وراء أسوار مراكز الإصلاح والتأهيل التابعة لقطاع الحماية المجتمعية في وزارة الداخلية، لا يكتفي النزلاء بقضاء عقوبتهم، بل يعيشون تجربة فريدة تجمع بين التعلم، تنمية المهارات، وإعدادهم للحياة بعد العودة إلى المجتمع.
هنا، تتحول الأيام الصعبة إلى فرصة لإعادة بناء الذات، حيث يتعلم النزلاء حرفًا ومهارات عملية يمكن أن تتحول لاحقًا إلى مصدر دخل لهم بعد انتهاء العقوبة، ليس فقط كمجرد تعليم نظري، بل من خلال ممارسة فعلية وتجربة حقيقية على أرض الواقع.
مصانع الأثاث.. حرفية ودقة خلف الأسوار
داخل هذه المراكز، توجد مصانع أثاث ضخمة مزودة بكل ما يلزم لإنتاج قطع أثاث راقية ومتنوعة، توفر وزارة الداخلية الخامات الأساسية، خاصة الأخشاب التي تُجهز بكميات كبيرة، إلى جانب أجهزة حديثة ومتطورة تتيح إنتاج قطع ذات جودة عالية وأشكال متحضرة تلفت الانتباه.
خلف كل قطعة أثاث، يجلس النزلاء بتركيز وإتقان، يعكفون على تقطيع الأخشاب وتحويلها إلى أعمال فنية متقنة، كما لو أنهم فنانون يبدعون لوحات تشكيلية رائعة من كل قطعة خشب.
وعلى جانب أحد القطع الخشبية، تُرسم كلمات بسيطة لكنها مليئة بالأمل: "يارب سترك ورضاك"، وكأنها تذكير لهم أن العمل والحرفية سبيلهم للعودة بحياة كريمة بعد قضاء العقوبة.
الدعم الكامل من وزارة الداخلية
لا يقتصر دعم وزارة الداخلية على توفير التعليم والخامات فحسب، بل يشمل أيضًا عرض المنتجات النهائية في معارض كبيرة، إلى جانب المعرض الدائم تحت اسم "حماية".
هذه الخطوة تمنح النزلاء فرصة لمشاركة منتجاتهم مع الجمهور، والحصول على جزء من الأرباح المالية، كما تعكس هذه المعارض نجاح المنظومة العقابية الحديثة، التي لا تركز فقط على العقوبة، بل تهتم بإعادة تأهيل النزلاء وتأهيلهم للاندماج مرة أخرى في المجتمع، مزودين بالخبرات العملية والمهارات الحرفية التي تساعدهم على كسب العيش بكرامة بعد الإفراج عنهم.
مشاركة النزلاء في المعارض الكبرى
في إطار هذا التوجه، شارك نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل بمنتجاتهم في كبريات معارض الأثاث، بالإضافة إلى المعرض الدائم "حماية"، وقد لاقت هذه المشاركة إعجابًا كبيرًا من الزوار، حيث أظهرت المنتجات جودة ودقة عالية، مؤكدين أن أثاث النزلاء يوازي المنتجات التجارية من حيث التصميم والفخامة.
وتجسد هذه المشاركة رؤية وزارة الداخلية في تحويل العقوبة إلى فرصة تعليمية ومهنية، وتشجيع النزلاء على اكتساب مهارات عملية تؤهلهم للحياة بعد الخروج.
ردود فعل إيجابية من المواطنين
تفاعل الزوار والمواطنون مع المعروضات بارتياح كبير، وأشادوا بجودة الأثاث وتنوعه، خاصة الأثاث المنزلي، مؤكدين أنه لا يقل في الشكل أو الجودة عن المنتجات المعروضة في الأسواق، وفي الوقت نفسه يتميز بأسعار مناسبة مقارنة بالأسواق التقليدية.
هذا التقدير يعكس نجاح جهود وزارة الداخلية في تحقيق توازن بين التأهيل والعمل والربحية، مع الحفاظ على جودة المنتجات وسمعتها في السوق.
