زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للأكاديمية العسكرية وحضور كشف الهيئة للطلاب، تأكيد لفكرة الانتقاء للأفضل والفرز، وقد حرص الرئيس فى كلمته على أن يشير إلى الحرص، على انتقاء أفضل العناصر، بناء على الكفاءة والقدرات والتفوق الدراسة والرياضى والطبى، وأكد أن الأكاديمية العسكرية، حريصة على انتقاء أفضل العناصر، للالتحاق بها بموضوعية وتجرد، باستخدام أحدث المعايير العلمية الدقيقة، مشيرا إلى أن انتقاء عناصر الأكاديمية، يتم بشكل منصف وشفاف، لضمان توفير فرص متكافئة، من خلال منظومة مميكنة تحقق انتقاء عادلا لأقصى درجة، والواقع أن الرئيس - فى كل مرات زيارته - يحرص على تأكيد هذه المعانى والمفاهيم التى ضاعت على مدار عقود فى تلافيف الواسطة والمحسوبية، والتى لا تزال تلقى بظلالها على الكثير من الاتجاهات فى الجامعات أو المناسب القانونية أو الأكاديمية، وبالطبع تجد مسارات لها فى كل مجال، وهو ما يبعد العناصر الصالحة، ويتيح للعناصر الضعيفة التى تُضعف المواقع والمناصب والدولة فى النهاية.
وبالطبع، فقد تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الكثير من الموضوعات المتنوعة والتحديات التى تفرض نفسها على الداخل والخارج، والانتخابات، وكيف أن الرئيس وجه «فيتو» إلى المخالفات والتفاصيل والتلاعب فى الانتخابات، لحرصه على أن تكون الانتخابات معبرة عما يريده الشعب، وليس لصالح المال أو النفوذ، وهنا نعود إلى قضية «تكافؤ الفرص» ونعتبرها أهم قضية تفرض نفسها، وإذا كان الرئيس يتدخل لفرضها فى الأكاديمية العسكرية، فهناك أطراف أخرى ربما تعاكس هذا التوجه، ولدينا أمثلة كثيرة عن تدخلات وتقاطعات وعمليات توريث فى المناصب والمواقع، ليست لها علاقة بالكفاءة، وهنا يضع الرئيس السيسى يده على أخطر ظاهرة توحشت على مدى عقود، وتحرم كفاءات ومواهب من حقها لصالح التدخلات.
بل إن ما يثار حول نقص الكفاءات ومن يتولون المناصب، ليس صحيحا فى كل الحالات، لأن الشباب والخريجين من تعليمنا الحكومى أو الخاص ممن لا يجدون فرصا أو دعما أو تشجيعا فى الداخل، يسافرون إلى دول كبرى، وبعد عملية تدريب أو معادلات بسيطة يتفوقون وينجحون بشكل كبير، لأن هذه الدول توفر تكافؤ الفرص، وتتيح منافسة وتختار الاكفأ للوظيفة، وهو ما نحتاجه لنضمن الاختيار الأفضل، ويدعمه حديث الرئيس وتدخله لدعم تكافؤ الفرص واختيار الاصلح للكليات العسكرية، ويجب أن يتحول هذا الاتجاه إلى قاعدة يضمنها القانون وتحرسها الأدوات الحديثة، بحيث يحق لمن يستبعد بالواسطة أن يلجأ إلى القضاء ليضمن حقه.
وهذه ليست المرة الأولى التى يتناول فيها الرئيس السيسى قضية تكافؤ الفرص، ويضع يده على نقاط مهمة ويطرح تساؤلات منطقية تتعلق ببناء الجمهورية الجديدة، فخلال حواره التفاعلى مع طلاب أكاديمية الشرطة 19 نوفمبر طرح الرئيس عددا من النقاط المهمة حول اختيارات المسؤولين والممثلين للمجتمع، سواء فى البرلمان أو فى المناصب والمواقع المختلفة وقال «لا بد من اختيار ممثلين فى البرلمان بدرجة عالية من الوعى»، وفى مكان آخر قال «عاوزين تقولوا لى البلد اللى فيها 60 مليون شاب ما نقدرش نطلع منها 6 آلاف لاعب كورة زى محمد صلاح، البلد دى ممكن تتغير بمعدلات أسرع من كدة بكثير، بس هتبقى دايما مشكلتنا هتبقى فى اختيار الإنسان، وزير أو لعيب كورة، لو اخترناه كويس وجهزناه كويس هيبقى كويس».
وفى الأكاديمية العسكرية كرر الرئيس نفس الفكرة، وأهمية الاختيار والكفاءة، وهى النقطة الأهم التى تتطلب واقعا تكنولوجيا وابعاد العنصر البشرى، ولعل هذا ما أشار إليه الرئيس فى حديثه أمس الأول عن ضرورة الرقمنة، وكيف تتغير أشكال الوظائف فى المستقبل وأهمية أن نستعد ونلتحق بهذا كله، وإبعاد العامل البشرى عن الاختيارات، باعتباره أحد أسباب الواسطة والمحسوبية، والواقع أن حديث الرئيس ومبدأ تكافؤ الفرص، هو أهم نقطة يمكن أن تضع مصر فى مصاف الدول المتقدمة، لأنها سوف تقدم الأكفأ، وليس الأكثر نفوذا أو واسطة، ولا يمكن توفير تكافؤ الفرص من دون قوانين وتشريعات وقواعد شفافة، بحيث يدور كل شىء علنا ويمنع التدخل من قبل أى طرف.

مقال أكرم القصاص