أعادت خطوة غير مألوفة لرئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، فتح نقاش واسع حول حدود البروتوكول الدبلوماسي، بعدما أعلنت نيتها طرح الهدايا التي تلقتها من قادة دول في مزاد علني، وتوجيه عائداته إلى الأعمال الخيرية، في قرار تداخل فيه البُعد القانوني مع الرسالة السياسية.
من سؤال برلماني إلى عاصفة رأي عام
الشرارة انطلقت من قاعة البرلمان، حين طالب نائب معارض بالكشف عن مصير الهدايا الدبلوماسية التي تلقتها رئيسة الحكومة منذ توليها المنصب. الرد جاء مفصلًا، عبر وثيقة من 11 صفحة أحصت نحو 270 هدية، قُدّرت قيمتها الإجمالية بنحو 800 ألف يورو، ما نقل الملف سريعًا من إجراء رقابي اعتيادي إلى قضية رأي عام.
هدايا العالم على طاولة المزاد
القائمة التي أُحيلت إلى البرلمان ضمّت مقتنيات ذات طابع رمزي وثقافي، من بينها علبة مجوهرات مقدّمة من سلوفاكيا، ولوحات مائية نادرة من مولدوفا، وتمثال تلقته من رئيس الأرجنتين. غير أن هذه القطع، التي صُممت في الأصل كتعبير عن المجاملة السياسية، تحولت فجأة إلى مادة سجال حول مصير “الهدايا السيادية”.
حيلة ذكية أم كسر للأعراف؟
أنصار ميلوني رأوا في القرار ترجمة دقيقة لفلسفة الشفافية، وتحويلًا ذكيًا لالتزام قانوني إلى مبادرة ذات بُعد اجتماعي. في المقابل، اعتبر منتقدون أن طرح هدايا دبلوماسية في مزاد علني قد يحمل رسالة سلبية للدول المانحة، ويختزل رمزية العلاقات الدولية في أرقام وأسعار.
القانون حاضر في الخلفية
بعيدًا عن الجدل، يستند القرار إلى نص قانوني واضح في إيطاليا، يقضي باعتبار أي هدية تتجاوز قيمتها 300 يورو ملكًا للدولة، مع حظر الاحتفاظ بها لأغراض شخصية.
وبينما يفرض القانون التخلي عن هذه المقتنيات، اختارت ميلوني مسارًا يمنحها بُعدًا إنسانيًا، ويُخرجها من الإطار الإداري الجاف إلى فضاء المبادرات العامة.
سياسة بلا تكلفة؟
اللافت أن الخطوة، رغم طابعها الخيري، منحت رئيسة الحكومة مساحة إعلامية واسعة، وقدمتها في صورة القائدة التي توفق بين احترام القانون وتوظيفه لصالح المجتمع، وهو ما دفع البعض للتساؤل: هل نحن أمام التزام قانوني محض، أم إعادة تدوير ذكية للرمزية السياسية؟