المشهد الانتخابى تحول فى الإعادة من مجرد فتح وغلق صناديق ولجان تستقبل الناخبين فحسب إلى مشهد أكبر وأعمق من ذلك، ليؤكد نضج الدولة، وقدرتها على إدارة اللحظة التى يتقاطع فيها الأمن بالسياسة، والإرادة الشعبية بأصول المنافسة.
والإعادة كانت علامة فارقة فى مسار الممارسة السياسية المصرية، والتحول الواضح فى طريقة إدارة الدولة لملف المخالفات الانتخابية، وعلى رأسها محاولات شراء الأصوات التى شوهت الصورة العامة للعملية الانتخابية، ليكون التعامل مختلفًا، وأكثر حسمًا، ووعيا ورقابة صارمة.
ولنا أن نرفع القبعة لوزارة الداخلية التى قدمت نموذجًا يستحق الإشادة، تضمن منظومة متكاملة ضمت الهدوء فى العمل مع التحرك السريع فى التعامل مع أى محاولة للإخلال بالعملية الانتخابية، والتصدى لكل المخالفات التى كانت تسعى للتأثير على إرادة الناخب، بتدخل مبكر لضبط المتجاوزين، وضبط إيقاع العملية الانتخابية برمتها.
الرسالة كانت واضحة "صوت المواطن مش للبيع"، وفى رأيى هذه الرسالة أهم من أى نتائج سيتم الإعلان عنها، لأنها أعادت للناخب الثقة فى أن حضوره للإدلاء بصوته حضور فعلى وحقيقى له قيمة وتأثير، وليس أداءً رمزيًا، وللعلم على الرغم من عدم وجود انتخابات مثالية فى أى مكان فى العالم، ولكن انتخابات الإعادة كانت أكثر اتساقا واحتراما، والأهم من ذلك كله أن المناخ المنظم والمنضبط لانتخابات الإعادة منح الناخب إحساسا بأن المشاركة ليست عبئا، بل حق.
ولنا أن نفخر بأن انتخابات الإعادة شهادة جديدة على أن الدولة تتعامل بوعى ومسئولية تتسم بقدرة على تنظيم عملية انتخابية تليق بطموح مجتمع يسعى لمنافسة سياسية على أسس من العدل والشفافية.