياته إلى أعمال درامية وتلفزيونية زادت من انتشار اسمه لدى الجمهور العام.
فلسفة الكتابة في رؤيته
يؤمن إبراهيم عبد المجيد أن الكتابة ليست عملية بسيطة أو مباشرة، بل فعل معقد تتداخل فيه الذاكرة، والوعي، والتجربة الإنسانية، والبيئة، والظروف الاجتماعية والسياسية.
فهو لا يرى أن الكتابة معقدة بذاتها، بل إن ما وراءها هو المعقد، لأن كل كاتب هو حصيلة مجموعة من العناصر المتشابكة التي تصنع رؤيته وصوته ولغته الخاصة، لذلك جاءت أعماله محملة بكثافة إنسانية ومشهدية وأخلاقية تسمح للمتلقي بأن يعيد اكتشاف العالم من جديد.
إبداع ثري.. ومسيرة ممتدة
خلال مسيرته الطويلة أصدر إبراهيم عبد المجيد عددًا كبيرًا من الروايات التي رسخته كواحد من أهم كتّاب السرد العربي، ومنها: في كل أسبوع يوم جمعة، هنا القاهرة، البلدة الأخرى، بيت الياسمين، لا أحد ينام في الإسكندرية (واحدة من أشهر رواياته)، طيور العنبر، الإسكندرية في غيمة.. كما نشر خمس مجموعات قصصية تنوعت موضوعاتها بين الإنسان والمدينة والذاكرة والحلم، وهي: الشجر والعصافير، إغلاق النوافذ، فضاءات، وليلة انجينلا.
وتتميز كتاباته بأسلوب لغوي سلس وجميل، قادر على الإمساك بأدق التفاصيل الإنسانية، وعلى خلق عالم تتجاور فيه الدهشة مع الحنين، والواقع مع الخيال، والمدينة مع البحر الذي ظل جزءًا أساسيًا من رموزه السردية.