ترتفع وتيرة الضغوط - سياسيًا وميدانيًا- على بلاد الأرز التى تكافح لاستعادة سلامها الذى طالما تميزت به، حيث يشهد لبنان تصعيدا إسرائيليا فى الجنوب والشرق، وحذر وزير الدفاع الإسرائيلى يسرائيل كاتس من أن إسرائيل سترقع وتيرة هجماتها ضد حزب الله.
وأسفرت غاراتها خلال أكتوبر الماضى عن مقتل 26 شهيدا وفق بيانات وزارة الصحة اللبنانية.
يأتى ذلك بينما حض الموفد الأمريكى توم باراك لبنان السبت على إجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، من أجل تخفيف التوترات بين البلدين.
ضغوط سياسية
ويتوازى مع التصعيد الميدانى ضغوط سياسية من قبل واشنطن؛ لإجبار لبنان على القبول بالشروط الإسرائيلية المجحفة حتى تقبل الأخيرة بالانسحاب من النقاط الخمسة التى لا تزال تحتلها فى الأراضى الجنوبية بلبنان.
وبالمقابل يتمسك لبنان بالتفاوض كخيار للتوصل إلى السلام وهو ما أكده الرئيس اللبنانى جوزاف عون.
فيما قال وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار، إن الجيش اللبنانى مستمر فى فرض قبضته على الجنوب فهو الجهة الوحيدة المخول لها حماية وحفظ سلام لبنان و أن "العمل جار بكل جدية وحزم من أجل بسط سلطة الدولة على كامل الأراضى اللبنانية بقواها الذاتية حصرا".
و"الأمن والاستقرار فى لبنان هما على رأس أولويات الدولة اللبنانية".
التطورات الميدانية
وعلى الصعيد الميدانى تكثف إسرائيل غاراتها على الجنوب ؛ حيث قتل شخصان وأصيب سبعة آخرون بجروح، الاثنين، فى غارتين إسرائيليتين على جنوب لبنان، وفق ما أفادت وزارة الصحة.
وأوردت وزارة الصحة فى بيان، أن غارة الجيش الإسرائيلى على طريق الدوير الشرقية قضاء النبطية أدت فى حصيلة أولية إلى سقوط قتيل وإصابة سبعة بجروح وأسفرت غارة إسرائيلية ثانية فى بلدة عيتا الشعب عن مقتل شخص أيضًا، وفق الوزارة.
وقد استهدفت «مسيرة إسرائيلية» سيارة عند مفرق الشرقية وسط بلدة الدوير، ما أدى إلى اشتعالها»، ووقعت أضرار «كبيرة» فى «مجمع تجاري» يضمّ 17 متجرًا.
دعم مصرى للبنان
وأمام هذا التصعيد، جددت مصر دعمها ومساندتها للشعب اللبنانى مؤكدة حق لبنان فى السيادة الكاملة على أراضيه
وفى سياق هذا الدعم وقعت مصر 15 اتفاقية تعاون مع لبنان خلال أعمال اللجنة المصرية اللبنانية التى ترأسها الدكتور مصطفى مدبولى ونظيره اللبنانى نواف سلام الأحد.
اتفاقيات بين مصر ولبنان
وفى هذا الإطار وقع وزير الأشغال العامة والنقل اللبنانى فايز رسامنى، ثلاث اتفاقات استراتجية بين مصر ولبنان ضمن أعمال الدورة العاشرة للجنة العليا اللبنانية – المصرية المشتركة، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى ورئيس مجلس الوزراء اللبنانى نواف سلام، وبحضور عدد من الوزراء وكبار المسؤولين من الجانبين. وفق الوكالة الرسمية اللبنانية.
وعلى صعيد متصل جدد مدبولى التأكيد على مواقف مصر الداعمة للدولة اللبنانية.
