مع افتتاح المتحف المصري الكبير، يستعد الزوار لاكتشاف واحدة من أروع وأندر مجموعات الدولة القديمة، وهي مجموعة مقبرة الملكة حتب حرس، والدة الملك خوفو وزوجة الملك سنفرو، والتي تُعد من أثمن كنوز الحضارة المصرية التي سيحتضنها المتحف ضمن قاعاته الرئيسية.
مجموعة مقبرة الملكة حتب حرس قطعة فريدة من تاريخ مصر الملكي
تمثل هذه المجموعة قطعة فريدة من تاريخ مصر الملكي، إذ تكشف عن جانب دقيق من الحياة الجنائزية في الأسرة الرابعة، وعن مكانة الملكة التي أنجبت باني الهرم الأكبر، وارتبط اسمها ببدايات أعظم إنجاز معماري في التاريخ الإنساني.
تقع مقبرة الملكة حتب حرس، المعروفة بالرمز G7000x، إلى الشمال الشرقي من الهرم الأكبر بالجيزة. وقد اكتشفها عالم الآثار الأمريكي جورج رايسنر عام 1925 في بعثة تابعة لجامعة هارفارد ومتحف بوسطن للفنون الجميلة، بعد أن لاحظ وجود بئر غامض مربع المقطع ينحدر إلى عمق 27 مترًا.
وعند الوصول إلى قاع البئر، فوجئ فريق الحفائر بحجرة دفن مغلقة تحتوي على مجموعة مذهلة من الأثاث الملكي والأواني والحُلي وأدوات الزينة، تعكس جميعها دقة الصنعة وثراء الذوق الفني في تلك الحقبة من عصر الدولة القديمة.
ورغم أن المقبرة كانت قد تعرّضت للسرقة في العصور القديمة، فإن التابوت المصنوع من حجر الألباستر وُجد فارغًا، بينما ظلت الأواني الكانوبية مغلقة بإحكام وبداخلها الأحشاء الملكية، وهو ما مكّن العلماء من إعادة تصور طقوس التحنيط والدفن في بداياتها الأولى.
قام رايسنر بإعادة تركيب الأثاث الملكي الذي كان متناثرًا داخل المقبرة في عمل شاق ودقيق استمر سنوات، لتصبح هذه المجموعة اليوم واحدة من أروع ما وُجد من آثار الأسرة الرابعة، وتُعد مرجعًا أساسيًا لدراسة الطقوس والمعتقدات الجنائزية في مصر القديمة.
وتضم مجموعة الملكة حتب حرس أسِرّةً وأدوات زينة وأواني ذهبية وفضية وأثاثًا فاخرًا مذهّبًا يُظهر مهارة الحرفيين المصريين في النحت والتطعيم والتذهيب منذ أكثر من 4500 عام.
وقد كشفت الدراسات الحديثة أن بعض محتويات المقبرة تنتمي إلى عصر الملك سنفرو، بينما صُنعت أخرى في عهد ابنه خوفو تكريمًا لوالدته الملكة، مما يبرز مكانتها المتميزة في العائلة الملكية.
وتُعرض معظم مقتنيات المقبرة اليوم في المتحف المصري الكبير ضمن قاعاته المخصصة للدولة القديمة، في حين توجد بعض النماذج الأصلية أو النسخ المقلدة في متحف بوسطن للفنون الجميلة بالولايات المتحدة.