عمرو صحصاح يكتب: كيف تحولت سينمات الإسكندرية من شاشات عرض أفلام الزعيم والساحر ونجمة الجماهير إلى أماكن مهجورة تسكنها الخفافيش..سينما ركس بالمنشية تصبح ملاذا للبلطجية وريو وراديو تتجنب أمطار الشتاء بالمشمع

الأحد، 09 نوفمبر 2025 02:29 م

عمرو صحصاح

كانت السينمات بعروس البحر الأبيض المتوسط لا تقل تدفقا أو إقبالا من الجمهور عن مثيلتها في القاهرة الكبرى، فعلاقة الإسكندرية بالسينما علاقة قديمة وأزلية ووثيقة، باعتبارها العاصمة الثانية لمصر وقد كانت عاصمتها قديماً بعدما أسسها الإسكندر الأكبر عام 332 ق.م.

الإسكندرية وعلى مدار عقود ماضية ومنذ سنوات طويلة واجهة متميزة للتصوير الخارجي لعدد من الأفلام المهمة في ذاكرة السينما مثل فيلم"الأيدى الناعمة"، والذى تم تصوير بعض مشاهده وأغنياته في حدائق المنتزة عام 1963، من بطولة أحمد مظهر وصلاح ذو الفقار وصباح وليلى طاهر، عن رائعة توفيق الحكيم، للمخرج محمود ذو الفقار.

ومن قبله فيلم"المندوبان" عام 1934 وهو أول فيلم تم تصويره فى الإسكندرية، وتدور أحداثه في ميدان المنشية، من بطولة شالوم وعبده محرم وسهام، وكذلك فيلم "رصيف نمرة 5"، من بطولة العملاقان فريد شوقى وزكى رستم والنجمة هدى سلطان، للمخرج نيازى مصطفى، حيث تم تصويره عام 1956 فى منطقة بحرى والأنفوشى، بما في ذلك محكمة الإسكندرية الابتدائية وميناء الإسكندرية.

المزعج في الأمر أن عدد كبير من سينمات محافظة الإسكندرية والتي كانت وسيلة ترفيه وتسلية وأيضا تنوير وتثقيف للجمهور من المحافظة و المترددين عليها من مختلف مدن مصر وبالأخص خلال شهور الصيف أصبح بعضها مهجوراً وملاذاً للبلطجية والعاطلين والبعض الأخر يُعامل معاملة مراكز الشباب في القرى البسيطة.

على سبيل المثال سينما ريو والتي تقع فى شارع فؤاد بمحطة الرمل وهو مكان حيوى للغاية وتم بناؤها على مساحة كبيرة، لم تجدد منذ سنوات طويلة، وأصبحت يسكنها العناكب والخفافيش، وتعانى من إهمال شديد في الكراسى والتكييفات معطلة والصورة سيئة للغاية، ويتم تغطيتها في الشتاء بالمشمع حتى لا تسقط الأمطار على رؤوس رواد السينما، رغم كونها دار عرض شتوى وصيفى وبها 2 بلكون وصالة عرض كبيرة، حيث كانت دائما ما تستقبل أفلام عادل إمام مثل "الهلفوت" و"كراكون في الشارع" و"جزيرة الشيطان"، وكذلك أفلام نور الشريف مثل فيلم "ضربة معلم"، من بطولة نور الشريف، للمخرج عاطف الطيب، وفيلم "العار"، من بطولة نور الشريف ومحمود عبد العزيز وحسين فهمى، وأفلام نادية الجندى منها "عصر القوة"و"شبكة الموت".

سينمات بالإسكندرية كانت مخصصة لعرض أفلام أحمد زكى ونادية الجندى

أيضا سينما فريال، والتي كانت مخصصة لأفلام أحمد زكى ونادية الجندى، والمتواجدة أيضا بمحطة الرمل فتعانى هي الأخرى من إهمال شديد بسبب عدم تجديدها منذ سنوات طويلة، حيث عرض بها كعرض أول أفلام "وكالة البلح" و"مهمة في تل أبيب"و"الشطار"والإمبراطور"و"مستر كاراتيه"و"شادر السمك"و"حسن اللول".

وتعانى سينما ستراند بمحطة الرمل من نفس الإهمال، فمنذ سنوات طويلة عندما حدث بها حريق ضخم عام 1993 أثناء عرض فيلم "خادمة ولكن"، من بطولة إلهام شاهين، للمخرج على عبد الخالق، تم إزالة سقف السينما حتى أصبحت سينما صيفى فقط، ومن أبرز الأفلام التي عرضت فيها وقت طرحها أفلام "عمر المختار"و"رجل لهذا الزمان"، لعادل أدهم، و"عيون الصقر" لنور الشريف، و"السلخانة"، لسمير صبرى، وكذلك أفلام زكى شان قديما وقت طرحها عالميا.
وطال إهمال السينمات بالإسكندرية سينما راديو، وهذه السينما كانت مخصصة لأفلام عادل إمام ومحمود عبد العزيز، حيث عُرض بها أفلام"سلام يا صاحبى"، والذى عرض بهذه السينما لمدة عام كامل، وأفلام أخرى للزعيم مثل "أحترس من الخط"، و"الإرهابى"و"الإرهاب والكباب"، والمنسى و"خلى بالك من عقلك"، وكذلك أخر أفلام الزعيم "زهايمر"، كما عرض بها أفلام "حكايتى مع الزمن"، من بطولة وردة ورشدى أباظة، للمخرج حسن الإمام، و"مولد يادنيا"، من بطولة محمود ياسين وعفاف راضى، للمخرج حسين كمال.

سينما بالمنشية تتحول لمخزن مهجور بعد إغلاقها

المؤسف أيضا أن هناك سينما في المنشية وهى "ركس" أصبحت مهجورة تماما، بل تم تحويلها إلى مخزن للمعدات القديمة، يقف أمامه سيارات ميكروباص بعد تحولت المنطقة إلى موقف، وكذلك سينما أوديون بمنطقة كامب شيزار بالقرب من الشاطبى، والتي كانت تعرض الأفلام الهندية بمصر مثل أفلام أميتاب تشان، وكذلك عدد كبير من الأفلام المصرية الحديثة عند طرحها بالسينمات.

كل هذه السينمات المذكورة كانت بمثابة فسحة للبسطاء يقضون فيها الرواد بضعة ساعات من الترفيه بهدف التنوير والتثقيف، باعتبارها سينمات أهلية بأسعار في متناول الطبقات المتوسطة والبسيطة، خاصة في ظل كثرة السينمات بالمولات ذات التذاكر مرتفعة التكلفة، والتي لايقدر على ثمنها النسبة الأكبر من البسطاء ورواد السينما.