يخضع المذنب الغامض 3I/ATLAS، القادم من خارج مجموعتنا الشمسية، لمتابعة مكثفة من علماء الفلك حول العالم، بعدما قدّم عرضًا سماويًا لافتًا أثناء اقترابه من الأرض، ويُعد هذا الجرم السماوي زائرًا نادرًا بين النجوم، إذ تشير الدراسات إلى أنه تشكّل في منطقة بعيدة من مجرة درب التبانة منذ مليارات السنين، وربما قبل نشأة نظامنا الشمسي نفسه، ما يجعله نافذة فريدة على تاريخ الكون المبكر.
وأظهرت أحدث الرصدات أن المذنب ازداد سطوعه بنحو عشرة أضعاف، إلى جانب تغيّر لونه بشكل ملحوظ من الأحمر إلى الأخضر، وذلك بعد مروره بنقطة الحضيض الشمسي في أكتوبر الماضي، ومن المنتظر أن يصل إلى أقرب نقطة له من الأرض في 19 ديسمبر، على مسافة تُقدّر بنحو 170 مليون ميل، وهي مسافة آمنة لكنها كافية لتمكين العلماء من دراسته بتفاصيل دقيقة.
سر اللون الأخضر المتوهج
ووفقًا لما أعلنته مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية عبر مرصد NOIRLab، فإن اللون الأخضر المتوهج الذي اكتسبه المذنب يعكس تفاعلات كيميائية نادرة، حيث تؤدي حرارة الشمس إلى تحفيز انبعاث جزيئات الكربون الثنائية، وهي جزيئات مكوّنة من ذرتي كربون تشع ضوءًا أخضر مميزًا عند تعرضها للإشعاع الشمسي، في ظاهرة تُعد مؤشرًا مهمًا على تركيبة المذنب البدائية.
وسجّل تلسكوب «جيميني نورث» هذه التغيرات بوضوح خلال رصد جرى في 26 نوفمبر، كاشفًا أن المذنب لا يزال نشطًا ويطلق جزيئات جديدة باستمرار، وهو ما يمنح العلماء بيانات حديثة تساعدهم على فك لغز مكوناته القادمة من أعماق الفضاء بين النجوم، حيث لم تتأثر بعمليات التكوّن التي مرّت بها أجرام مجموعتنا الشمسية.
ويشير الخبراء إلى أن 3I/ATLAS يُظهر سلوكًا غير مألوف، من بينها زيادات دورية في السطوع كل 16 ساعة تقريبًا، يُعتقد أنها ناتجة عن دوران جيوب جليدية على سطحه تتعرض لأشعة الشمس بشكل متكرر، ورغم ابتعاده النسبي، فإن هذا المذنب العتيق يُعد رسولًا كونيًا ثمينًا، يمنح العلماء فرصة نادرة لدراسة المواد الأولية التي ساهمت في تشكّل أوائل الأنظمة النجمية في مجرتنا.