3 برديات تكشف عالم السحر فى مصر القديمة.. تعرف عليها

الجمعة، 28 نوفمبر 2025 06:00 م
3 برديات تكشف عالم السحر فى مصر القديمة.. تعرف عليها بردية ويستكار

أحمد إبراهيم الشريف

لم يكن السحر في مصر القديمة مجرد ممارسة سرية أو طقوس مبتورة من سياقها، بل كان جزءًا عضويًا من رؤية المصري القديم للعالم، وقد حفظت لنا المتاحف حول العالم عددًا من البرديات التي تكشف وجهًا نادرًا من التاريخ المصري: كيف واجه الناس الخوف، وكيف حاولوا فهم المرض، وكيف لجؤوا إلى الكلمة والرمز والصورة لحماية أرواحهم وأجسادهم.

ضمن هذا الإرث، تبرز ثلاث برديات تعد اليوم أعمدة أساسية لدراسة السحر المصري: بردية وستكار، بردية ليدن السحرية، وبردية هاريس السحرية. 

أولًا: بردية وستكار 

موجودة في متحف برلين، وتعود إلى الدولة الوسطى، وتعد واحدة من أكثر النصوص سحرًا وإثارة في التراث المصري، نص حكائي يروي أربع حكايات يقدمها أبناء الملك خوفو لوالدهم، وكل منها يتضمن معجزة أو حدثًا خارقًا يشارك فيه ساحر أو كاهن قادر على التحكم في الطبيعة.

من بين أشهر قصصها:
قصة الكاهن "دجدي" الذي يستطيع إعادة الحيوانات إلى الحياة بقراءة تعاويذ سرية.
وقصة المرأة التي حملت من إله الشمس رع لتلد ثلاثة ملوك سيحكمون مصر فيما بعد، في مشهد يمزج الأسطورة بالتنبؤ السياسي.
وقصة تمثال الشمع الذي يعود إلى الحركة بأمر الساحر، كأن المصري القديم يؤكد أن الكلمة والصوت يمكنهما إحياء الجماد.
وتكشف هذه البردية عن نظرة خاصة للساحر: فهو ليس دجالًا أو هامشيًا، بل شخصية على صلة بالقصر والسلطة، وله مكانة داخل النظام الديني، وهي من المصادر الأساسية لفهم عقلية المصري القديم، خاصة إيمانه بأن المعجزة جزء من نسيج الحياة، وليست استثناءً منها.

ثانيًا: بردية ليدن السحرية 

موجودة في متحف ليدن بهولندا، وتعود للعصر المتأخر، القرن الثاني قبل الميلاد تقريبًا، ولغتها الديموطيقية
وتعد بردية ليدن من أهم الوثائق السحرية التي وصلت إلينا، لأنها لا تقدم نصوصًا معزولة، بل كتالوجًا ضخمًا من التعاويذ التي استُخدمت في الحياة اليومية:
تعاويذ للحماية من الأرواح المؤذية.
رقى للعلاج الجسدي والنفسي.
وصفات سحرية تُستخدم في العلاقات العاطفية.
أدعية تستحضر الآلهة المصرية مثل إيزيس وحورس، إلى جانب أسماء يونانية، ما يكشف عن تداخل حضاري واضح.

والسحر هنا ليس "حكاية"، بل ممارسة يومية؛ نصوص تتلى، وأسماء سرية تكتب على رقاقات صغيرة، ومساحيق تُخلط في طقوس خاصة، ويكشف هذا التداخل بين مصر واليونان أن السحر أصبح لغة مشتركة بين ثقافتين، تتقاطعان في البحث عن معنى للعالم الخفي.

كما تسجل البردية وصفات مكتوبة بصيغ دقيقة، ما يجعلها شاهدة على مهارات المصري القديم في تدوين الطقوس، وعلى وجود "مدارس" أو "ورش" لتعلّم السحر وكتابته، تمامًا كما نرى في الطب والهندسة.

ثالثًا: بردية هاريس السحرية 

موجودة في المتحف البريطاني، وتعود للعصر المتأخر – الأسرة 26 تقريبًا
إذا كانت بردية وستكار تقدّم لنا السحر بوصفه "أسطورة"، وبردية ليدن تقدمه بوصفه "ممارسة"، فإن بردية هاريس تقدّمه بوصفه "علمًا طبيًا" مكمّلًا للدواء.
تجمع البردية بين:
وصفات علاجية تعتمد على الأعشاب.
تعاويذ تتلى لطرد الأمراض، خاصة أمراض البطن والعيون والجلد.
نصوص للحماية من الثعابين والعقارب، وهو خوف واقعي في بيئة النيل والصحراء.
تعاويذ لحماية النساء الحوامل والأطفال.
تدل هذه الوثيقة على أهم مبدأ في الطب المصري القديم: لا يمكن فصل العلاج الجسدي عن القوة الخفية.
فالمرض ليس مجرد خلل عضوي؛ بل قد يكون فعلًا من أفعال الأرواح أو الآلهة، وبالتالي يصبح العلاج مزدوجًا دواء ورقية.
 
 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة