أحمد زايد: العنف ضد المرأة قضية عالمية لا تقتصر على العالم النامى

الثلاثاء، 25 نوفمبر 2025 07:12 م
أحمد زايد: العنف ضد المرأة قضية عالمية لا تقتصر على العالم النامى فعاليات حملة الستة عشر يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة

الإسكندرية جاكلين منير

أطلقت مكتبة الإسكندرية من خلال برنامج دراسات المرأة والتحول الاجتماعى، أمس، فعاليات حملة "الستة عشر يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة"، بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة وبدعم من الاتحاد الأوروبى، وبمشاركة أعضاء من المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة تحت شعار "اتحدوا لإنهاء العنف الرقمى ضد النساء"، مع تسليط الضوء هذا العام على التحديات التى تواجه النساء والبطلات فى المجال الرياضي.

 

العنف ضد المرأة قضية عالمية لا تقتصر على العالم النامى

وفى كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، أن معاناة المرأة من العنف والتهميش والسيطرة الذكورية هى "قضية عالمية" لا تقتصر فقط على المجتمعات النامية، منتقدًا ما أسماه بـ "النظرة الثنائية" التى تحكم المجتمع (البيت مقابل العمل، الظل مقابل النور)، ومشيرًا إلى أن المرأة تمتلك قوة هائلة تمكنها من هندسة المنظومة الأسرية حتى وإن كانت فى منطقة الظل، داعيًا إلى تبنى "رؤية متعددة الأبعاد" تتجاوز هذه الثنائيات التقليدية لإنصاف المرأة.

 

وحذر مدير مكتبة الإسكندرية من خطورة "العنف الرقمي" باعتباره شكلًا مستحدثًا وغير منظور من أشكال العنف الذى يقتحم الحياة الخاصة عبر الأجهزة الإلكترونية، مطالبًا بضرورة تجاوز مجرد تنظيم الفعاليات إلى تقديم "بيانات وإحصاءات دقيقة" تدعم صانعى القرار، وتوفر بيئة رقمية آمنة ومطمئنة للنساء والفتيات، تمامًا كما نسعى لتوفير الأمان فى الواقع المادي.

 

إطلاق حزمة الخدمات الأساسية للنساء المعنفات

وألقت الدكتورة ميادة عبد القادر، عضو المجلس القومى للمرأة، كلمة نيابة عن المستشارة أمل عمار، رئيسة المجلس، نقلت فيها تحياتها وتأكيدها على الإرادة السياسية الواضحة فى مصر لدعم المرأة وحمايتها، مستشهدة بدستور 2014 الذى يكفل حماية المرأة من كافة أشكال العنف، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة 2015.

 

وأشارت "عبد القادر" إلى أن حملة هذا العام تركز على "العنف الرقمي" باعتباره أسرع الأنماط انتشارا وأشدها تأثيرًا على النساء والفتيات، مؤكدة أن المجلس يقف كحائط صد من خلال مكتب شكاوى المرأة (عبر الخط المختصر 15115) وفروعه بالمحافظات، ووحدات مكافحة العنف بالجامعات ووزارة الداخلية، لتقديم الدعم القانونى والنفسى اللازم للضحايا، فضلًا عن إطلاق حزمة الخدمات الأساسية للنساء المعنفات.

 

تعرض ما بين 16% إلى 58% من النساء عالميًا للعنف الرقمي

من جانبها، حذرت الدكتورة سلمى ناصر، أخصائية برنامج إنهاء العنف ضد المرأة بهيئة الأمم المتحدة للمرأة فى مصر، فى كلمتها الافتتاحية، من أن العنف القائم على التكنولوجيا لم يعد مجرد ظاهرة افتراضية، بل تحول إلى "منظومة عنف جديدة" تخترق خصوصية البيوت وتهدد السلامة الشخصية، مشيرة إلى الإحصاءات المقلقة التى تظهر تعرض ما بين 16% إلى 58% من النساء عالميًا للعنف الرقمى، وأن نصف النساء فى المنطقة العربية لا يشعرن بالأمان عبر الإنترنت.

 

كما سلطت الضوء على معاناة البطلات الرياضيات اللاتى يقفن فى الصفوف الأمامية لهذه العاصفة، حيث يواجهن حملات تنمر قد تصل آثارها النفسية إلى حد الانتحار، مما يستوجب تكاتفًا مجتمعيًا لحماية حضورهن الرقمي.

 

حملة "على صوت التشجيع" تسلط الضوء أهمية التصدى للعنف الإلكتروني

تضمنت الفاعلية عرضا لحملة "على صوت التشجيع"، التى تسلط الضوء أهمية التصدى للعنف الإلكترونى الذى تتعرض له اللاعبات، والدور الحيوى للمجتمع فى تعزيز بيئة رياضية آمنة تقوم على الاحترام والمساواة من خلال تشجيع اللاعبات داخل وخارج الملعب، على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

"علّى صوت التشجيع" هى حملة توعوية أطلقتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالشراكة مع المجلس القومى للمرأة وبدعم من الاتحاد الأوروبى واستضافتها مكتبة الإسكندرية من خلال برنامج دراسات المرأة والتحول الاجتماعى، بهدف مواجهة العنف الإلكترونى الذى تتعرض له النساء والفتيات فى المجال الرياضي. تسلط الحملة الضوء على ما تتعرض له اللاعبات من تنمر، وتشويه، وتعليقات مسيئة عبر المنصات الرقمية، وما يسببه ذلك من ضغط نفسى يحد من مشاركتهن فى الرياضة ويعيق مسيرتهن. وتدعو الحملة المجتمع إلى رفع صوت الدعم الإيجابى، وإلى تبنى بيئة رقمية آمنة تحترم جهود الرياضيات وتشجعهن على الاستمرار.