تشكل الاتفاقيات الثلاثة اتفاقية التعاون فى مجال النقل البحرى بين مصر ولبنان التى تهدف إلى تعزيز حركة الملاحة البحرية، تبادل الخبرات الفنية، وتطوير التعاون المينائى بين البلدين.
والبرنامج التنفيذى لبروتوكول التعاون الصناعى بين البلدين، الذى يهدف إلى تطوير القدرات الصناعية وتحفيز الشراكات الإنتاجية، وتبادل التكنولوجيا والخبرات فى مجالات الصناعة والنقل.
وبروتوكول التعاون التدريبى فى مجال الطيران المدنى، ويهدف إلى تبادل الخبرات وبناء القدرات فى مجال الطيران المدنى وتعزيز التدريب الفنى المتخصص فى الطيران.
أهمية توقيع اتفاقيات النقل بين البلدين
وأكد المكتب الإعلامى لوزارة الأشغال، أن هذه الاتفاقات تمثل خطوة استراتيجية لتعزيز التكامل بين البلدين لبنان ومصر، بما يسهم فى دعم مجالات النقل والصناعة والطيران، ويعزز التنمية المستدامة فى البلدين.
وتعكس هذه المبادرات التزام البلدين بتوسيع افاق التعاون وتعزيز تبادل الخبرات فى المجالات الحيوية لتحقيق التنمية والتقدم المستدام".
يذكر أن أعمال الدورة العاشرة للجنة العليا اللبنانية – المصرية المشتركة، قد شهدت التوقيع على خمس عشرة اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامج تنفيذى بين لبنان ومصر، فى عدة مجالات الاقتصاد، التجارة، النقل، التعليم، الزراعة، الطاقة، المالية، الصناعة، البيئة، حماية المستهلك، وتنظيم العمل بين الأجهزة الرقابية فى البلدين.
كما شهدت زيارة رئيس الوزراء اللبنانى نواف سلام عقد جلسة مباحثات مع الدكتور مصطفى مدبولى، تناولت مناقشة واستعراض عدد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، كما سيتم توقيع عدد من مذكرات التفاهم وبروتوكولات التعاون بين البلدين فى عدد من المجالات؛ فى إطار السعى لتوطيد علاقات التعاون خلال المرحلة المقبلة.
خيار التفاوض
قال رئيس لبنان جوزاف عون، إنه ليس أمام لبنان إلا خيار التفاوض؛ ففى السياسة هناك ثلاث أدوات للعمل وهى الدبلوماسية والاقتصادية والحربية فعندما لا تؤدى بنا الحرب إلى أى نتيجة ما العمل.
وأكد عون، أن خيار التفاوض هو الحل الوحيد أمام لبنان فى ظل الظروف الراهنة، مشيرًا إلى أن "نهاية كل حرب فى العالم كانت بالتفاوض".
أضاف عون: "التفاوض لا يكون مع صديق أو حليف، بل مع العدو، وقال الرئيس عون: "لا أعمل فى السياسة بل انا رجل دولة، والبعض يعتبر لبنان ملكًا له فيما اعتبر نفسى ملكًا للبنان".
وتابع الرئيس عون: "لا شك أن هناك صعوبات كثيرة فى هذه المرحلة بالذات. فداخليًا، تعمل الحكومة ومنذ تشكيلها على تنفيذ الإصلاحات، والمؤشرات الاقتصادية جيدة جدًا وحتى أن شركات الاحصاءات الدولية لحظت أن هذه الحكومة استطاعت أن تحقق نقلة نوعية خلال فترة وجيزة لم تتمكن غيرها من الحكومات من تحقيقه منذ 20 عامًا ونحن نتوقع أن تكون نسبة النمو حتى نهاية هذا العام 5%".