حقوق الإنسان والتنمية البشرية
لم تتوقف النجاحات عند مستوى المهارات الحرفية فقط، بل أشاد حقوقيون بما تنتهجه وزارة الداخلية في مجال حقوق الإنسان، معتبرين أن مراكز الإصلاح والتأهيل تطبق أعلى المعايير العالمية لحقوق النزلاء، فالمشاركة في العمل والحرف والتدريب المهني تعد جزءًا أساسيًا من منظومة حقوق الإنسان داخل هذه المراكز، حيث يتم تهيئة بيئة آمنة ومحفزة للتعلم، مع توفير كل الوسائل اللازمة لتحقيق التنمية الذاتية والاندماج الاجتماعي بعد خروج النزلاء.
المنظومة العقابية الحديثة.. رؤية شاملة
تعتمد السياسة العقابية الحديثة التي تنفذها وزارة الداخلية على رؤية شاملة تقوم على إعادة تأهيل النزلاء بدلاً من الاقتصار على العقوبة فقط، تتضمن هذه السياسة تطوير المهارات الحرفية، توفير بيئة تعليمية وعملية محفزة، ودعم النزلاء ماليًا ومعنويًا من خلال عرض منتجاتهم في المعارض المختلفة
هذه المنظومة تمثل نموذجًا ناجحًا في دمج النزلاء بالمجتمع وتقليل معدلات العودة للجريمة، حيث يتعلم النزلاء العمل بروح المسؤولية ويكتسبون خبرات عملية مفيدة.
التدريب والعمل الفني.. طريق للتمكين
يتمتع النزلاء بفرصة العمل في مصانع الأثاث المجهزة بأحدث الأجهزة، حيث يُعلمون تقنيات متقدمة في النجارة وتصميم الأثاث، بالإضافة إلى مهارات دقيقة في التشطيب والتزيين.
ويتيح هذا التدريب للنزلاء التعرف على سوق العمل ومتطلباته، ما يزيد من فرصهم للنجاح بعد الإفراج عنهم، كما يوفر لهم العمل الفني شعورًا بالمسؤولية والانتماء، ويحول الوقت الذي يقضونه خلف الأسوار إلى تجربة تعليمية وإنتاجية قيمة.
الأمل والدمج الاجتماعي
وراء كل قطعة أثاث، قصة أمل وحكاية نجاح، حيث يتحول النزلاء من مجرد قضاء العقوبة إلى أفراد منتجين قادرين على إعادة بناء حياتهم، وتساهم هذه المبادرات في دمجهم اجتماعيًا واقتصاديًا، بما يعزز استقرارهم الشخصي ويقلل احتمالية العودة للجريمة، ويؤكد للجمهور أن مراكز الإصلاح والتأهيل ليست مجرد مؤسسات عقابية، بل مصانع للمهارات والإبداع والإنتاجية.
نجاح السياسة العقابية ورؤية المستقبل
إن مشاركة نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل في معارض الأثاث الكبرى والمعرض الدائم "حماية" تجسد نجاح وزارة الداخلية في تطبيق السياسة العقابية الحديثة، التي تجمع بين التأهيل، التعليم، العمل والإنتاجية.
وتؤكد هذه التجربة قدرة الدولة على دمج النزلاء في المجتمع بشكل فعّال، مع توفير كل الدعم المادي والمعنوي لهم، لتصبح العقوبة فرصة للنمو والتمكين، والعودة إلى المجتمع أفرادًا قادرين على العطاء والمساهمة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
.jpeg)
نزلاء مراكز الإصلاح يحولون الأخشاب إلى أثاث فاخر
.jpeg)
نزلاء مراكز الإصلاح يحولون الأخشاب إلى أثاث فاخر
.jpeg)
نزلاء مراكز الإصلاح يحولون الأخشاب إلى أثاث فاخر
.jpeg)
نزلاء مراكز الإصلاح يحولون الأخشاب إلى أثاث فاخر
.jpeg)
نزلاء مراكز الإصلاح يحولون الأخشاب إلى أثاث فاخر
.jpeg)
نزلاء مراكز الإصلاح يحولون الأخشاب إلى أثاث فاخر