 

وأعقب ذلك انطلاق حلقة نقاشية موسعة أدارتها الدكتورة سلمى ناصر، أخصائية برنامج إنهاء العنف ضد المرأة، استهلتها بالتأكيد على أن العنف القائم على التكنولوجيا أصبح "منظومة عنف" تخترق البيوت، حيث استعرضت الدكتورة المهندسة سماء سلطان، بطلة السباحة ونائبة رئيس منطقة الإسكندرية للسباحة، تجربتها الحية مع التنمر الإلكترونى والمجتمعي.

 

وأشارت إلى أنها واجهت منذ صغرها تعليقات سلبية طالت شكلها وطول قامتها، وتطورت مع الوقت لتصبح انتقادات لملابسها الرياضية أو استنكارًا لاستمرارها فى الرياضة بعد الزواج والعمل، مؤكدة أن وسيلتها الوحيدة للمواجهة كانت "العناد الإيجابي" وتحويل هذه الإحباطات إلى وقود لتحقيق البطولات ورفع علم مصر، لتصبح قدوة للأجيال الجديدة من السباحات الصغيرات.

 

العنف الرقمى يسلب الضحية شعورها بالأمان

وفى السياق ذاته، تناولت الدكتورة جيداء جواد حمادة، أستاذة الأدب الإنجليزى وبطلة الترياثلون، الجانب الثقافى والمفاهيم الخاطئة، موضحة أن أخطر ما فى العنف الرقمى هو استهانة المجتمع به واعتباره "مجرد كلمات"، بينما هو يترك ندوبًا نفسية قد تفوق الأذى الجسدى، منتقدة بشدة "ثقافة اللوم" التى تُحمّل الضحية مسؤولية التعرض للتحرش أو التنمر بسبب ملابسها أو صورها، خاصة فى الرياضات التى تتطلب أزياء محددة، ومحذرة من أن هذا العنف قد يتطور من تعليقات مسيئة إلى "مطاردة إلكترونية" تهدد الحياة الواقعية للاعبات، مما يستدعى تشجيع الضحايا على عدم الصمت والإبلاغ الفوري.

 

ومن المنظور النفسى، أوضحت الدكتورة مريم عبد الرؤوف، أخصائية الصحة النفسية، أن العنف الرقمى يسلب الضحية شعورها بالأمان حتى داخل منزلها، حيث يلاحقها التهديد عبر هاتفها الشخصى، مما يولد حالة من القلق الدائم والخوف من الفضيحة، مشددة على ضرورة بناء "المرونة النفسية" لدى اللاعبات من خلال دعم الأسرة والمؤسسات الرياضية، بدلًا من لومهن على استخدام التكنولوجيا، وضرورة تصديق مشاعر الضحية والتعاطف معها لكسر دائرة العزلة التى يفرضها المعتدي.

 

وعلى الصعيد المؤسسى والرقابى، كشفت الدكتورة ماجدة الشاذلى، مقرر فرع المجلس القومى للمرأة بالإسكندرية، عن وجود تجاوزات قد تصدر من بعض المدربين تجاه الأطفال واللاعبات، منتقدة خوف بعض الأسر من الإبلاغ حفاظًا على مستقبل أبنائهم الرياضى، وطالبت بضرورة التأهيل النفسى والتربوى للمدربين وعدم الاكتفاء بالشق الفنى، مؤكدة أن المجلس يفتح أبوابه لتلقى الشكاوى عبر الخط المختصر 15115 لدعم الضحايا قانونيًا ونفسيًا.

 

الإبلاغ عن أى جريمة إلكترونية خلال مدة أقصاها 3 أشهر من تاريخ العلم بالواقعة لضمان الحق القانوني

واختتمت الحلقة بتوضيح الشق القانونى مع الدكتورة ميادة عبد القادر، عضو المجلس القومى للمرأة، التى أكدت أن القانون المصرى يتصدى بقوة للجرائم الإلكترونية من خلال "قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات" لعام 2018، والذى يغطى جرائم التحرش، والابتزاز، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، ونشر الصور دون رضا أصحابها، وانتحال الصفة، ناصحة بضرورة الإبلاغ عن أى جريمة إلكترونية خلال مدة أقصاها 3 أشهر من تاريخ العلم بالواقعة لضمان الحق القانونى، ومحذرة فى الوقت ذاته من التحديات الجديدة التى يفرضها الذكاء الاصطناعى وتقنيات التزييف العميق، مما يستلزم وعيًا قانونيًا مجتمعيًا شاملًا.

 

وتزين مبنى المكتبة باللون البرتقالى تعبيرًا عن التضامن العالمى لإنهاء كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات ذلك فى إطار الشراكة بين مكتبة الإسكندرية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة والمجلس القومى للمرأة وبدعم من الاتحاد الأوروبي.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة