افتتح المتحف المصرى الكبير فى الأول من نوفمبر بحفل رسمى مهيب جمع شخصيات دولية بارزة، قبل أن يُفتح للجمهور فى الرابع من الشهر نفسه، ليكون أكبر متحف فى العالم مخصص بالكامل للحضارة المصرية القديمة، ويجمع بين الحداثة المعمارية وروعة التاريخ الفرعوني. ويقع المتحف على بعد كيلومترين فقط من أهرامات الجيزة، ويربطه بها ممر مشاة ساحر مزين بإضاءات فنية تضفى طابعًا جماليًا فريدًا على المنطقة.
تجربة تأملية تمزج بين الجمال المعمارى والثراء التاريخى
وسلطت وسائل إعلام أوروبية الضوء على روعة الصرح، معتبرة أن المتحف الكبير ليس مجرد مكان لعرض الآثار، بل تجربة تأملية شاملة تمزج بين الجمال المعمارى والثراء التاريخي. صحيفة ريفورما الإسبانية وصفته بـ"متاهة معمارية للضياع الجميل"، حيث يمكن للزائر التجول، الاسترخاء على الدرجات الواسعة، أو حتى إنهاء الجولة بتناول الآيس كريم والتسوق من المتاجر الراقية. كما أشارت إلى أن مجموعة كنوز توت عنخ آمون، المعروضة لأول مرة كاملة فى مكان واحد، تتطلب أكثر من خمس ساعات للتأمل بها، نظرًا لضخامتها وتفاصيلها الدقيقة التى تجسد الحياة الملكية فى مصر القديمة.
أجواء مهيبة تعيد الزائر للحظة اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون
ويحتضن المتحف أكثر من 100 ألف قطعة تعود لنحو 7 آلاف عام من الحضارة المصرية، بينها مجموعة الملك الشاب توت عنخ آمون المكونة من أكثر من 5,300 قطعة، وسفينة الشمس الخاصة بالملك خوفو، التى نقلت بعناية من موقعها قرب الهرم الأكبر إلى مبنى مستقل لضمان حفظها وعرضها بأفضل صورة ممكنة. ويضم المتحف قاعتين ضخمتى الحجم تتصلان بـ12 قاعة عرض تاريخية موضوعية، حيث توفر الإضاءة الدافئة والخافتة أجواءً مهيبة تعيد الزائر إلى لحظة اكتشاف المقبرة على يد هوارد كارتر، عندما قال عبارته الشهيرة: "نعم، أرى أشياء مدهشة".
ولم يقتصر الاهتمام العالمى على المتحف وحده، بل شمل الدراسات الأثرية الجديدة المتعلقة بهرم خوفو العظيم، إذ كشفت دراسة إيطالية حديثة عن نظرية مبتكرة لبناء الهرم عبر نظام داخلى من البكرات والأثقال، بدلًا من المنحدرات الخارجية الضخمة التى كانت سائدة فى النظريات التقليدية. وأوضحت الدراسة أن المصريين القدماء استخدموا ممرات منزلقة وأثقالًا موازنة لتثبيت الكتل الحجرية الضخمة، ما يعكس مستوى مذهلًا من التنظيم الهندسى والمعرفة الميكانيكية لديهم، ويعيد تشكيل صورة عمال البناء كمهندسين مهرة متقنين لفنون الرفع والطاقة والاحتكاك.
مصر لا تزال قادرة على أسر أعين العالم
كما اعتبرت صحيفة كودتييانو الإيطالية افتتاح المتحف استمرارية للإبهار العالمى بالحضارة المصرية، مؤكدًة أن مصر لا تزال قادرة على أسر أعين العالم بجمال إرثها التاريخى، خاصة فى عام الذكرى المئوية لاكتشاف قناع توت عنخ آمون الذهبي. بدورها، صحيفة بريما الإيطالية اعتبرت المتحف رمزًا لنهضة ثقافية وسياحية، حيث يمثل رحلة مهيبة إلى أعماق التاريخ تجمع بين روعة الحضارة الفرعونية والتصميم المعمارى الحديث، ما يجعل تجربة زيارته فريدة من نوعها.
وترى الصحف العالمية، أن المتحف المصرى الكبير، بمساحته التى تتجاوز 500 ألف متر مربع وواجهة تمتد كيلومترًا كاملًا، لا يكتفى بعرض الآثار فقط، بل يعكس قدرة مصر على تطوير بنيتها التحتية وتحويل الجيزة إلى مركز عالمى للثقافة والسياحة. ومن المتوقع أن يستقطب المتحف أكثر من 5 ملايين زائر سنويًا، ليصبح نقطة جذب رئيسية لعشاق التاريخ والثقافة والفن من مختلف أنحاء العالم، مؤكدًا أن الحضارة المصرية القديمة ما تزال قادرة على إبهار البشرية بعد آلاف السنين.