محمد دياب يكتب: قرار مجلس الأمن ؟!

السبت، 22 نوفمبر 2025 03:05 م
محمد دياب يكتب: قرار مجلس الأمن ؟! محمد دياب

قرار مجلس الأمن بشأن غزة يشير بوضوح إلى انتقال المواجهة إلى مستوى جديد، مستوى اكتشفت فيه إسرائيل لأول مرة منذ شهور أن العالم، بما فى ذلك واشنطن نفسها، بدأ يتململ من عبء الانحياز لها

فالقرار، رغم كل ما يعتريه من ثغرات، يضع للمرة الأولى خطوة واضحة نحو مسار دولة فلسطينية. وهذه الإشارة وحدها كافية لتفجير غضب الاحتلال، الذى يدرك تماماً أن مجرد الاعتراف بالمسار يعنى ولو من بعيد سقوط سرديته القائمة على الإنكار والتهويد والهروب من استحقاقات السلام

لكن جوهر اللحظة ليس فى نص القرار بقدر ما يكمن فى المعادلة الجديدة :
وقف اطلاق النار… فتح المعابر… دخول المساعدات… ثم الانتقال إلى مرحلة سياسية لا يمكن لإسرائيل إفشالها إلا بمواجهة العالم كله

هنا تحديداً يظهر الدور العربى الذى يُعاد تشكيله.فالوحدة العربية أصبحت ضرورة تفرض نفسها فى هذا المشهد المضطرب، ووسيلة لضمان التزام المجتمع الدولي بواجباته. لا دولة فلسطينية بلا شرعية فلسطينية موحدة، ولا إعادة إعمار بلا حضور عربى ضامن، ولا استقرار دون رؤية واضحة كتلك التى طرحتها مصر منذ اللحظة الأولى :
لا تهجير… لا تقسيم… ولا إعمار خارج إرادة الفلسطينيين

هذه الرؤية التى بدت للبعض فى البداية مجرد موقف مبدئى، تحولت اليوم إلى محور إجماع دولى. فالعالم، الذى صمت طويلاً، بدأ يدرك أن عدوان الاحتلال يجمع بين فداحة الجريمة الإنسانية وخطورة التداعيات السياسية والأمنية التى قد تشعل المنطقة بأكملها

أما إسرائيل، فهى وحدها التى تقف عارية أمام الحقيقة :
تحتل نصف غزة، تحاصر شعباً بلا طعام أو دواء، وترفض وقف النار رغم قرارات الأمم المتحدة… ثم تدعى أنها "الضحية" !"
لكن خشية إسرائيل الحقيقية لا تكمن فى القرارات الدولية، وإنما فى تلك اللحظة الفاصلة التى تستيقظ فيها واشنطن على حقيقة أن هذا الكيان المتطرف تحوّل إلى عبء ثقيل يستنزف رصيدها وسمعتها، لحظة تُدرك فيها أن الدفاع عنه لم يعد ممكناً ولا مُجدياً… وهى لحظة تلوح ملامحها فى الأفق القريب

لقد دخل الصراع مرحلة لا تستطيع فيها إسرائيل أن تستمر كما اعتادت منذ عقود؛ العالم تغيّر، والموقف الدولى يتبدل، والشرعية الدولية التى كانت ورقاً بلا قيمة فى أعين الاحتلال أصبحت الآن شبحاً يطارد قادته فلا أحد يخاف الشرعية الدولية مثل من يعرف أنه يقف على أرض مسروقة
إن الطريق أمام الفلسطينيين والعرب ما يزال طويلاً، لكنه هذه المرة ليس طريقاً بلا ملامح. هناك مفترق واضح.. إما أن يُؤكد وقف إطلاق
النار ويتحرك العرب ككتلة واحدة لفرض الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وإما أن يُترك الاحتلال يجرّ العالم إلى فوضى لا موعد لانتهائها
لكن المؤكد أن صفحة جديدة فُتحت
صفحة لا يستطيع فيها العدوان أن يستمر بلا حساب، ولا يمكن فيها لصوت الضحية أن يُدفن تحت ركام الصمت الدولى كما كان فى السابق




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب