قد تظهر على بعض المرضى أعراض مألوفة لداء السكري من النوع الثاني: عطش مستمر، إرهاق غير مبرّر، زيادة في الوزن أو العكس، وتقلبات في المزاج أو الشهية. لكن الحقيقة أن هذه المؤشرات لا ترتبط دائمًا بالسكري ذاته، بل قد تكون نتيجة اضطرابات هرمونية أو أيضية مختلفة تمامًا تتشابه معه في الملامح السريرية، ما يجعل التشخيص الخاطئ احتمالًا قائمًا وخطيرًا على المدى الطويل.
وفقًا لتقرير نشره موقع every day health ، فإن تداخل الأعراض بين بعض الأمراض الهرمونية والتمثيلية يؤدي إلى تأخير التشخيص الصحيح لعدد كبير من المرضى. إذ يمكن لحالات مثل قصور الغدة الدرقية أو متلازمة التمثيل الغذائي أو التهاب البنكرياس المزمن أن تُحدث اضطرابًا في استجابة الجسم للأنسولين أو في مستوى السكر بالدم، فتبدو وكأنها صورة من صور داء السكري من النوع الثاني، بينما هي في الواقع أمراض مختلفة جذريًا في السبب والعلاج.
التهاب البنكرياس
في بعض الحالات، يؤدي الالتهاب المزمن للبنكرياس إلى تلف الخلايا المنتجة للأنسولين، فيحدث ما يسمى "السكري الناتج عن التهاب البنكرياس"، وهو ليس من النوع الثاني بل حالة مستقلة تحتاج إلى مراقبة دقيقة وعلاج مزدوج يشمل تحكمًا في الألم وتنظيمًا لسكر الدم.
الأصبغة الدموية
هذا المرض الوراثي يسبب تراكم الحديد في أنسجة الجسم بما في ذلك البنكرياس، مما يعطل إنتاج الأنسولين. لذلك يُطلق عليه أحيانًا "السكري البرونزي" بسبب تغير لون الجلد إلى البني. اكتشافه المبكر من خلال تحليل الفيريتين يمكن أن يحمي المريض من تلف دائم في الكبد والقلب والبنكرياس.
اضطرابات الغدة الدرقية
عندما تقل إفرازات الغدة الدرقية، يتباطأ حرق الطاقة في الجسم وتختل عملية الأيض، فيشعر المريض بالتعب ويزداد وزنه رغم ضعف الشهية. هذه العلامات قد تُفسَّر خطأ على أنها مقاومة أنسولين، بينما هي ناتجة عن قصور في نشاط الغدة الدرقية. التشابه في الصورة السريرية يدفع الأطباء أحيانًا إلى البدء بعلاج سكر الدم قبل التأكد من فحوص الغدة، ما يؤدي إلى تأخر الشفاء.
متلازمة التمثيل الغذائي
هي مزيج من عدة عوامل خطر تشمل السمنة البطنية وارتفاع الدهون الثلاثية وضعف الكوليسترول الجيد، إضافة إلى اضطراب ضغط الدم. ورغم أن هذه الحالة تُعد من أهم أسباب الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، إلا أنها ليست سكريًا بحد ذاته، بل مرحلة استباقية يمكن السيطرة عليها بتعديل النظام الغذائي والنشاط البدني قبل تحوّلها إلى مرض مزمن.
مرض السكري من النوع الأول
يخلط كثيرون بين النوعين الأول والثاني من السكري، خاصة في بدايات الإصابة. ففي النوع الأول يتوقف البنكرياس عن إنتاج الأنسولين كليًا نتيجة اضطراب مناعي، بينما في النوع الثاني تبقى الخلايا عاجزة عن استخدام الأنسولين المتاح. الخطأ في التمييز بينهما يؤدي إلى اختيار علاج غير مناسب وربما خطير، لذلك تُعتبر فحوص الأجسام المضادة للبنكرياس خطوة ضرورية قبل تثبيت التشخيص.
متلازمة تكيس المبايض
عند النساء، قد تظهر مقاومة الأنسولين كعرض رئيسي لمتلازمة تكيس المبايض، وهي اضطراب هرموني يجعل الجسم أقل استجابة للأنسولين، فيرتفع السكر في الدم تدريجيًا. الأعراض المصاحبة مثل اضطراب الدورة وزيادة الشعر وازدياد الوزن قد تجعل التشخيص يختلط مع السكري من النوع الثاني، بينما يكمن العلاج الحقيقي في ضبط الهرمونات وتنظيم الإباضة.
مرض السكري الكاذب
رغم تشابه الاسم، فإن "السكري الكاذب" لا علاقة له بمستويات الجلوكوز. سببه نقص في هرمون الفازوبريسين المسؤول عن تركيز البول، فيفقد الجسم كميات كبيرة من الماء ويشعر المريض بعطش دائم وكثرة تبول، ما يجعله يظن أنه مصاب بداء السكري الحقيقي. ويُكشف هذا النوع عبر تحليل البول وسكر الدم الذي يظل طبيعيًا.يشدد الأطباء على أن الفحوص الدقيقة والتقييم الشامل هما الطريق الوحيد للتفريق بين هذه الحالات، إذ إن البدء في علاج السكري دون التأكد من التشخيص قد يُخفي المرض الحقيقي ويؤخر العلاج الصحيح.
متلازمة كوشينغ
تُعرف بزيادة إفراز هرمون الكورتيزول من الغدة الكظرية، وهو الهرمون المسؤول عن استجابة الجسم للتوتر. هذا الارتفاع المستمر يسبب ارتفاع السكر ومقاومة الأنسولين وزيادة الدهون حول البطن، فيبدو المريض وكأنه مصاب بالسكري. إلا أن علاج كوشينغ يختلف كليًا، ويعتمد على تقليل إنتاج الكورتيزول بالأدوية أو الجراحة.