وعدد الرئيس عون خلال اللقاء الإنجازات التى تحققت فى لبنان خلال هذا العام على كافة الأصعدة، منها "التشكيلات القضائية والدبلوماسية والمصرفية، وتعيين حاكم مصرف لبنان، إضافة إلى التشكيلات الأمنية والإصلاحات الاقتصادية التى نعمل عليها فضلا عن مشروع قانون الفجوة المالية. ونحن لا نستطيع بين ليلة وضحاها أن نمحو تراكمات 40 سنة مضت. أنا افهم الشعب اللبنانى ومعاناته، ولكن إيجاد حلول لكل المشاكل فى لبنان ليس بالأمر السهل، إلا أن الأمور تسلك مسارًا جيدًا، ولكن للاسف هناك من يحب تشويه الصورة الإيجابية التى تحققت ولايزال أمامنا الكثير لتحقيقه".
ولفت الرئيس عون، إلى أننا فى سنة انتخابات نيابية والجميع يريد أن يحقق إنجازات فيها حتى ولو كانت على حساب مصلحة الوطن وأنا اقول لبعض من يعمل فى السياسة "انتم تعملون فى السياسة، بينما أنا لا أعمل فى السياسة بل أنا رجل دولة " والفرق واضح هنا، فالبعض يعتبر أن لبنان مُلكا له ولكن أنا اعتبر نفسى ملكًا للبنان، وانتخبت رئيسًا للجمهورية وتوليت هذا الكرسى لأخدم الشعب اللبنانى وليس لأُخدم أما فى ما يتعلق بموضوع التحديات فى المنطقة، فقال رئيس الجمهورية: "بدأنا بمعالجة ملف العلاقات مع سوريا وبدأت الامور تصبح اكثر تبلورًا والنوايا الجدية موجودة ومتبادلة. وقريبًا سيتم تشكيل لجان مشتركة لحل مسألة ترسيم الحدود. وعدد كبير من النازحين السوريين بدأ بالعودة إلى بلاده وعلينا نحن كلبنانيين تحمل مسؤولية بعض الأمور فى هذا المجال لاسيما لناحية اليد العاملة السورية وتفضيلها على تلك اللبنانية مما يشجع المواطنين السوريين على البقاء فى لبنان".
مستقبل المفاوضات مع إسرائيل
أما بالنسبة لموضوع المفاوضات مع إسرائيل، فأكد الرئيس عون "أن ليس أمام لبنان إلا خيار التفاوض، ففى السياسة هناك ثلاث ادوات للعمل وهى الدبلوماسية والاقتصادية والحربية. فعندما لا تؤدى بنا الحرب إلى أى نتيجة، ما العمل؟ فنهاية كل حرب فى مختلف دول العالم كانت التفاوض، والتفاوض لا يكون مع صديق أو حليف بل مع عدو. ولغة التفاوض أهم من لغة الحرب التى رأينا ماذا فعلت بنا، وكذلك اللغة الدبلوماسية التى نعتمدها جميعا، من الرئيس نبيه برى إلى الرئيس نواف سلام".
وقال رئيس الجمهورية: "أعيد وأكرر أن الوضع جيد، فالزيارة التى سيقوم بها البابا لاون للبنان، والمؤتمرات الدولية فيه، ما هى إلا دليل عافية وازدهار واستقرار. فهدفنا مصلحة لبنان وإنقاذه وإعادته ليلعب دوره الأساسى على الخريطة العربية والعالمية. والمطلوب منا جميعًا تحقيق المصلحة الوطنية، وقد رأينا إلى أين ذهبت بنا الانقسامات والصراعات الداخلية التى دمرت لبنان وإعادته إلى الوراء من دون أن يحقق أى طرف داخلى انتصارات".
وختم الرئيس عون مؤكدًا أن لدى لبنان الكثير من الفرص علينا استغلالها، والأمور ليست صعبة والمسؤولية مشتركة ويمكننا أن نصل إلى الهدف بسهولة وبسرعة عبر الخروج من الزواريب الطائفية والمذهبية التى تدمر البلد ودمرته من دون أى سبب".