رغم أن المصطلحين "المضاد الحيوي"، و"المضاد الفيروسي" يُستخدمان كثيرًا في الأحاديث اليومية، فإن الخلط بينهما لا يزال شائعًا، فكثير من المرضى — عند الإصابة بنزلة برد أو التهاب في الحلق — يبدأون بتناول مضاد حيوي بأنفسهم، معتقدين أنه علاج شامل لكل أنواع العدوى، بينما آخرون يطلبون دواءً فيروسيًا دون فهم لطبيعة مرضهم. لكن الحقيقة أن لكل من الدوائين وظيفة مختلفة وآلية دقيقة لا يمكن استبدال أحدهما بالآخر.
ووفقًا لتقرير نشره موقع Johns Hopkins Medicine، فإن أكثر من نصف حالات استخدام المضادات الحيوية حول العالم تُصرف دون ضرورة طبية حقيقية، ما يساهم في زيادة مقاومة البكتيريا للعلاج وفقدان فعاليته على المدى الطويل.
الدكتورة عزة الشافعي، أستاذ الصيدلة بجامعة الزقازيق، تشير إلى أن المشكلة تبدأ غالبًا من صعوبة التفريق بين المضادات الحيوية والفيروسية من قبل البعض، فالبكتيريا كائنات حية دقيقة تتغذى وتتكاثر داخل الجسم، بينما الفيروس مادة طفيلية، ولذلك لا يمكن التعامل معهما بنفس المنهج العلاجي.
كيف يعمل المضاد الحيوي؟
توضح الدكتورة عزة الشافعي أن المضاد الحيوي يُصمم خصيصًا لاستهداف البكتيريا، فيعمل إما على قتلها مباشرة أو إيقاف نموها وتكاثرها.
وفعالية الدواء تعتمد على التشخيص السليم، لأن استخدامه في حالة عدوى فيروسية لن يحقق أي فائدة علاجية، بل قد يخلّ بتوازن البكتيريا النافعة في الأمعاء ويضعف المناعة على المدى الطويل.
المضاد الفيروسي.. آلية دقيقة لإبطاء انتشار العدوى
ـ أما المضاد الفيروسي فهو يعمل بطريقة مغايرة تمامًا، إذ لا يقتل الفيروس مباشرة، بل يمنع تكاثره داخل الخلايا المصابة.
ـ فالفيروسات لا يمكن القضاء عليها بالطرق نفسها التي تُستخدم للبكتيريا، وهذا يعني أن دور هذه الأدوية هو تقليل حدة الأعراض ومنح الجهاز المناعي فرصة لمحاصرة العدوى.
متى يُستخدم كل نوع؟
تشير الشافعي إلى أن المضاد الحيوي يُستخدم فقط في حالات العدوى البكتيرية المؤكدة، مثل:
ـ التهاب اللوزتين البكتيري.
ـ التهاب الرئة أو الجيوب الأنفية الناتج عن بكتيريا.
ـ التهابات الجلد أو البول.
بينما المضاد الفيروسي يُستخدم في أمراض مثل:
ـ الهربس.
ـ التهاب الكبد الفيروسي.
ـ فيروس نقص المناعة المكتسبة.
وتؤكد أن الطبيب وحده هو من يقرر نوع العلاج المناسب بعد إجراء الفحوص اللازمة، لأن العلاج الخاطئ قد يؤدي إلى نتائج عكسية أو مضاعفات دوائية.
الاستخدام الخاطئ ومشكلة المقاومة
ـ تحذر الدكتورة الشافعي من أن الإفراط في تناول المضادات الحيوية أو التوقف عن استخدامها قبل المدة المحددة يؤدي إلى ظهور سلالات بكتيرية مقاومة، أي بكتيريا لا تتأثر بالأدوية المعروفة. وهذه الظاهرة أصبحت من أكبر التحديات الصحية في العالم، لأنها تهدد بفقدان فعالية أدوية أساسية في المستقبل.
ـ وتضيف أن تناول مضادات حيوية أثناء الإصابة بعدوى فيروسية مثل نزلات البرد لا يسرّع الشفاء، بل يضر أكثر مما ينفع، إذ يُرهق الكبد والجهاز الهضمي ويزيد من مقاومة الميكروبات.
ضوابط الوقاية والاستخدام الآمن
تشدد الدكتورة الشافعي على ضرورة عدم استخدام أي مضاد إلا بوصفة طبية، والالتزام بالجرعة المحددة حتى آخر يوم، وعدم مشاركة الأدوية مع الآخرين. كما تنصح بالاعتماد على الراحة، السوائل الدافئة، والتغذية الجيدة في حالات العدوى الفيروسية البسيطة، لأنها كافية لدعم المناعة وتسريع التعافي دون حاجة للأدوية القوية.