كيف تتحكم وسائل التواصل فى صحتك النفسية؟.. الاكتئاب والقلق أبرزها

الأحد، 02 نوفمبر 2025 10:00 م
كيف تتحكم  وسائل التواصل فى صحتك النفسية؟.. الاكتئاب والقلق أبرزها الاكتئاب

كتبت مروة محمود الياس

أصبحت منصات التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية لكل  الأشخاص حول العالم. وبينما تبدو وسيلة للتقارب والتفاعل ومتابعة الأخبار، يشير عدد متزايد من الدراسات إلى أن هذا العالم الرقمي يحمل وجهًا آخر أكثر تعقيدًا، خاصة حين يتعلق الأمر بالصحة النفسية والمزاج العام.

وفقًا لتقرير نشره موقع Verywell Mind، فإن الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يرتبط بتزايد مشاعر الاكتئاب والقلق، نتيجة التعرض المتكرر للمقارنات الاجتماعية، والأخبار السلبية، وأحيانًا التنمر الإلكتروني. ويبدو أن التفاعل المستمر مع الشاشات يُعيد برمجة طريقة إدراك الفرد لذاته وللعالم المحيط به، مما يخلق حلقة من التوتر النفسي يصعب الخروج منها بسهولة.

 

المقارنة 

من أكثر المظاهر وضوحًا في العلاقة بين المنصات الرقمية والمزاج البشري هو الشعور بالمقارنة الدائمة. فالمستخدم يتعرض يوميًا لعشرات الصور والمنشورات التي تُظهر الآخرين في لحظات مثالية من حياتهم. هذا التباين بين الواقع الشخصي وما يُعرض على الشاشة يولّد إحساسًا بالنقص أو بعدم الإنجاز، حتى لدى من يعيشون حياة مستقرة. تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يقضون فترات طويلة على مواقع التواصل هم الأكثر عرضة للشعور بالحسد والتقليل من الذات، مما يُفاقم الأعراض المرتبطة بالاكتئاب.

 

أخبار دائمة 

لم تعد الأخبار تأتي في مواعيد محددة كما في الماضي، بل تتدفق الآن بلا توقف عبر الهواتف المحمولة. ومعظم ما يُتداول على تلك المنصات يميل إلى السلبية — من الكوارث والأزمات السياسية إلى حوادث العنف والمآسي الشخصية. هذا التعرض المستمر لمحتوى مثير للقلق يجعل الدماغ في حالة تأهب دائم، فيرتفع مستوى هرمون الكورتيزول ويزداد الشعور بالتعب الذهني وفقدان الأمل. علماء النفس يُطلقون على هذه الظاهرة اسم “التمرير الكئيب”، وهي عادة تصفح الأخبار السيئة دون وعي حتى بعد الشعور بالانزعاج منها.

 

التنمر الرقمي: الخطر الخفي

قبل عصر الإنترنت، كان التنمر مرتبطًا غالبًا بالمدارس أو بيئات العمل. أما اليوم، فقد تجاوز الحدود المادية ليجد لنفسه مساحة واسعة في العالم الافتراضي. بضغطة زر واحدة، يمكن أن تُنشر إهانة أو إشاعة أو حتى مقطع مسيء ينتشر بسرعة هائلة. والنتيجة أن الضحية لا تجد مهربًا، إذ يستمر الأذى عبر الهاتف وفي كل لحظة من اليوم. هذا النوع من التنمر لا يترك كدمات ظاهرة، لكنه يترك أثرًا عميقًا على الصحة النفسية ويزيد من معدلات القلق والعزلة وحتى الأفكار الانتحارية في بعض الحالات.

 

الخوف من الغياب

واحدة من الظواهر التي ربطها العلماء بالاكتئاب الرقمي هي ما يُعرف بـ “الخوف من تفويت الفرصة” أو (FOMO). وهو شعور بالقلق من أن الآخرين يعيشون تجارب ممتعة في غيابك. كل منشور أو قصة تُعرض على الشاشة تُثير رغبة لا واعية في اللحاق بالآخرين أو إثبات الوجود. ومع مرور الوقت، يتحول هذا الشعور إلى ضغط نفسي دائم يضعف الثقة بالنفس ويُعزز التوتر.

 

حين يصبح الحدّ دواء

الخبر الجيد هو أن تقليل التفاعل مع وسائل التواصل لا يعني الانعزال التام، بل قد يكون خطوة علاجية فعالة. فقد أظهرت أبحاث متعددة أن تقليص وقت الاستخدام إلى أقل من ساعة يوميًا ينعكس إيجابيًا على المزاج والنوم والتركيز. كما يساعد الانشغال بأنشطة واقعية مثل المشي أو القراءة أو لقاء الأصدقاء على استعادة التوازن النفسي وتعزيز الإحساس بالانتماء الحقيقي بعيدًا عن المقارنات الرقمية.

 

العلاج يبدأ من الاستخدام الواعي

يؤكد الخبراء أن الحل ليس في ترك المنصات، بل في تعلم إدارتها بوعي. تحديد أوقات ثابتة للتصفح، وإيقاف الإشعارات، وعدم متابعة الحسابات التي تثير مشاعر سلبية، كلها خطوات بسيطة لكنها فعالة. كما يمكن للتأمل والتنفس العميق أن يُعيد ضبط الإيقاع الذهني بعد فترات طويلة من التصفح المرهق.

في النهاية، لا تُعد وسائل التواصل الاجتماعي عدوًا مباشرًا للصحة النفسية، لكنها كأي أداة قوية تحتاج إلى وعي وانضباط في استخدامها. فبين منشور إيجابي يرفع المعنويات، وآخر سلبي يثير الحزن، يكمن التحدي في أن نكون نحن من يتحكم في الشاشة لا العكس.

 

 



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب